Sonntag, 8. Juli 2007

آرام كربيت -الرحيل إلى المجهول- العفو




الرحيل إلى المجهول ــ العفو ــ

آرام كربيت

مع سقوط جدار برلين وأنظمة دول أوربا الشرقية ومنهم رومانيا. صار الشارع في سورية يلقب حافظ الأسد بشاوشيسكو الشام. لقد كتب بعض الشباب على الجدران في بعض المدن السورية شعارات من هذا النوع. وتدعو للأطاحة به.
كان الشعور السائد لدى الناس هو قرب أجل الأنظمة العربية وسقوطها. مما حدا بهذه الأنظمة أن تستبق الزمن والأحداث وترتب وضعها قبل أن تفلت زمام المبادرة منها. وتراقب التطورات الدولية وخاصة في المطبخ الكبير.. أقصد الولايات المتحدة الأمريكية.
جرت إعتقالات واسعة في العديد من المدن على هذه الخلفية.
لقد أعتبرت السلطة في بلادنا أن من يقوم بهذه الأفعال هي أحزاب سياسية. مما حدا بها لتأديب الناس وترويعهم


عبرأعتقالات متعددة. أستخدمت فيها أساليب قاسية وفظيعة في التعامل مع المعتقلين الجدد.
لقد أعتقل الأمن السياسي المهندس منير فرنسيس وقاموا بتصفيته جسدياً ومات تحت التعذيب بعد أيام من أعتقاله. وقد نجا



الرفيق والصديق المهندس سمير حداد من الموت بأعجوبة. لقد مزقوا الطبقة السفلى من قدميه من كثرة الضرب والتعذيب. بعد ذلك وضعوه في قسم العناية المشددة في المستشفى لمدة طويلة. كما أعتقلوا يوسف غيث الشاب الذي لم يكن يتجاوز العشرون من العمر. وبعد علاج سميرحداد جاؤوا به إلى سجن عدرا مع يوسف غيث.
وفي هذا العام أيضاً اعتقلوا الأخ والصديق مازن علي شمسين والفنانان عماررزق ومعتصم رافعة من حزب العمل الشيوعي. وضعوهم في الزنازين الأفرادية عدة أشهرقبل أن يجلبوهم إلى سجن عدرا.
كذلك أعتقلوا رسول الجوجو وعماد سنجقدار/ أبو عصام/ وماجد عالول من مدينة سرغايا وكانوا متهمين بالأنتماء إلى حزب البعث العربي الأشتراكي/العراق/.
كان سمير حداد ومنير فرنسيس ويوسف غيث من مدينة يبرود التابعة لمحافظة ريف دمشق.
فتحت الزيارة الدورية لكل السجناء ومنهم أنا. وتحسن وضعنا إلى حد كبير من حيث كميةالأكل ونوعيته.
جاء والدي ووالدتي بعد ثلاث سنوات من الأعتقال.
لأول مرة أراهم وألتقي بوجوههم. كانت والدتي تصرخ وتولول من وراء الشبك عندما رأتني. كانت المرة الأول في حياتي أبتعد عن البيت والأهل. بأعتقالي حدث تحول كبير في بيتنا. هاجرت اختي أرشلوس وأخي هاكوب وسيلفا وتالين بالإضافة إلى أختي صونيا إلى السويد. ولم يبق في البيت إلا أبي وأمي.
بل لقد تشردت الأسرة كلها.
لقد بقيت وحيداً مرة أخرى. كان لدي إحساس بخواء المكان.
أدخلوا جميع الكتب من إصدارات مكتبة الأسد في دمشق.
قرأت مثل غيري من المعتقلين الكثير من الكتب. منهم على سبيل المثال مؤلفات مهدي عامل وسمير أمين وبرهان غليون والطيب تيزيني وجورج طرابيشي بالإضافة إلى كتب التراث والكتب التأريخية التي تتناول شؤون عالمنا العربي والاسلامي. قرات الكتب التي تتناول التأريخ الأسلامي بشغف لحبي للتأريخ وللتأريخ الأسلامي تحديداًبالإضافة إلى الروايات والكتاب الغربيين. كما كان متوفراً في مكتبة السجن مجموعة رائعة من الكتب مثل: مجلدات الطبري وطه حسين وعباس محمود العقاد ومذكرات شارل ديغول. وأدخل السجناء مجموعة محمد عابد الجابري والنزعات المادية في الفلسفة العربية والاسلامية لحسين مروة والأنبياء الثلاثة لأسحق دويتشرالذي يتحدث فيها عن مسيرة تروتسكي وكتب عديدة ومتنوعة ولا يمكن حصرها هنا. كانت الكتب تنتقل بالدور من يد ليد وتسجل بالدور.
ولأول مرة يدخل إلينا الطعام من خارج السجن عبر الزيارات.
الكثير من المعتقلين كانوا يمارسون الرياضة البدنية.
كنت أمارس الرياضة البدنية بأنتظام طوال السنوات الثمانية لسجني في سجن عدرا. بل أكاد أجزم إنني كنت الأفضل على هذا الصعيد. كنت أمارس الرياضة القاسية يومياً على الأقل ساعتين في النهار عدا المشي اليومي الذي يتجاوز الساعتين أيضاً.
بأستثناء الحرب بين مشيل عون والنظام السوري وخروج النظام العراقي من الحرب مع إيران ودخوله في الصراع المباشر في شؤون المنطقة من لبنان إلى إسرائيل إلى سورية كان الوضع الدولي هادئاً.
دخول العراق في الصراع الدائر في لبنان كان التمهيد لتغيير أوراق اللعب في منطقة الشرق الأوسط. كنا نتساءل:
هل النظام العراقي يلعب هذا الدور لوحده أم هناك تغيرفي الموقف من الدور السوري في لبنان.
لقد تنبأ الصديق مصطفى حسين بدخول العراق للكويت في بدايات شهر شباط وآذار من نفس العام. كان يقول:
ــ صدام سيدخل الكويت أو سورية.. لأمجال أخرلديه. ويضيف:
ــ لديه مليونان من المقاتلين تحت السلاح.. ولا يمكن تسريحهم أوأنهاء دورهم أوالأنفتاح على المجتمع. الأنظمة الدكتاتورية تختزن موتها وقبرها في داخلها. إما سقوط النظام من الداخل أو الحرب. دائماً كان يرجح دخول الكويت ولكنه كان يتابع:
ــ لكن إذا دخل النظام العراقي إلى الكويت سيكون ذلك نهاية نظامه. لكن:
ــ إذا أراد صدام الحفاظ على بقاءه في حال أحتل الكويت عليه أن لا يتوقف.. عليه إحتلال الخليج كله. هذا سينجيه من ضربة أمريكية أكيدة.
أثناء التحضيرالأمريكي للحرب.. كان جو العام للسجن صعباً للغاية. كانت النفوس مضطربة.. محتقنة فيها شعور بالمرارة والخوف. كان الأنقسام في المواقف بين المعتقلين عمودياً وحاداً.. ولا حلول وسط في هذا الأمر. كان القسم الأكبريعرف أن العراق سيتكسر تحت الضربات العسكرية الأمريكية. وإنكشاف إن الولايات المتحدة الامريكية كانت تحتاج لهذا التبريرمن أجل عودة الاستعمار وإملاء الفراغ الذي شكله أنحسار الدور السوفييتي في العالم. كان على الدولة المهيمنة على العالم أن تقوم بدورها كقائدة النظام العالمي وسيدته. من أجل أن تكرس بقاءها كسيدة على العالم لأطول مدة ممكنة.
بتقديري أن ضرب العراق يساوي إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما.. من أجل أن تقول للعالم أجمع أنا سيدكم وقائدكم.
مع إنتهاء ضرب العراق تقدمت منطقة الشرق الأوسط خطوة إلى الأمام.
عقد مؤتمر مدريد وجلست الأطراف العربية المهزومة مع أسرائيل وجهاً لوجه بشكل مباشر أمام الأعلام العالمي. لم تعد الولاليات المتحدة الامريكية تقبل لعبة التورية التي كانت تمارسها مع الأنظمة أثناء الحرب الباردة. لقد طالبت الأنظمة المأفلسة.. العربية أن تكشف عن عريها أمام العالم أجمع.
مع بداية العام 1991. في 2/1/1991/ جاء المساعد أول أحمد عكاوي إلى السجن وكان مكلفاً من قبل الشعبة السياسية أن يجري سبرعام عن وضع كل سجين والتطورات التي طرأت عليها خلال هذه المدة الطويلة من إعتقله. لقد ألتقى هذا المساعد وعلى مدى أربعة عشرة أيام مع كل المعتقلين من أجل معرفة ماذا حصل لهم من خراب أو أنهيار.. والتمهيد للأفراج عنهم.
من خلال السبر.. تم أختيارالمعتقلين المرشحين للأفراج عنهم.
بدأ النظام يفرج عن المعتقلين مع بدايات عام 1991. بدأ من سجن صيدنايا بشكل تدريجي وذلك منذ نيسان وصيف ذلك العام. ثم أفرج عن النساء في تشرين الأول. أرفقها بالإفراج العام والعلني عن المعتقلين السياسيين من كل الأتجاهات.. الإخوان المسلمين والبعث العربي الاشتراكي / العراق/ والبعث الديمقراطي/ صلاح جديد/ والحزب الشيوعي المكتب السياسي وحزب العمل الشيوعي وغيرهم وقد صرح عبر إذاعته بالأفراج عن 2864 معتقل.
كان ذلك أول أعتراف للنظام بوجود معتقلين سياسيين في سجونه.
يوم السبت في 14/12/1991.
في صباح ذلك اليوم جاءت مفرزة من الفرع وأخذوا المعتقلين من نقابة المهندسين.. منهم المهندس سليم خيربك والدكتور المهندس جلال الخانجي والدكتور المهندس نبيل سالم والمهندس عبد المجيد الأخرس وغيرهم ومعهم المعتقلين من حزب البعث الديمقراطي/ صلاح جديد/.
عند الساعة الخامسة مساءاً صاروا يأخذوننا مجموعات مجموعات.. من حزب العمل الشوعي والحزب الشيوعي المكتب السياسي والمتهمين بالانتماء إلى الإخوان المسلمين وحزب البعث العربي الأشتراكي.
لقد استثنوا من العفو المشروط قيادات الأحزاب السياسية في السجون. كما استثنوا معتقلين عاديين من بعض التنظيمات لأسباب لا أعرفها.
عندما اخذوا دفعتي.. كنا 16 فرداً من الحزب الشيوعي /المكتب السياسي/ وستة أعضاء من التنظيم الشعبي الناصري.
لقد استثنوا من الحزب الشيوعي المكتب السياسي: أحمد فايز الفواز ومصطفى حسين وعمر قشاش وأمين المارديني.
لقد أخذونا في مكروا باص إلى فرع التحقيق المركزي/ فرع الفيحاء/ وعرضونا على لجنة أمنية مشكلة من:
العميد محمد سيفو والعميد نزيه النقري والعميد وليد طه والعميد أحمد خليل والعقيد عدنان محمود.. بينما كان المقدم عبد الرزاق المطلق يفتح الباب ويغلقها لأسياده.. من أجل إدخال المعتقلين على اللجنة الأمنية من كبارضباط الأمن السياسي في الشعبة السياسية وإخراجهم عندما ينتهون من مساومتهم.
يدخل كل فرد على حدة إلى اللجنة الأمنية.
كنا في القبو.. يبدو إنه مركز تحقيق.. فيه الكثير من الزنازنين. نصعد على الدرج وندخل إلى اللجنة ثم نخرج من طريق أخر.
سأتكلم عن نفسي لأن ما حدث معي حدث مع غيري بالتأكيد.
دخلت إلى الغرفة فوجدت الضباط وراء الطاولة وبيدهم أوراق وأسماء كل معتقل.. وتفاصيل مختصرة عن مدة سجنه وأنتمائه السياسي. سألني أحدهم لا أعرف من هو بالضبط لأنني كنت متوتراً:
ــ هل تنسحب من الحزب الشيوعي/ المكتب السياسي/. قلت:
ــ لا.. لا أنسحب من الحزب. قال:
ــ أذهب.
مسكني المطلق وسلمني لشرطي أخر..الذي قادني إلى القبو في فرع الفيحاء. فوجدت هناك مجموعة من رفاقي.
في الجولة الأولى من المساومة رفض 12 عضواً من الحزب الشيوعي/ المكتب السياسي/ الشروط التي ألقيت عليه.
أخذونا في مكرو باص إلى السجن.. فوجدنا أن هناك أن ستة من حزب العمل الشيوعي قد رفضوا أيضاً وستة من البعث الديمقراطي / صلاح جديد/ رفضوا هم أيضاً. بالإضافة إلى عادل صهيوني من التنظيم الشعبي الناصري وسليم خيربك من نقابة المهندسين.
كان العدد كبيراً. لقد ذهل الضباط. فقد رفض 26 من المعتقلين لشروط العفو بعد سنوات طويلة من الإعتقال.
تركونا في مهاجعنا ولم يطرأ أي تغييرعلى وضعنا إلى أن جاء ذلك اليوم.. وذلك في 18/12/1991 وكان يوم الأربعاء صباحاً.. أخذوا الشباب الستة من حزب العمل الشيوعي إلى الفرع ولم أراهم منذ ذلك الوقت. وحوالي الساعة الثالثة ظهراً جاء العقيد عدنان محمود إلى الجناح وراح يتكلم مع أحمد فايز الفواز. قال له بالحرف:
ــ أريد منك أن تقنع الشباب من أجل أن يخرجوا من السجن. رد عليه الفواز:
ــ هذا الموضوع لا أستطيع أن أقرره على الأطلاق. هذه مسألة شخصية تماماً. وكل عنزة معلقة من كرعوبها. رد عليه العقيد:
أريدهم أن يخرجوا من السجن وأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية.. أن لا يبقوا في السجن. قال الفواز:
أفرجوا عنهم بدون شروط ما دمت تتكلم بهذا الحنان. أفتحوا لهم الباب من أجل أن يذهبوا إلى حياتهم. قال:
الأمر ليس بيدي.. إنها أوامر القيادة.
لقد حاول بكل الوسائل أن يرغم الفوازعلى القبول بأقناعنا.. من أجل أن يتكلم معنا.. لكنه جوبه برفض قاطع. والحقيقة.. أن الفواز لا يستطيع أن يتدخل في هذا الشأن على الأطلاق.. لأن كل معتقل سيد نفسه وسيد قراره.
في مساء ذلك اليوم أخذونا إلى الفرع مرة ثانية وكنا /12/ عضواً من الحزب الشيوعي المكتب السياسي وستة من حزب البعث الديمقراطي/ صلاح جديد/ وأستثنوا المهندس سليم خير بك لانه تكلم مع اللجنة الأمنية مطولاً.. فاعتبروا موقفه صلباً ولا فائدة من مساومته مرة ثانية.. كما استثنوا عادل صهيوني/ أبو صبحي/ من التنظيم الشعبي الناصري للسبب ذاته.
كنا في القبو.. كل واحد ينتظر دوره من أجل الدخول إلى المساومة مرة أخرى. أدخلونا إلى مكتب العقيد عدنان محمود. كنت أتوقع ان نلتقي باللجنة الأمنية مرة أخرى. لكني فوجئت بوجود اللواء عدنان بدر حسن رئيس الشعبة السياسية وراء الطاولة وإلى جانبه العقيد عدنان محمود. رحب بي وقال لي أجلس. جلست على الكرسي. قال لي:
ــ لقد أصدر السيد الرئيس عفوعنك ونريد منك أن تذهب إلى بيتك. قلت له:
ــ وأنا أريد أن أذهب إلى بيتي وتابعت: لا أحب أن أبقى في السجن. قال:
ــ ممتاز.. إنك تقرب المسألة.. سنخفف الشروط. فقط أنسحب من الحزب وسنفرج عنك. قلت:
ــ لا .. لا أنسحب من الحزب. كان يتكلم بلطف جم. لم يبرز أنيابه. قال:
ــ مازلت شاباً وفي مقتبل العمر.. وأضاف: لا أريدك أن تضيع خلف القضبان. أخرج من هذا المكان.. إنه لمصلحتك. قلت:
ــ أنا أعرف مصلحتي ولا أنسحب من الحزب. قال:
ــ جسناً ستبقى في السجن. قلت:
ــ أعرف إنني سأبقى في السجن.
نزلت إلى القبو فوجدت سبعة من رفاقي هناك.. وبينهم شرطي يمنعهم من التكلم مع بعضهم. كان هناك فرحان نيربيه.. والمرحوم رضا حداد.. وعدنان مقداد.. وعدنان أبو جنب.. ومحمد خير خلف.. ويوشع الخطيب.. ونقولا الزهر.
عدنا ثمانية أفراد إلى السجن.
في أثناء عودتنا إلى السجن.
كان معنا في المكرو مجموعة من 25 فرداً من الإخوان المسلمين.. كانوا قد جلبوهم من سجن تدمر العسكري. عادوا معنا إلى سجن عدرا وكانوا قد ألبسوهم ثياب عسكرية خضراء وحذاء رياضي. عندما وصلنا.. عزلوهم في مهجع خاص.. لم نحتك معهم أبداً. لقد تركوهم هناك بأنتظارخطاب القسم لحافظ السد في 12 آذار. كان الفرع يتوقع ان يتم الأفراج عنهم. لكن لم يتم شيء من هذا القبيل لذلك أعادوهم إلى تدمر مرة أخرى بعد خطاب المقبور حافظ الاسد.
وفي 24/ 12/ 1991 أخذوا مجموعة أخرى مؤلفة من ستة أفراد من السجن من مختلف الاحزاب وأفرجوا عنهم في نفس اليوم وكان ذلك يوم الثلاثاء.
بقي في الجناح 41 فرداً. بعد أن كان بحدود مئة وخمسون فرداً.
تم توزيعنا على المهاجع وعملوا علينا حصار.. منها حرماننا من التنفس والخروج إلى الممر والباحة.
كنا نخاف أن يرحلوننا إلى سجن تدمر العسكري.
يتبع..
آرام كربيت



----------------------------------------

ومئة يتسولون فرصة عمل
الإقتصادية
فروقات بين الطبقات ومزيد من الفساد نتيجة الدخول الضعيفة..السوريون..


واحد يزداد ثراء ومئة يتسولون فرصة عمل

ومئة يتسولون فرصة عمل . .!
فالأسعار والأجور مرآة عاكسة للواقع الاقتصادي والاجتماعي، فالصور لا تحتاج إلى شروحات وواقعنا يدل وبمنتهى الوضوح على ان خللاً كبيراً حاصل.. فلا الأسعار مناسبة ولا الأجور معقولة..!وما يحصل الآن أن تصريحات للمسؤولين تقول بزيادة في النمو الاقتصادي والاستثمارات من دون أن تكون هناك قوة شرائية قادرة على امتصاص هذا النمو، وحتى الآن لا يتحدث أحد منهم عن زيادة في الرواتب والأجور فقط يتحدثون عن دخول الاستثمارات وأرقام تفاؤلية جداً عن الصادرات ونموها- والنمو الاقتصادي- وقلة نسبة البطالة.. فما الفائدة من كل ذلك إذا كانت الدخول متدنية ولا تتناسب مع الأسعار؟..وما الفائدة من بناء الفنادق والمنشآت إذا كان لا يوجد احد يستطيع أن يذهب اليها..؟حال السوريين هذه الأيام.. واحد يزداد ثراء ومئة يتسولون لقمة العيش على الأرصفة.. والمواطن صار أسيراً لمعادلة العرض والطلب وتحسين الدخول مؤجل على عكس ما صرحت به الحكومات المتعاقبة بأن الدخول سيتم إصلاحها.. لكن ذلك بقي كلاماً وما حصل سوى ترقيعات لواقع هش واصطدم بقلة الموارد وبحالات الفساد والتهرب الضريبي وعدم الوصول إلى رؤية صائبة ومحددة تؤطر وبصراحة مقومات النفط وإمكانيات تغذيته للموازنة إضافة إلى جانب القصور في الإصلاحات الإدارية والاقتصادية.اختلفت الآراء والطروحات حول مسببات التردي في الدخول فبعضها يشير إلى البترول الذي أمن المزيد من القطع الأجنبي ما قلص العجز في الموازنات وخلق انطباعاً بأن الاقتصاد السوري في وضع جيد لأن المؤشرات الكلية كانت جيدة ولكن في العمق كانت الأوضاع عكس ذلك تماماً حيث كان تدني مستوى النمو وازدياد الفقر والبطالة وازدياد مشكلات القطاع العام والخاص.. فنعمة النفط أعطت شعوراً بالاطمئنان الكاذب.. وعلى عكس ذلك تذهب بعض الآراء الى أن مسألة التراجع في نمو الدخول ومستويات المعيشة عند السوريين كانت بسبب إعطاء القطاع الخاص حرية أكبر في التحرك والمرونة فأخذ الكثير من الإعفاءات التي لم يستفد منها سوى فئة قليلة من القطاع الخاص حققت منافع أضرت بالاقتصاد الوطني إضافة إلى ممارسات خاطئة من جانب هذا القطاع كتهربه من استحقاقاته الاجتماعية وهروبه من دفع الضرائب وتسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، فمن هنا برزت تلك الهوة السحيقة بين الدخول والثروات.ويعزى التعثر والركود الاقتصادي إلى السياسات المالية التي كانت متبعة (سياسة انكماشية) عبر عقول محاسبية رديئة قامت على أساس تخفيض الإنفاق إلى اقصى الحدود علماً أن التطور الاقتصادي يقاس بمستوى الإنفاق وهذا أدى إلى تراجع في مستوى الخدمات كلها.. إضافة الى الرؤية القاصرة لقراءة الاقتصاد السوري خلال التسعينيات والمراهنة على القطاع الخاص الذي لم يحقق الهدف المنشود كما يجب..ليست مفاجأة أن تعلن الاقتصاد قبل مدة أن 77% من دخل المواطن السوري يذهب لتأمين احتياجاته من الطعام والشراب.. فماذا بقي له كي يوفر احتياجات ومستلزمات الحياة المعيشية..؟ وماذا يعني ذلك الرقم..؟ وماذا قدمت الحكومة حيالها..؟وما خطتها للتخفيف من أعباء ومعاناة ذلك المواطن..؟
سوء بتوزيع الدخل
الدكتور مطانيوس حبيب وزير النفط الأسبق والاستاذ بجامعة دمشق- كلية الاقتصاد تحدث بشفافية تامة موضحاً أن الحديث عن الدخول في سورية أمر مهم ويحتاج إلى ساعات طوال لأنه ذو شجون ويمس بواقعية صوابية القرارات والتوجهات التي تعمل الحكومة على ترجمتها.. وبداية القول: إن الواقع يستدعي الوقوف وبجدية تامة.. فالنفط يميل للانخفاض أمام قلة من الموارد لتحسين الدخول وخفض الضرائب أمام حركة استثمارات ليست مشجعة.. والأسعار مرتفعة بسبب فلتان السوق وانتهاج الحكومة أو الدولة منهجية منطق السوق.وأقترح هنا على الحكومة أن تنتبه لمسألة عدالة توزيع الدخول وبقاء هذا الموضوع جانباً سيؤدي إلى زيادة الفقراء.. فإعطاء أصحاب الدخول المحدودة دخولاً مقبولة ضروري من أجل زيادة الطلب الاستهلاكي حتى لا نقع في مشكلة الركود الاقتصادي. ما يحصل كثرة بالاستثمارات أمام تخفيض الضرائب، والدخول قلت وهذا سيؤدي إلى الركود وانقسام المجتمع إلى فئتين: غنية جداً وفقيرة من أهم مفرزاتها الاضطرابات والمشكلات الاجتماعية.. ولا أظن والكلام للدكتور مطانيوس أن فتح الباب واسعاً أمام الاستثمارات دون ضرائب يمكن أن يحقق قفزة حقيقية لكن هناك الكثير من العراقيل كالروتين والفساد كلها ستبعد المستثمرين الجادين بمحاولة مشاركة البعض في دخلهم لهم. وفي حالة أخرى قد يؤدي استئثار القلة بالثروة وجمعهم للمال إلى ارتفاع في النمو ولكنه لا يمكن أن يكون نمواً صحياً إنما (نمو ماكر) لا يستثمر طويلاً باعتبار أنه لا يقوم على قاعدة نمو ذاتية صحيحة.. فيكفي أن تحارب الصادرات السورية في أي بلد حتى ينعكس ذلك على النمو الاقتصادي مباشرة..هناك عقبات حقيقية أمام تحسين الدخول في سورية من أهمها: التهرب الضريبي الكبير- انخفاض مستويات النفط لكوننا بدأنا باستيراد مشتقات نفطية أكثر من تلك المصدرة، إضافة لذلك تخفيض الضرائب التي اعتمدناها تشجيعاً لدخول مستثمرين جدد.. كل هذه المسائل المهمة معوقات أمام تحسن الدخل في سورية وحصلت دون أن تدرك الجهات المعنية آفاق المستقبل ومخاطره.والأمر الآخر الذي له صلة بكل ذلك هو إشكالية أرقامنا فكل خططنا وموازناتنا تعتمد على أرقام تقديرية حيث انه لا نملك أرقاماً فعلية لغياب الأتمتة.. فكل جهة لديها أرقامها..فإذا لم تتنبه الحكومة إلى مسألة إعادة توزيع الدخل بحيث يخلق توازناً بين الإنتاج والدخل فإنه يخشى أن يصاب النمو بانتكاسة جديدة.إن متوسط أجر العامل الواحد أقل من 5000 ل.س شهرياً واذا علمنا أن عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها المواطن كي يبقى على قيد الحياة هي بحدود 2400 حريرة يومياً تصل تكلفتها الشهرية إلى 1695 ل.س شهرياً وباعتبار أن متوسط حجم الأسرة السورية هو 5 أفراد، ينتج عن ذلك أن إنفاق الأسرة المكونة من 5 أفراد على السلع الغذائية التي تسمح بتأمين 2400 حريرة يومياً لكل من أفرادها يساوي قرابة 9500 ل.س شهرياً وإذا أضفنا إلى ذلك انفاق الأسرة على السلع غير الغذائية للحياة اليومية العادية فإننا نجد أننا بحاجة إلى 24 ألف ل.س شهرياً وهو الحد الأدنى لمستوى المعيشة الذي لا يؤمن لوسطي الأسرة السورية أكثر من مستوى الكفاف.فأجور القطاع العام غير مقبولة وتستدعي الحاجة معالجتها ومضاعفتها أكثر من مرتين على أقل تقدير.وهكذا فالسياسات السابقة قد فشلت في تحقيق أهداف تحسين الدخول للسوريين وتحسين مستوى معيشتهم وتخفيف وتائر البطالة والفقر وأفرزت إلى الوجود طبقة معينة استفادت من مكامن الانفتاح بفعل الاحتكار وجمعت ثروات هائلة.وفي مؤشرات للمكتب المركزي للإحصاء أن حد الإعالة 4.1 أفراد للأجر وهكذا فإن وسطي تكاليف المعيشة للأسرة السورية للإنفاق على الغذاء شهرياً يعادل 5910 ل.س وإجمالي الإنفاق الشهري على المواد غير الغذائية للأسرة السورية يعادل 4010 ل.س بحيث يكون متوسط إنفاق الأسرة السورية على السلع الغذائية وغير الغذائية شهرياً قرابة عشرة آلاف ل.س.. فأي أجر أو دخل أسروي يستطيع تأمين هذه المواد.فالزيادات التي طالت الأسعار في السوق الداخلية وانخفاض القوة الشرائية الحقيقية أدت فعلياً إلى تآكل القيمة الحقيقية للرواتب والأجور، الأمر الذي يدل بوضوح تام على المعاناة غير المحدودة لذوي الدخل المحدود بصورة خاصة.وهنا فإن إعادة التقييم الصحيح اقتصادياً يتطلب إعادة النظر بالسياسات السعرية والإجراءات الاقتصادية بشكل شامل وتعديل الرواتب والأجور، وكمهمة سريعة زيادة الرواتب والأجور بمعدل لا يقل عن 50% على الأقل ويترافق ذلك مع تنظيم الإدارة الإنتاجية وتحسين التسويق وإصلاح القطاع العام وتعزيز قدرات القطاع الخاص المنتج.لقد عملت سياسة تحطيم الرواتب عملها في تحفيز وتبرير جميع أشكال الانحلال البيروقراطي والفساد الإداري وذلك لتغطي هذه الممارسات اليومية على الأنواع الأخطر من الفساد الاقتصادي التي تفرط بالمصالح العامة ومن ناحية أخرى فقد انصبت اتجاهات الموازنة العامة ومنذ بداية الثمانينيات على زيادة الإيرادات وتخفيض الإنفاق دون دراسة علمية لآثار بعض النتائج الوخيمة الناجمة وانصب تخفيض الإنفاق بالدرجة الأولى على تجميد الأجور وتخفيض الإنفاق الفعلي الموجه للاستثمار.. الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لفئات محدودة الدخل وزيادة العاطلين عن العمل وإلى عدم تحقيق الطاقات الإنتاجية المتاحة.إن 70% من العاملين في الدولة لا تغطي أجورهم وسطي تكاليف الإنفاق على المواد الغذائية فقط علماً أن وسطي رواتب العاملين في الدولة وبعد زيادات الرواتب الأخيرة يعادل 6 آلاف ل.س شهرياً.. ولهذا فإن الأجور المنخفضة تعد مشكلة أساسية ورفعها يحتاج إلى روافع اقتصادية لزيادة الاستثمار والإنتاجية مع الأخذ بعين الاعتبار مهمة رفع القدرة الشرائية وتوفير فرص عمل حقيقية لتخفيف البطالة.. فالفجوة الناجمة أيضاً من مداخيل العام والخاص هي فجوة مضرة للغاية وهي أيضاً من أهم مصادر الرشوة والفساد في البلد.
إلغاء قانون العاملين الموحد
الدكتور إبراهيم عدي استاذ المحاسبة في كلية الاقتصاد يقول: إن تحسين الدخول يأتي عن طريق محاربة التهرب الضريبي والذي يصل إلى 200 مليار ل.س خلال عام 2006، وحسب رأيي فإن عاملاً محبطاً يقف وراء تدني الدخول في سورية وهو أمر يجب الانتباه إليه ومعالجته.ومن ناحية ثانية لابد من عقلنة الإنفاق العام وتتجسد صوره في لجان المشتريات مثلاً فممارساتها واضحة وتدل على ارتكابات من الأخطاء والفساد وهي متسلحة بالقانون 60 الخاص بعمل لجان المشتريات الذي قونن أخطاءها.ومن الواجب اتباعه أيضاً تخفيض أعداد السيارات الحكومية عندها نحد من الهدر الحاصل فالكل يعرف مدى الخسائر التي تتكبدها الموازنة لتغطية نفقات ضخمة تذهب في أحيان كثيرة خدمة لمصالح شخصية لا تنعكس إيجاباً على المصلحة العامة، كذلك أيضاً يضيف د. عدي: العمل على إيجاد قوانين عمل قطاعية مرتبطة بنشاطات النقابات وبمعنى أكثر وضوحاً إلغاء قانون العاملين الموحد وإيجاد (قانون عمل) وإلغاء السقوف للرواتب والأجور والتعويضات فهي غير متناسبة مع ما طرأ وطال الأسعار في الأسواق.فالقطاع العام هو القاعدة الأساسية للتنمية الوطنية وتوافر الشروط الموضوعية والذاتية والتحفيزية لنجاح وتطور القطاع العام والخاص واستغلال الطاقات المتاحة، وتخفيض الهدر المتعدد الجوانب شرط أساسي للتنمية الوطنية فالصمت عن استباحة دم القطاع العام والعبث اللامسؤول داخل مؤسساته وشركاته لا يقل خطورة عن خصخصة وتصفية هذا القطاع.فهل يعقل أن 96% من فئات العاملين في الدولة لا تغطي رواتبهم وسطي تكاليف المعيشة وحوالي 69% من العاملين في الدولة لا تغطي أجورهم وسطي الإنفاق على المواد الغذائية فقط..؟! هذا التناقض بين تكاليف المعيشة والرواتب والأجور أهم مصادر الرشوة والفساد وبؤس وفقر أصحاب الدخول المحدودة قليلي الحيلة والطريقة وهم كثر جداً..وفي كل الأحوال فإن عملية الانتقال إلى مفهوم اقتصاد السوق السائد يتطلب تماماً وجود قطاع خاص قادر ومستعد للنهوض بالمسؤوليات التي يتطلبها برنامج الإصلاح والنمو الاقتصادي وعدم الاستعجال في جني الثروة بطرق غير مشروعة كما حصل فتشديد الرقابة على الاحتكارات والحيلولة دون قيام اتفاقات غير مشروعة لاستغلال السوق بطرق احتكارية أو شبه احتكارية ضرورية في هذه الظروف كذلك لابد من التوفيق بين المنفعة الخاصة والمصلحة العامة عن طريق الضرائب والإعانات الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل القومي في مصلحة الفئات الكادحة وذوي الدخل المحدود من خلال تطبيق نظام ضريبي صارم وعادل تتحمله الفئات الغنية لمصلحة الفئات محدودة الدخل.ويبقى تدخل الدولة أساسياً لإصلاح المجالات الإنتاجية واتخاذ العديد من الإجراءات الاقتصادية لروافع النمو والاستثمار الاقتصادي والنوعي ليس بالأرقام فقط بل بالمعطيات والشواهد إضافة لاستغلال الطاقات المتاحة وتخفيض الهدر وقبل كل شيء تطبيق مفاهيم الإدارة الحديثة عن طريق نظام محاسبة المسؤولية وتقييم الأداء.
أسياد وفقراء
أما الدكتور علي جورية فله رأي مختلف حول الدخل:إن الحديث عن الدخل ذو شجون لذلك لا أدري من أين أبدأ وعلى أي معيار يجب أن أعتمد، وأية أرقام يجب الأخذ بها صادرة عن مؤسسات حكومية أو مؤسسات وشركات عامة دراسة أو خبراء من خلال استمارات وبيانات موزعة على شرائح مختلفة من المجتمع، لذلك موضوع الدخل له عدة معايير وعدة مقاييس فدخل الفرد لدينا يقاس من خلال جهة العمل التي يمارسها إما موظف حكومي يعمل في إطار الإدارة العامة للدولة أو لدى القطاع الخاص وهنا تختلف الرواتب والأجور والميزات التفضيلية لكل جهة يعمل بها الفرد فالعامل في الدولة متوسط دخله (7000) ل.س حالياً لدينا كراتب بغض النظر عن الميزات التفضيلية في بعض الوظائف والمواقع فلا يمكن أن أقارن موظفاً راتبه (7000) ل.س يعمل في إدارة الجباية المالية أو الجمارك أو على الصناديق المالية أو لجان الشراء أو المناقصات... إلخ، مع أي نوع من أنواع العمل الذي يكون له صفة التعامل المباشر مع المواطن ويحقق إضافة إلى الأمور الوارد ذكرها دخلاً إضافياً، إلى موظف أو عامل في الدولة يعمل فقط لقاء راتبه دون أية ميزات مماثلة.المجموعة الأولى تراها تزدهر وتحقق كل ما تريد من حياة جميلة ورفاه وتمتلك وسائل الرفاهية والراحة الخاصة من خلال ما تحصل عليه من خبرات تفصيلية لقاء عملها هذا والمجموعة الثانية تعاني الفقر والضيق المادي حسب عدد الأولاد ووضع الأهل والمساعدات الخارجية من الأقارب ونرى هذه المجموعة في كثير من الأحيان تلجأ للعمل لاحقاً في أي عمل ثان خارج أوقات الدوام للحصول على الحد الأدنى من الحياة الكريمة وهذه المجموعة تشكل النسبة العظمى والغالبة من عمال موظفي الدولة.وهذا الواقع الحالي من الدخل هو أحد أسباب الرشوة والفساد والتدهور الإداري والاقتصادي التي تعاني منها الإدارة العامة الحكومية في بلدنا.أما القطاع الخاص فأيضاً يمكن تصنيفه من خلال الدخل إلى مجموعتين:أصحاب العمل وملاك الشركات الاقتصادية وطبقة الأسياد والطبقة الغنية والتي تعيش في بحبوحة مادية في أغلب الأحيان.مجموعة العمال وتنقسم أيضاً إلى مجموعتين:عمال عاديون برواتب متواضعة أقل من رواتب القطاع العام وهي الغالبة في أكثر الأحيان.العمالة الفنية والإدارية والتي تملك الخبرة والإدارة الجديدة وتعمل ضمن ظروف جيدة ورواتب مرتفعة وهي تعيش ضمن ظروف طبيعية جيدة وهذا يعطي مؤشراً باتجاه العمل والتدريب لكوادرنا وعملنا أينما وجدوا من أجل تحسين المستوى الحياتي والاقتصادي لهم.ولكن للأسف نرى هذا الموضوع لا يستحوذ إلا على الجزء اليسير من إمكاناتنا ومواردنا الذاتية لذلك نرى سورية من أكثر دول المنطقة هجرة للخارج ولكن للفئات المتعلمة والفنية والإدارية والتي تستحوذ الرعاية الكاملة في الخارج واستطاعت أن تحقق العديد من الإنجازات على مختلف الأصعدة.وكذلك موضوع الدخل يجب دراسته من خلال منطقه ومنظور علمي موضوعي لأن الوضع المعيشي السيئ للإنسان أياً كان هو بؤرة من تعزيز الفساد وباعتبار أغلبية الشعب في سورية هم من أصحاب الدخل المحدود في القطاعين العام والخاص لذلك لا بد من وضع أسس ونواظم وضوابط للنهوض بهذا الواقع ودراسة موضوع الأجور والرواتب ودراسة وضع الخبرات الوطنية وفق أصول موضوعية فلا يعقل مثلاً أن يكون راتب حملة شهادة الدكتوراه أول تعيينه في الدولة في وزارة ومؤسسات الدولة بحدود (8000) ل.س على حين يصل إلى (30.000) ل.س في المؤسسات التعليمية علماً أنهما يحملان نفس الشهادة ولديهما نفس الإمكانات، موظف الدولة ربما ظروف الوظيفة وعذابه اليومي هو أكثر وأكثر من الذي يعمل في المؤسسات التعليمية ويقوم بعمله الوظيفي أيضاً من خلال مداخلاته العلمية للدراسة والبحث إضافة إلى العمل الإداري فأين المساواة وهذه الحالة في موضوع دخل الفرد أثرت بشكل سلبي على العمالة المؤهلة علمياً في المؤسسات العامة ووزارات الدولة المختلفة ودفعت بإدارييها للهجرة للخارج أو الالتحاق بالجامعات وعندما تعود إلى المؤسسات الحكومية تعود بعمل جزئي وعلى مواقع إدارية متقدمة ضمن خبرات وظيفية تفضيلية؟!لذلك يجب على الإدارة العامة الحكومية لدينا وضع كافة إمكاناتها للحد من مسألة التفاوت في الدخول ورفعها وذلك للحد من الهدر والفوضى والحفاظ على الممتلكات العامة وقدرات البلاد.وأخيراً نقول: إن ارتفاع الأسعار يحمل أخطاراً ما لم يترافق مع زيادة في الدخول والرواتب على أن نراعي أن الزيادة ممكن أن تخلق إشكالية في تكاليف الإنتاج فإننا بحاجة إلى تحقيق توازن بين مستويات الأجور والرواتب ولكن للأسف نفتقر إلى دراسة لقياس مستوى التضخم مع مستوى الأجور والدخل حيث يجب أن يكون متحركاً بمقدار مستوى التضخم.إصلاح سياسة الأجور والرواتب شرط لتحفيز الإنتاجية وللإصلاح الاقتصادي والإداري ومكافحة الكثير من الظواهر التي تسيء للاستثمار والمجتمع وهنا لا بد من إلغاء قانون العاملين الموحد ووضع قوانين مختلفة بحسب طبيعة كل قطاع والتوجه لوضع أنظمة للأجور والتعويضات ترتبط بقوة الإنتاجية والأداء.ومهما تنوعت واختلفت الآراء فإن الرواتب والأجور قضية أساسية تسبب وتؤسس لخلق العديد من الظواهر السلبية إنتاجياً واقتصادياً واجتماعياً يترك آثاره السلبية على مناخ الاستثمار كل ذلك يفرض ضرورة إعادة النظر بهذه السياسة على نحو جذري...!
هني الحمدان


---------------------------------------------

مدارات.. حديثٌ في اللغة..!
ثقافةالأحد 1-7- 2007٭أحمد بشار بركات

لغتنا العربية الجميلة تشبه اللغات الأخرى، في كونها ضمّت إليها عبر عمرها الطويل
ألفاظاً عديدة منها ما هو فارسي ومنها ما هو تركي وسرياني وآرامي وحبشي ...إلخ هذا إضافةً إلى الاشتقاق الجديد، إلا أنّ ذلك تمّ في أضيق الحدود. ومع صحّة كثير من ألفاظنا القديمة من الناحية اللغوية، وإلا أنها اندثرت عبر العصور المختلفة، ولم تعد تستخدم الآن، وحلّت مكانها ألفاظ سهلة متداولة أنتجتها الحياة العامة. ولكن لغتنا ، ظلّتْ بالنسبة لنا، إرثاً حضارياً ، له هيبته ، ويحظر العبث به ، وربما كان هذا من أهمّ أسرار بقائها كما هي حتى الآن! على أن لغتنا- دون غيرها- تتّصف بمزايا عديدة ، منها أنّها غنيّة جداً بالألفاظ التي يمكن عن طريقها التعبير المحكم الدقيق عن المعنى المطلوب ، دون إعطاء فرصةٍ لِلَبْسٍ أو اختلاط المعاني. وأذكر من ميزاتها العديدة التورية «اللفظ الذي يحتمل معنيين». فهذه الميزة ، تعود إلى وجود كمٍّ كبير من الألفاظ والتعبيرات والأسماء، التي ترد على أذهاننا، فمثلاً إذا أردت أن أصوّر إنساناً حزيناً ، سوف تتداعى بسرعةٍ أمامي ألفاظٌ عديدة، تصبُّ في هذا المعين «معين الحزن» ، فهذا مكتئبٌ ، وهذا محبط ، وهذا يائس وهذا مهموم ... إلخ. ولكنّنا لو دقّقنا ، لوجدنا أنّ لكلّ لفظة ممّا سبق ذكره معنىً دقيقاً يختلف عن الآخر، يصف حالةً معينة لا لَبْس فيها. وهي كنزٌ عظيم ، لوفتحناه لوجدنا فيه العديد من جواهر الألفاظ والأسماء والأفعال والحروف ولكلّ اسم أو فعل أو حرف حالاته وشروطه وقواعده ، مما يحتاج معه إلى رسائل بحثية شاملة! قد يكون في هذا إسراف ، لكنّه أفاد لغتنا المتميزة ولاشك ، وعزّز قدراتها على التعبير والبلاغة والفصاحة والبيان! لكنّها من جانب آخر، وكما يرى نحويون ولغويون معاصرون جعلت النحو العربي من أصعب العلوم، ممّا حدا بفريقٍ من الكتّاب والأدباء واللغويين المعاصرين إلى الدعوة إلى تيسير وتبسيط قواعد النحو . ويبقى الحديث عن لغتنا الجميلة ماتعاً ، ذا شؤونٍ وشجون كثيرة ..!
الفداء- حماة

على ضفاف العاصي.. خطأٌ كبيرٌ..!
منوعات الأربعاء 13-6- 2007أحمد بشار بركات

في كتابه الشهير والمثير للجدل «مستقبل الثقافة في مصر»،
دعا الدكتور طه حسين إلى اقتباس الحضارة الغربيّة جميعها، ومّما ورد في كتابه - والذي ظهر في الثلاثينيات من القرن الماضي - «إنّ علينا اقتباس الحضارة الأوربية الحديثة خيرها وشرّها.. حلوها ومرّها» وقد أكد بذلك الدعوة التي ظهرت في أوائل القرن الماضي، وخُدع بها عدد من المفكّرين والكتّاب العرب آنذاك، والتي ملخصها: «إنّ الحضارة كلٌّ لايتجزأ، وأنّه لايمكن أخذ الحلو منها وترك المرّ، وإنّه من أجل حلوها علينا احتمال مرّها». إنّ نظرية وحدة الحضارة وتكاملها وشمولها، صحيحة بالنسبة للحضارة ونموّها في موطنها الأصلي، فالحضارة الإغريقية - مثلاً- كانت واحدة متكاملة في موطنها اليوناني ، ولكن الشعوب الأخرى، لم تضطّر إلى استيرادها جملةً، عندما اقتبست منها، وكذلك لم تأتٍ الحضارة الرومانية ، التي تتلمذت على اليونان نسخة طبق الأصل عن حضارتهم ، وحديثاً: لم تكن حضارة اليابان، صورة مستنسخة عن الحضارة الصينية ، ولقد أثبت لنا التاريخ القديم والحديث أنّه يمكن الاقتباس من الحضارة بشكل جزئي ، وليس من الضروري نقلها كاملة. فالحضارة العربية الإسلامية - مثلاً- أخذت من حضارات اليونان (الإغريق) ، والفرس والهنود، واقتبست منها في مجالات وعلوم عديدة، ودمجتها في حضارتها دون أن تضطر إلى استيرادها كاملة، وخاصةً في جوانب العقيدة والقيم، حيث ظلّت تلك الحضارة متمسكةً ومتميّزة بعقيدتها وقيمها. وفي المقابل اقتبس الأوربيّون في بداية نهضتهم، المنهج العلمي والتفكير الفلسفي العقلاني «فلسفة ابن رشد» من الحضارة العربية الإسلامية مع نظريات ومصطلحات أخرى، ولم يستوردوها كاملة، ولم يتأثّروا بجانبها العقائدي، وكانت حضارتهم الحديثة مختلفة عن حضارتنا من الناحية العقيدية خاصةً، ومع كونهم اقتبسوا الغزير منها. وهاهي اليابان- في العصر الحديث - تأخذ تقنيّة الكمبيوتر والإلكترونيات من الدول الغربية، دون أن تتأثّر بالعقيدة المسيحية، أو بالنظريات الفلسفية والسياسية وغيرها من معطيات الحضارة الغربيّة. وقد استغلّ عددٌ من المستشرقين - المتعصبين ضد العرب خاصة - هذه النظرية «الحضارة كلٌّ لايتجزأ»، داعين العرب المسلمين إلى قبولها كلّها، وتجاوز تراثهم الحضاري، أو رفضها كلّها والبقاء متخلّفين. على أن طرح أصحاب هذه المدرسة الاستشراقية الموسوسة والعدائية، في وَضْعِ العرب بين هذين الخيارين التعجيزيين ، لم يكن خافي الهدف والمرمى! بقي أن أؤكّد على أنَّ دعوة الدكتور طه حسين وأساتذته من المستشرقين إلى استيراد حضارة الغرب كاملة، ثبت أنّها خاطئة، وتمّ دحضها، من تجارب الأمم الشرقية مع الحضارة الحديثة، في اليابان والصين والهند وماليزيا وغيرها.. التي قدّمت وتقدّم أدلّةً جديدة كلَّ يوم، على أنّه يمكن الاستفادة من الحضارات المعاصرة الأخرى، من غير ذوبانٍ وانصهارٍ في بوتقة الحضارات الأخرى، ودون تضييع الهويّة..!‏


------------------------------------------------



تعليقات الصحف الألمانية 05 يوليو/ تموز 2007


من أهم الموضوعات التي ركزت عليها الصحف الألمانية الصادرة هذا اليوم:

· المحكمة الدستورية الاتحادية تقر قانون يلزم نواب البرلمان الألماني بالكشف عن مصادر دخلهم
· الخطة المالية التي أعلن عنها وزير المالية الألماني بيير شتاينبروك
· الجدل الدائر حول التواجد العسكري الألماني في أفغانستان


حول إقرار المحكمة الدستورية الاتحادية في ألمانيا لقواعد شفافية العمل البرلماني التي أقرتها الحكومة في عام 2005، والتي ستلزم نواب البرلمان بالكشف عن مصادر دخلهم الإضافي وما يتقاضونه كممثلين للشعب، أيدت صحيفة نورنبيرجر ناخريشتن/ Nürnberger Nachrichten قرار المحكمة هذا معتبرة اياه حقا أساسيا من حقوق الشعب وعلقت بقولها:

"من الذي يخدم من، وكم يتقاضى مقابل ذلك؟ حد أدنى من الشفافية يجب ضمانه كي يكون بمقدور الناخبين التعرف على حقيقة النواب الذين يمثلونهم في البرلمان وما إذا كانوا بالفعل يمثلون مصالحهم أم مصالح أخرى."

وتضيف الصحيفة: "لقد إتخذت المحكمة الدستورية خطوة لضمان شفافية النواب، لكنها خطوة صغيرة ومتأخرة. دول أخرى كانت سباقة إلى ذلك، بل إنها أصدرت قوانين تجبر البرلمانيين على الكشف عن تفاصيل الدخول التي يتقاضونها."

من جانبها ترى صحيفة زود دويتشه تسايتونج Süddeutsche Zeitung أن القانون لايمنع النواب من العمل الإضافي بل يهدف بالأساس إلى ضمان الشفافية وكتبت تقول:

"يجب عدم فهم القانون بأنه يحظر بشكل عام العمل الإضافي للنواب. القانون يطلب فقط الكشف عن كل دخل إضافي يتقاضاه نواب البرلمان، إنها الشفافية التي يرتكز عليها النظام الديموقراطي، لا أكثر. صحيح أن الدخل الإضافي من شأنه أن يضمن أيضا إستقلالية النواب ويحررهم من قيود الكتلة البرلمانية. الأمر يتعلق إذن بنوعية وهدف العمل الإضافي. بيد أن الأهم هو إطلاع الناخبين على ذلك. "

وفي موضوع آخر وافقت الحكومة الألمانية على يوم أمس الأربعاء في 04 يوليو/ تموز 2007 على مشروع ميزانية عام 2008. ويتضمن المشروع الذي قدمه وزير المالية بيير شتاينبروك خفضا في عمليات الاقتراض الجديدة بهدف وضع البلاد على طريق تحقيق ميزانية متوازنة بحلول عام 2011 والتخلي عن الإستدانة. حول هذا الموضوع نوهت صحيفة رويتلينجر جنرال أنسايجر/ Reutlinger General-Anzeiger إلى جبل الديون الضخم وضرورة إستخدام فائض الميزانية في دفع ديون الدولة وكتبت:

" في الواقع تعاني الحكومة الإتحادية من عجز مالي يصل إلى أكثر من بليون يورو. ويوميا يدفع وزير المالية 118 مليون يورو فوائدا على ديون الدولة. هذا المبلغ في إزدياد مطرد، وهو يشكل ثاني أكبر عبء على الميزانية. من الأحرى إذن بالوزير أن يخصص فائض الميزانية في فترات الإنتعاش الإقتصادي لتسديد الديون وألا يكرر الخطأ الذي سبق وإرتكبه وزير المالية السابق هانس آيشل عندما أعلن في عام 2000 عن أكبر خطة في التاريخ لتسديد ديون الدولة دون فعل ذلك."
----------------------------------------------























أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

يسعى هذا الموقع إلى نشر مساهمات الكتاب في مختلف المواضيع التي تهم المواطن السوري ويأمل أن يكون جسراً بين الداخل والخارج وأن يساهم في حوار وطني يلتزم باحترام الرأي الآخر ويلتزم القيم الوطنية والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان ونتمنى أن يساهم الرفاق والأصدقاء في إغناء هذا الموقع والتواصل معه وشكراً.


المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها فقط


يرجى المراسلة على العنوان التالي

bayad53@gmail.com



Blog-Archiv

منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا