Samstag, 31. Oktober 2009


فيلم سوري يتناول قصة معتقل سياسي سابق ينال الجائزة الكبرى في مهرجان دولي في الهند


نال الفيلم السوري (الليل الطويل) جائزتين من مهرجان (أوسيان سيني فان للسينما الاسيوية والعربية) بالعاصمة الهندية احداهما الجائزةالكبرى وقدرها 50 ألف دولار وتمنح لمخرج الفيلم حاتم علي
وأبدى حاتم علي سعادته بالجائزة التي تعد الثانية لفيلمه بعد الجائزة الذهبية من مهرجان تاور مينا في ايطاليا في تموز/ يوليو الماضي.

والفيلم الذي يشارك أيضا في مسابقة الافلام العربية بمهرجان القاهرةالسينمائي الشهر القادم كتبه السينارست والمخرج السوري هيثم حقي وتدور أحداثه في ليلة واحدة مع قرار الافراج عن ثلاثة معتقلين أحدهم قضى 20 عاما وراء الاسوار ولم يتخل عن مبادئه التي سجن بسببها.
ويكشف الفيلم كيف اختلف العالم ومعالم الطريق خلال فترة سجن البطل وكيف تغيرت طبائع بعض أبنائه الذين تفاوتت ردود أفعالهم تجاه قرار الافراج عنه وكيف يستقبلونه ويطول انتظارهم له حتى الصباح فيذهب ابنه الاصغر الى البيت القديم ويفاجأ بأنه لفظ أنفاسه وقد أسند رأسه الى شجرة دون أن يحني رأسه وساقاه ممددتان بين أوراق الخريف.

وأعلنت لجنة التحكيم مساء الجمعة، في حفل ختام الدورة الحادية عشرة للمهرجان، فوز (الليل الطويل) أيضا بجائزة دعم السينما الاسيوية ونوهت بالفيلم الوثائقي (حائط مبكى) الذي أخرجه التونسي الياس بكار واستعرض فيه تأثير الجدار العازل على الفلسطينيين وخاصة تلاميذ المدارس.

ومهرجان (أوسيان سيني فان للسينما الاسيوية والعربية) الذي افتتح يوم السبت الماضي تنظمه مؤسسة أوسيانس للفنون برئاسة نيفل تولي. وأسست المهرجان ورأست دوراته التسع الاولى الكاتبة السينمائية أرونا فاساييف وتولت رئاسة المهرجان في الدورة العاشرة 2008 كل من لاتيكا بادجونكار واندو شكرينكت. وكانت السينما العربية تشارك على هامش المهرجان في دوراته الاولى ومنذ عام 2007 أصبح المهرجان مخصصا للسينما الاسيوية والعربية. وينظم البرنامج العربي الناقد السينمائي العراقي انتشال التميمي.
--------------------------------------------------

ثائر الناشف: سورية... القمع خبز الثورة
سوريون نت
30/10/2009

يعلم النظام السوري في سره ومن وحي قراءته للتاريخ إن الابدية ليست من صفات الإنسان في الوقت الذي يمعن النظام السوري في اعتقال معارضيه, تتوهم المعارضة السورية, بمختلف أطيافها إمكانية المصالحة معه, أو انتظار التغيير المقبل الذي في اعتقادها ينبغي أن يكون سلمياً وديمقراطياً كمحاولة منها لتجنيب نفسها وهياكل الدولة المهترئة أصلاً بفعل الفساد والاستبداد, ومعهما المجتمع السوري, من عواقب وويلات ما حصل ويحصل في العراق من كوارث ونزاعات, فهي بذلك, أي المعارضة, تضع النظام والرأي العام عند حقيقة أهدافها الواضحة بشأن أولوية التغيير السلمي, وبعضها الآخر لا يمانع في السير على طريق الإصلاح المتدرج الذي يروج له النظام وبالتالي المصالحة معه

أهداف المعارضة في جملتها تكاد أن تكون إيجابية لجهة انتهاجها لمبدأ سلمية التغيير وابتعادها من الطرق الراديكالية, تظهر إيجابيتها في نظر المحيط العربي المتربص دائماً من أي حركة تغيير تأتي من حوله, ويكفي ما حصل حتى الآن في دول الرابطة المستقلة ( الاتحاد السوفياتي سابقاً ) من انهيارات متتالية لنظم الحكم وثورات ملونة لعروش الفساد والاستبداد الأحمر, غير أن هذا المحيط العربي والإقليمي وحتى الدولي, لا يملك أدنى تأثير على حركة الشعب إذا ما أراد التحرك نحو تصحيح وتصويب مساره التاريخي, مهما امتلك هذا المحيط من وسائل التأثير التي تحول دون حدوثه أو على الأقل تأجيله حتى إشعار أخر إلى أن تتضح صورة المشهد السياسي لمستقبل المنطقة على المدى المتوسط والبعيد .

لكن استمرار المعارضة السورية على تمثل تلك الأهداف في كل نشاطاتها وحراكها السلمي أصلاً, لا يعني أن التغيير المقبل ولو بعد حين, سيأتي بفعل تراكمية أهدافها ودعواتها غير المنقطعة لبلوغ هدف التغيير, لأن المواجهة في الأساس ليست محصورة بين المعارضة والنظام, وأياً كانت درجة تمثيل المعارضة لفئات الشعب السوري وحجم ومستوى ذلك التمثيل, ستظل المواجهة قائمة اليوم أو غداً بين رؤوس النظام وأركانه وبين شرائح المجتمع السوري بمختلف ألوانها السياسية والعرقية التي اكتوت بنار الاستبداد والقمع التهميش والنهب والهزائم المهينة لكرامة الذات .

فلا نستطيع تصور حدوث التغيير في سورية بضغطة زر أو بعصا سحرية يملكها أحد اللاعبين الكبار على الساحة السياسية, كما لا نستطيع تصور حدوث التغيير والشعب في حالة غيبوبة كاملة لم يستفق منها بعد, لذا, لن يبشره مبشر بحدوث ما كان يتمنى حدوثه, من دون حدوث الصحوة في ضميره ووجدانه المنقطع عن الحياة بفعل القمع الممنهج .

كما لا نستطيع أن نبحر في تصوراتنا تلك, من دون أن نتلمس العوامل المؤدية إلى حدوث التغيير, وأول تلك العوامل, الشعور بامتلاك إرادة التغيير الجماعية وليس الفردية, تؤازرها في المقابل, استفاقة جماعية تؤدي إلى الخروج عن صمت المقابر, ولعل العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث التغيير هو القمع .

إن القمع الممنهج الذي أصبح ديدن النظام السوري وأساس وجوده الطارئ, لازال يمارسه منذ أربعين عاماً, ولم يوفر أي فئة من فئات المجتمع السوري كخصم تاريخي وعدو تقليدي, يزداد أثره وتأثيره في خلق الوعي المسلوب بفعل القمع والحرمان الناتجين عن سياسة التكميم, من شأنه أن يؤدي إلى تثوير المجتمع بما يخالف ولو لمرة واحدة حساباته وتوقعاته المستقبلية .

لم يعد الجوع ما يدفع الشعوب نحو الثورة ضد الطبقات المُستغِلة للقمة عيشها, بقدر ما بات القمع الذي يوغل النظام السوري في ممارسته بحق الشيوخ كما جرى مع عميد الحقوقيين العرب الأستاذ هيثم المالح, وبحق الأطفال والنساء, سواء كانوا من رعاياه أو من الأشقاء العرب المستضعفين في أرضهم المحتلة كما حصل مع السيدة الأحوازية معصومة الكعبي وأطفالها الخمسة .

ورغم نجاح النظام السوري في إحكام قبضته الأمنية على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في سورية, وما يحيطها من فوضى بناءة تضرب أرجاء المنطقة العربية, إلا أنه فشل في تقديم الصورة البراقة عنه كنظام مؤسساتي, بقدر ما أضفى على نفسه صورة النظام الاحتلالي الذي لا تختلف ممارساته كثيراً عن ممارسات أي محتل آخر للأرض والإنسان .

يعلم النظام السوري في سره ومن وحي قراءته للتاريخ, أن الأبدية التي يرفع شعارها عالياً ليست من صفات الإنسان, مهما طغى وتجبر على أخيه الإنسان, وأن مياه النهر الراكدة, رغم السدود والموانع, لن تبقَ على حالها من دون أن تدفع بها مياه أخرى أشد وأقوى غزارة إلى مكان يليق بركودها الطويل .

ويعلم أيضاً, أنه وبسلوكه القمعي, يؤسس لتلك اللحظة التاريخية الفارقة التي ستكون بمثابة الصدمة الكهربائية أو لنقل الحجر الذي سيحرك مياهه الراكدة, والباعث بكل الأحوال على المواجهة الساخنة بين القامع والمقموع, بعيداً من كل الاعتبارات السياسية الأخرى, ومقولات التغيير الناعمة .
-------------------------------------------------

حول توازنات القوى في الشرق الأوسط (*)
الدكتور عبدالله تركماني


منذ أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها لم تكن منطقة الشرق الأوسط متأججة فيها حمَّى الجغرافيا السياسية مثلما هي عليه الآن، فالمشهد السياسي لم يعد مقتصراً على قضية الصراع العربي – الإسرائيلي فقط، وإنما طفت على السطح مسائل أخرى ذات أهمية: " المسألة اللبنانية " و " المسألة العراقية " و " المسألة الإيرانية " و " المسألة اليمنية " و " المسألة السودانية ".
ولم يعد الأمر يقتصر على ذلك، فالكلام مشْرَعٌ على " مسألة سنية " و " مسألة شيعية ".

وإذا كان مصطلح التوازن ينطوي على تقييم حالة القوى وعناصرها المكونة لها في منطقة معينة، فإنّ هذا التقييم يختلف في حالة الحرب عنه في حالة السلام، فمَن يمتلك خيارا الحرب والسلام معاً هو الذي يلعب الدور الأول في أية توازنات. إذ يبدو أنّ الموارد البشرية الكفؤة والتطور الاقتصادي هما العاملان الأساسيان في موازين القوى والتوازنات الاستراتيجية، أما العامل العسكري، خاصة القوى التقليدية، فقد تضاءل دوره – نسبيا - في هذه الموازين وفي العلاقات الدولية عامة، فالأمن لم يعد يدار بالقوة العسكرية المجردة فقط، وإنما – أساساً - بالقوة الاقتصادية. وكثير من العلاقات بين الدول والأقاليم لم يعد يضمنها غير النفوذ الاقتصادي والمالي الذي عوّض، أو كاد أن يعوّض، النفوذ العسكري. وعليه، فإنّ الوضع الجيو- استراتيجي لدولة أو لمنطقة إقليمية معينة، يعني التفاعل بين مقوماتها الجغرافية والسياسية والاقتصادية، وتأثير ذلك في سياستها الخارجية، ثم تأثيره على علاقاتها مع المناطق المجاورة لها.

ويبدو أنّ سمات أنموذج الأمن القومي الجديد بدأ يتشكل انطلاقاً من قاعدة مفادها: إنّ مصدر الخطر الأكبر على الأمن القومي لن يأتي من الدول التي قد تمتلك أسلحة الدمار الشامل‏ فحسب,‏ ولكن من الفجوة الكبرى والعميقة بين الدول التي دخلت بعمق إلى عالم العولمة بكل تجلياتها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وتلك الدول التي بقيت على هامش هذا العالم‏.‏ وتتعدد أسباب عدم دخول هذه الدول - حتى الآن - دائرة العولمة‏،‏ فقد تكون دولاً فاشلة‏‏ سيطرت عليها نخب سياسية حاكمة استبدادية فشلت في اتخاذ الديمقراطية كنظام سياسي مع أنها أصبحت هي روح القرن الحادي والعشرين‏,‏ أو خاب تخطيطها الاقتصادي نتيجة جمودها واعتمادها على اقتصاد الأوامر‏,‏ وعلى أهل الولاء، وإبعادها أهل الكفاءة عن إدارة مواردها الاقتصادية والبشرية.
كما تتوقف مكانة القوى الإقليمية في الشرق الأوسط على وعي مراكز الثقل الإقليمية بالتحولات الاستراتيجية التي بدأت بالتشكل منذ سقوط جدار برلين في العام 1989، وعلى سعيها لتعزيز مصالحها بالشراكات الإقليمية، والأهم من هذا وذاك التوظيف العقلاني المجدي لمواردها الاقتصادية والبشرية ولموقعها الجغرا - سياسي. والمهم هو الإرادة والتصميم والهدف الواضح، والرؤية الثاقبة والتوظيف الأمثل لعوامل القوة المتاحة، فعلى درجة المسؤولية التي تظهرها النخب الحاكمة، وعلى القدرة التي تبديها في جعل مصالح شعوبها في اتساق وتطابق مع مصالح المجموعة الدولية عموماً والشعوب المحيطة بها بشكل خاص، تتوقف فرصتها في الحصول على موقع في هذه الشراكة. وبقدر ما يكون للدولة من مشاركة إيجابية في بناء إطار فعّال وناجع للتعاون الإقليمي، وبالتالي بقدر ما تساهم في تحسين فرص التنمية عند المجتمعات المحيطة بها وليس فقط داخل حدودها، كما هو حال الدور التركي في الشرق الأوسط، تحظى بقدر أكبر من المصداقية، وتزداد فرص حصولها على الشرعية العالمية.

وفي الواقع، لم يعد مفهوم القوة لدى الدول في عالمنا المعاصر، على ما بات يحيط به من مداخلات وتعقيدات وتحولات، يقتصر على مقدار ما تتمتع به دولة ما من مقدرات تتعلق بمساحتها وعدد سكانها وقوتها العسكرية ومواردها الاقتصادية، فقد بات الأمر أعقد من ذلك بكثير.
هكذا فإنّ عدد السكان الكبير يمكن أن يتحول إلى عبء، نتيجة التحول من الاقتصاد الزراعي والصناعي إلى الاقتصاد ما بعد الصناعي، وبالنظر إلى أنّ أكلاف النمو السكاني تفوق معدلات النمو الاقتصادي. وكذا الأمر بالنسبة لمساحة الدولة، حيث أنّ هذه المسألة لم تعد ميزة اقتصادية أو أمنية، خصوصاً بعد أن كثفت أو قلّصت وسائل الاتصال الحديثة المساحات والمسافات، وبعد أن باتت كثير من الدول تعجز أو تنسحب من مجال تقديم الخدمات الأساسية لسكانها.

أما القوة العسكرية فهي إن لم تكن متوازنة مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن تتحول إلى كارثة، فإذا لم تقترن الموارد الاقتصادية بإدارة رشيدة، وقدرات تكنولوجية، وبنية مؤسساتية، فلن يكون لها تأثير فعّال على مجتمعاتها، ولا تطوير إمكانات الدولة المعنية.
وهكذا، يمكن الاستنتاج بأنّ ثمة تضاؤلاً في قيمة عناصر القوة التقليدية، المتمثلة بمساحة الدولة وعدد سكانها وقدرتها العسكرية ومواردها الاقتصادية، في مجال قياس قوة الدول وتحديد مكانتها النسبية في موازين القوى في حقل العلاقات والصراعات الدولية، في مقابل التزايد في قيمة عناصر القوة الاقتصادية والمالية والتكنولوجية والعلمية والإدارية.

تونس في 20/10/2009 الدكتور عبدالله تركماني
كاتب وباحث سوري مقيم في تونس
(*) – نُشرت في صحيفة " المستقبل " اللبنانية – 23/10/2009
--------------------------------------------------

أنا أعترض
سعيد لحدو

هذا الاعتراض مستوحى من مسرحية (شاهد ما شافش حاجة) للفنان المبدع عادل إمام عندما صرخ أمام ذهول الجميع قضاة وجمهور في قاعة المحكمة فجأة: (أنا لا أعتقد)، دون أن يعي ما الذي لا يعتقده. ثم ما يلبث أمام النظرات الحادة المتفاجئة من (السادة المستشارين) أن ينكسر ويعود إلى طبيعته المسالمة وغُلبه المستديم بقوله: (ده أنا غلبان).

هذه هي حال المواطن المكسور الغلبان في الدول المسماة تجاوزاً بالعربية، في حين أن لها عشرات الألسن التي تتحدث بها بينما لا يمكن سماع سوى هذه العربية التي باتت رديفاً للهزيمة والانكسار والتخلف والقهر .... وحكام إلى الأبد. لذا سأتجرأ، بعد استسماح الفنان عادل إمام، لأقول:

أنا أعترض على هذه المسرحيات الفجَّة المملة والتي تساق إليها الجماهير بحكم غُلبها ذاك كالقدر المحتوم، لتشارك فيها كممثلين أساسيين وهي تدرك مسبقاً نهاية تلك التراجيديا المكررة دائماً بفوز المتنافس الوحيد والقائد الرمز بنسبة 99% من الأصوات. حيث تسمى في وسائل الإعلام الرسمية، انتخابات!!!
أنا أعترض على الطريقة التي يستجدي بها حاكم عربي أو ربما إفريقي، من الغلابا من شعبه وظيفة رسمية لابنه المدلل الذي لا يتنقل إلا بطائرة خاصة، في وقت يمر به الاقتصاد العالمي بأخطر أزمة منذ عقود!!!. هذه الأزمة التي خلفت وراءها آلاف الشركات المفلسة وملايين العاطلين عن العمل. في ذات الوقت يعتبر ذالك الحاكم نفسه القائد العالمي وعميد الحكام وملك الملوك وزعيم القارة الأوحد؟؟؟

ومع ذلك فهو وبإصرار شديد مازال مواطناً عادياً (غلبان) في دولة لايحكمها امبراطور ولا ملك ولا رئيس ولا حتى شيخ قبيلة. هذا برغم أن فترة جلوسه على صدور مواطنيه قاربت فترة حكم لويس الرابع عشر (الملك الشمس) كما كان يسميه الفرنسيون. ولم يدانيه في هذا سوى كاسترو كوبا، وبعض إخوته من الحكام العرب الآخرين، لولا أن العمر لم يمهلهم ليظلوا على سدة الحكم حتى يبلغ أبناؤهم السن القانونية للرئاسة.

أنا أعترض على الطريقة والسرعة التي يتم فيها تفصيل دساتير الدول تماماً كما هي حال صالونات الخياطة، على مقاسات الشخص الذي ميزته الوحيدة أنه إبن الزعيم القائد. ومن هذا المنطلق لا أدري أية هيبة يمكن لهكذا دستور أن يحوزها في نظر هذا الخليفة الجديد أو احترام يمكن أن يبديه أيٌ من أعوانه لهذا الدستور أو أي قانون آخر ، إن لم يكن هذا الدستور أو القانون صيغ بشكل أساسي لحفظ مصالحهم الفردية أو العائلية، ولمنحهم المزيد من الامتيازات على حساب الوطن والمواطن.

أنا أعترض على سياسة التعريب والتتريك والتفريس التي تمارس على كل صعيد لقهر وصهرمجموعات سكانية أصيلة لها تراثها وتاريخها العريق ومساهماتها الغنية في الحضارة البشرية ولها وجودها الدائم ومازال في معظم دول المنطقة، فتمنع من التعبير عن ذاتها والتحدث بلغتها الأم بينما تكرَّس إمكانات الدولة لتعليم الناشئة لغات شعوب العالم الأخرى وتاريخا وتراثها؟؟؟؟

أنا أعترض على تحويل جمهورياتنا الثورية إلى ممالك وراثية بعد أن قام الثوريون إياهم بانقلاباتهم العسكرية وألغوا الملكية، ونصبوا أنفسهم ملوكاً غير متوجين. بينما كثير من الممالك في العالم تحولت إلى حكم الشعب رغم بقاء الملك أو الملكة كرمز للدولة.

وأما ماتبقى منها فهو في طور نقل السلطة بشكل تدريجي إلى الشعب الذي يقرر أولاً وأخيراً شكل الحكم الذي يرتأيه....إلاَّ في المنطقة العربية حيث عدوى الانقلابات سرت حتى في النظم الأميرية أو الملكية. ويبقى الحاكم أياً كانت تسميته أو شكل نظام الحكم الذي جاء به هو الحاكم الأوحد الذي اختارته العناية الإلهية للتحكم بمصائر الشعب، و..... ثرواته!!!

أنا أعترض على نهب خيرات الوطن وتجميع ثرواته بأيدي فئة قليلة أو عائلات بعينها، دون حق، وبأساليب غير مشروعة، وباستهتار كامل لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين التي تكفلها كل الدساتير والقوانين في كل دول العالم المعاصر بلا استثناء، بما فيها دولنا المعنية إياها.

وفي الوقت ذاته توزع كل مآسي الحياة وأوجاعها من ظلم وقهر وفقر ومعاناة .. وسجن، على جميع المواطنين بمختلف انتماءاتهم وآرائهم ومواقفهم بعدالة منقطعة النظير، باستثناء تلك الفئة المتنعمة بالحظوة التي تسمح لها بتجيير أي قانون أو ظرف لتدعيم مصالحها ومكانتها الاقتصادية والسياسية، ومرة أخرى على حساب الوطن والمواطن.

أنا أعترض على الطريقة التي يحييِّ بها المواطن موظفاً حكومياً، وَجِلاً من تعطيل معاملته لأتفه الأسباب، دون أن يتلقى رداً. وهو الذي تتشدق كل خطابات الزعماء ودساتيرهم بأنه السيد الحر الأوحد. وبأنه الآمر الناهي في كل ما يتعلق بالوطن ومصيره.

أنا أعترض على أسلوب قيادة أبناء المسؤولين لسياراتهم الفارهة في شوارع المدن الرئيسية، إن تجرأوا وخرجوا إلى العلن، ورد فعل شرطي المرور المتحيِّن الفرصة لقبض مايعتبر أنه حقه من الغلابا من أبناء الشعب. إذا سلموا من الإهانة المتوقعة إن لم يكن هناك من يسند ظهرهم.
أنا أعترض على هذا العدد الكبير من النسخ المكررة من الصحف ووسائل الإعلام الأخرى الممولة رسمياً أو المشمولة بالرعاية والناطقة بلسان واحد ليس فيه إلا كيل المديح للسياسة الحكيمة والتي لم نرَ من نتائج لها، طوال عقود، سوى المزيد من التراجع على كل صعيد. تبدأ بالحريات ولا تنتهي برغيف الخبز.

أنا أعترض على اعتبار كل شارع يجري تعبيده أو كوخ يُبنى إنجازاً ثورياً أو منحة من منح القائد العظيمة للشعب. أما حياة المواطن اليومية ولهاثه المستديم وراء لقمة العيش له ولأطفاله، هذا الهم الموروث مع كل وريث جديد للسلطة، على ندرة حدوث ذلك، تظل من الرفاهيات التي لاحاجة للحاكم في التفكير فيها وهو في مواجهة مؤامرات العالم أجمع للنيل من صموده، ومقاومته وممانعته وتحديه وتصديه ومثابرته وثباته على نهج السلف وسياسته الحكيمة لدحر تلك المؤامرات وإفشال مخططات الأعداء. وفي الوقت ذاته لا يتوانى عن بناء جسور العلاقة والاتفاقات السرية مع أولئك الأعداء المفترضين.

أنا أعترض على زج المعترضين في السجون والمعتقلات بذريعة تآمرهم على الوطن، لمجرد أن رؤيتهم وآراءهم في القضايا الوطنية لم تنسجم والرؤية الرسمية التي لم تتمكن من إقناع أحد بصوابيتها.
أنا أعترض على العلاقات السيئة، وفي حالات كثيرة المتوترة، بين كل دولة وبين جيرانها من الدول الأخرى ممن تتغنى على الدوام بأنها عربية الهوى واللسان. حيث تصبح عملية اجتياز الحدود أصعب من اجتياز المحيط المتجمد الجنوبي، رغم أن تلك الحدود ليست أكثر من خط نظري في الصحراء لا يمكن تمييزه!!

أنا أعترض لعدم وجود أوروبي أو أمريكي أو ياباني أو صيني أو هندي واحد، بمجموع أعدادهم التي تقارب نصف سكان الكرة الأرضية، ولو فرد واحد منهم موجود كلاجئ سياسي في كل البلاد العربية من المحيط إلى الخليج... بينما الملايين ممن أتيحت لهم فرصة الهروب من الدول العربية هم لاجئون في تلك الدول بشكل أو بآخر...وفي الوقت ذاته تتحسر في أوكانها عشرات الملايين الأخرى لأنها لم تحظَ بنعمة اللجوء تلك....!!!

أنا أعترض على شكل الرغيف، ونظافة الشارع، والمناهج التعليمية، وأساليب التربية المتقادمة، وزي الشرطي وسلوكه المشين.... أعترض على أسلوب الاستقبال في المطار وبوابات العبور الحدودية... في المستشفيات ... في دوائر الدولة الأخرى.. وحتى على طريقة طلب (البخشيش) في المطاعم والفنادق... وسيارات التاكسي..... و....و.....و.....و.....و.....و.....و.....و....
ولكنني وككل مواطن مغلوب على أمره في هذه البلدان، وعلى رأي عادل إمام..... ده انا غلبـــــان يا إخواننا
---------------------------------------------------

Freitag, 23. Oktober 2009




اعتقال هيثم المالح: ما الذي يوهن عزيمة الأمّة... حقاً؟
صبحي حديدي
23/10/2009
ليس للمرء أن يرتاب في أنّ بين أبرز الأسباب التي دفعت سلطات أمن النظام السوري إلى اعتقال المحامي هيثم المالح (78 سنة، القاضي السابق، وأحد كبار المحامين المخضرمين المشتغلين، والمنشغلين تماماً، بحقوق الإنسان في سورية، والذي سبق له أن اعتُقل أعوام 1980 ـ 1986 بسبب مطالبته بإصلاحات قضائية ودستورية) كانت إشاراته الواضحة إلى حال الفساد التي تستنزف طاقات البلد، وتنطوي على نهب المال العام، وشيوع الهدر والتبذير، وغياب الرقابة الفعلية. اعتقال المالح يستوجب وقفة خاصة مستقلة، حين تتضح أكثر خلفيات اعتقاله، إذْ أنه عُرض على قاضي التحقيق العسكري يوم أمس، بعد أن كانت النيابة العسكرية قد وجّهت إليه بعض تلك التهم التي صارت جاهزة مكرورة: نشر الأخبار الكاذبة، وهن عزيمة الأمّة، الإساءة إلى رئيس الجمهورية، والإساءة إلى القضاء...

فماذا عن آخر تفاصيل هذا الفساد، ليس في مستوى الذئاب الكاسرة، وهي أشدّ فتكاً من القطط السمان، غنيّ عن القول، وصارت فضائحها أشبه بالسيرة المألوفة المعتادة، المتضخمة على غرار كرة ثلج هابطة من علٍ؛ وإنما على المستوى المعيشي اليومي الذي يخصّ أبسط متطلبات أمن المواطن في مأكله ومشربه وصحته ومسكنه وبيئته. ومن الخير أن نقتبس شاهداً من أهل النظام، أي التقرير الاقتصادي لمجلس الإتحاد العام لنقابات العمال، وهو جهاز سلطوي بامتياز، وإنْ كان الكيل الفائض يدفع قياداته إلى ذرّ بعض الرماد في العيون، بين حين وآخر. التقرير، الذي صدر قبل أيام قليلة، يقول التالي: 'بالرغم من كلّ ما يتمّ الحديث عنه من إنجازات حكومية على مختلف الأصعدة في الصناعة والتجارة وحتى الزراعة والسياحة، إلا أنّ الواقع يقول إن هناك تراجعاً اقتصادياً ومعيشياً لأصحاب الشرائح الشعبية من المجتمع السوري، حتى أنّ تلك الانجازات لم تنعكس على الخزينة'. ازدادت عجوزات الموازنة العامة للدولة عاماً بعد آخر، يتابع التقرير، لترتفع من 84 مليار ليرة عام 2007 إلى 192 مليار ليرة عام 2008، ثمّ إلى 226 مليار ليرة عام 2009، وإلى 250 مليار ليرة عام 2010.

كذلك يقول التقرير ان نسبة النمو التي يتمّ الحديث عنها، والتي فاقت نسبة 6 بالمئة العام الماضي، حسب أرقام وزارة المالية، 'لم يشعر بها أصحاب الأجور لأنها ناجمة عن اقتصاد ريعي يتمثل بالخدمات المالية والعقارات بشكل خاص'. ويستغرب التقرير أن بعض أعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة 'يعيد سبب عدم شعور المواطنين بنتائج هذا النمو إلى الجفاف الذي خرب المنطقة، والى أزمة الغذاء العالمية والى ارتفاع الأسعار عالمياً'، لأنّ الأرقام الفعلية تشير إلى أنّ سورية جاءت في المرتبة الرابعة عشرة عربياً من حيث معدّل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، فبلغ 5.15، منخفضاً عن معدّل 6.3 بالمئة لسنة 2007.

كذلك يتوقف التقرير عند نتائج الأداء الاقتصادي من خلال عدد من المؤشرات، بينها زيادة أعداد الفقراء لتشكل نسبتهم نحو 30 بالمئة، وعددهم نحو 5.3 مليون مواطن، يعيشون على أقل من 90 ليرة يومياً للسكن والصحة والتعليم والطعام والنقل والكساء، وسوى ذلك. وهذه الظاهرة تقترن مع زيادة عدد العاطلين عن العمل، وزيادة 'حدّة التفاوت الاجتماعي وتدهور الطبقة الوسطى، وغياب العدالة في توزيع الدخل ما يتسبب في اتساع قاعدة الفقر'. يضيف التقرير تفاقم المشكلات المعيشية، وانخفاض القدرة الشرائية لأصحاب الأجور، واتساع الهوة بين الأجور والأسعار، وارتفاع معدّلات التضخم إلى حدود تفوق النسب الحكومية المعلنة (نحو 8 بالمئة فقط، في حين أنها تبلغ الضعف حسب تقدير التقرير، و14.5 حسب تقدير جمعية سيدات الاعمال السورية).

لا تغيب عن التقرير مؤشرات أخرى مثل 'تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي'، و'أزمة الطاقة الكهربائية المعروفة بانعكاساتها العديدة على الصناعة والتجارة والزراعة والبيئة والمجتمع'، و'تراجع أسعار المواد الخام المصدرة سواء النفط أو بعض المواد الزراعية' و'زيادة العجز التجاري'. لافتة تماماً، في جانب خاصّ سياسي ـ عقائدي، تلك الغمزة من قناة اقتصاد السوق الاجتماعي، النظرية التي بدت عزيزة على قلب بشار الأسد ذات يوم غير بعيد، ثمّ طواها النسيان في نهج النظام الفعلي كما في نهجه اللفظي، فلا يلاحظ التقرير 'غياب الجانب الاجتماعي لاقتصاد السوق' فحسب، بل يسجّل التالي أيضاً: 'مع اعتقادنا أنّ بعض القائمين على السياسة الاقتصادية لا يؤمنون بالجانب الاجتماعي لهذا الاقتصاد، وأنه سبق لأحد أعضاء الفريق الاقتصادي أن وصف الجانب الاجتماعي في اقتصاد السوق بـ (هذا الشيء)'!

وفي الوقائع العملية ثمة تفاصيل أقرب إلى السوريالية، بينها أن تكون الأسمدة المستوردة أرخص سعراً من الأسمدة المحلية التي تبيعها المصارف الزراعية والجمعيات الفلاحية، بمعدّلات تتراوح بين 20 إلى 30 بالمئة، الأمر الذي أسفر عن تراكم كميات هائلة من الناتج المحلي في مستودعات الشركة العامة للأسمدة. ولا حاجة إلى تبيان الرابح الحقيقي من وراء هذا التباين الفاحش في الأسعار، ولا حاجة أيضاً لتبيان الخاسر الأوّل... والأخير. ليست أقلّ سوريالية نظرية معاون وزير الإقتصاد، خالد سلوطة، التي تعيد سبب ارتفاع أسعار اللحوم (ألف ليرة سورية للكيلوغرام، كما أشار هيثم المالح في حوار على فضائية 'بردى') إلى سبب وجيه واحد، هو أنّ الدولة وفّرت الأعلاف الرخيصة لمربّي المواشي! ولقد تناسى هذا العبقري أنّ الحكومة تقدّم لرأس البقر الواحد كيلوغراماً واحداً من غذائه اليومي بسعر مدعوم، في حين أنّ استهلاكه الطبيعي يتجاوز ذلك الكيلوغرام الحكومي اليتيم بعشرين ضعفاً على الأقلّ!

ولكي لا يغيب البعد المأساوي عن هذه السوريالية المفتوحة، ثمة ذلك التفصيل المفزع الذي يقول بوجود نحو 52 ماركة تجارية لعبوات مياه معدنية 'يُعتقد أنها مقرصنة' حسب تعبير خليل جواد، المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية، الذي أضاف أنّ 'البلدان التي يتمّ الإستيراد منها ليس فيها هذا الكمّ الهائل من الينابيع، بل تتمّ فيها معالجة المياه لتصبح قابلة للشرب، مثلها مثل مياه الحنفيات التي توفرها مؤسسات المياه في المحافظات للمواطنين'. ومثل زميله العبقري، صاحب نظرية العلاقة بين رخص الأعلاف وغلاء اللحوم، تجاهل هذا المسؤول سبب تسلل هذه العبوات إلى أسواق الإستهلاك السورية، واستمرار بيعها علانية وفي وضح النهار، رغم أنه كان بنفسه قد أقرّ أنّ 'هناك العديد من هذه العبوات تمّ تحليلها في المخابر الرسمية، وقد تبين أنها مجرثمة أو حاملة لمعادن ثقيلة بنسب عالية'!

أهذه وقائع لا توهن عزيمة الأمّة، ويوهنها حديث المالح عن الفساد، وغياب الدولة، وانتهاك القوانين؟ ألا يقول تقرير 'منظمة الشفافية العالمية' إنّ سورية تراجعت تسعة مراكز عن التقرير السابق، وهي تحتلّ المرتبة 147 من أصل 180، والمرتبة 17 على مستوى الدول العربية، فلا يليها في ذيل مؤشرات الفساد إلا السودان والعراق؟ هذه، في نهاية المطاف، منظمة غير حكومية، تجتهد على نحو علمي محايد لإماطة اللثام عن مؤشرات الفساد والإفساد في العلاقات الإستثمارية والتعاقدية بين دولة ودولة، أو بين دولة وفرد، أو بين شركة عملاقة ودولة وفرد، أو بين هذه الأطراف جميعها حين تشترك في شبكة معقدة من الصلات والمصالح والمنافع المتبادلة. وهي تشدّد على نوعين من الأولويات العامة، هما سهولة توفير المعلومة وشفافية الإنفاق، وعلى أولويات محددة بينها نظام قضائي حرّ لمعالجة الفساد، ومواثيق دولية، واهتمام بالتربية والتعليم.
ومن جانب آخر، لكي لا يظنّ أحد أننا نستثني دولة أو نظاماً من الآفة، فإنّ الفساد (كما الإفساد) ليس شارعاً وحيد الإتجاه: هنالك الفاسد والمرتشي وقابض العمولات، وهنالك أيضاً المفسد والراشي ودافع العمولات. وتقارير المنظمة تسجّل هذه الحقيقة، بل هي تتكىء عليها بصفة أساسية حين تتحدّث عن العواقب البنيوية الوخيمة التي تلحق بالاقتصادات النامية جرّاء شيوع الفساد في أجهزة الدولة المعنية مباشرة بالتنمية. والتقرير الرائد الذي وضعه باولو ماورو في سنة 1995 يشير إلى أنّ الدول الأكثر فساداً تشهد القليل فالأقلّ من توجّه ناتجها القومي الإجمالي إلى الإستثمار، والقليل فالأقلّ من معدّلات النموّ.

وهذه الدول تستثمر في قطاع التربية والتعليم أقلّ بكثير من استثمارها في قطاعات إنشائية، لأنّ هذه القطاعات توفّر فرصة سمسرة لا توفّرها الإستثمارات في قطاع التربية.

وفي المقابل، تشهد مؤسسات ودوائر وفروع 'البنك الدولي' و'صندوق النقد الدولي' مراجعات جذرية تتناول مسألة الفساد والإفساد، وتسفر أحياناً عن صياغات متسارعة وقرارات دراماتيكية بالغة الخطورة، تبدو إدارية تقنية من حيث الشكل، ولكنها من حيث المحتوى الأعمق تظلّ سياسية واقتصادية وفلسفية أيضاً. إنها، كما يُقال لنا، 'حرب شعواء' ضدّ الفساد المالي، أو ضدّ استشراء 'سرطان الفساد'، ولم يعد في وسع المؤسستين اللتين تتحكمان في أموال العالم (والعالم الفقير لمزيد من الدقة)، الصبر على هدر الأموال العامة، والرشوة، والإختلاس، وتخريب الإقتصادات الوطنية، وعرقلة 'برامج التعديل الهيكلي' بوصفها 'إنجيل الإصلاحات' المقدّس في عرف خبراء المؤسستين.
لكننا نعرف أنّ جميع بلدان العالم (نعم: جميعها بلا استثناء) تضمّ رجالاً يستمدون ألقابهم من النسبة المئوية التي يحصلون عليها لقاء تسهيل أو توقيع مختلف أنواع العقود مع مؤسسات استثمارية صغيرة أو كبيرة، محلية أو عابرة للقارات.

هنالك 'المستر 5 بالمئة'، أو 'المستر 10 بالمئة'، أو حتى 'المستر 15 بالمئة'. وكان التنظير الرأسمالي البراغماتي قد اعتبر، مراراً في الواقع، أن حصّة هذا 'المستر' ليست جزءاً طبيعياً لا يتجزأ من كلفة التنفيذ فحسب، بل هي حصّة حيوية لا غنى عنها في سياق تذليل المصاعب البيروقراطية التي تعترض الإجراءات الإدارية على اختلاف مستوياتها، من توقيع العقود ذاتها وصولاً إلى الاستلام النهائي للمشروع والمصادقة على سلامة تنفيذه. بمعنى آخر، كان أصحاب هذا التنظير لا يرون غضاضة في تقديم الرشوة، ولا يخشون في ذلك أية عواقب قانونية أو سياسية أو أخلاقية.

أكثر من ذلك، مضى زمن غير بعيد (أواسط الثمانينيات، في الواقع) شهد دورية اقتصادية رأسمالية عريقة مثل 'هارفارد بزنس ريفيو' تعتمد ما يشبه الفلسفة 'الثقافية'، المستندة إلى مقاربة 'أنثروبولوجية' عنصرية النبرة، في تفسير شيوع الرشوة والفساد في بلدان العالم الثالث: هذه 'مكوس' لا تُدفع للفرد وحده بل للقبيلة بأسرها، وثمة شبكة من المصالح المشتركة بين الأفراد والقبائل تستدعي تحصيل نصيب غير مباشر من الثروات، يُوزّع على أفراد القبيلة أو يُصرف في تحسين سُبل عيشها داخل المؤسسة الأكبر للدولة. ما تدفعونه، تخاطب المجلة كبار مستثمري الكون، 'لا يذهب إلى الأفراد وحدهم، بل إلى جماعات أوسع نطاقاً، وبالتالي إلى الأمّة بأسرها في نهاية الأمر'!

فكيف إذا اختصر النظام الأمّة في عائلة، يمثّلها نفر محدود من ذئاب كاسرة، تدير قطيعاً من قطط سمان، تتولى بدورها تشغيل جمهرة من أدوات التنفيذ، في نظام تختلط فيه المزرعة بالجمهورية الوراثية، ولا يتكامل فيه الفساد إلا على يد أجهزة الإستبداد؟
' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
----------------------------------------------------
تأجيل اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية- تكتيك سياسي أم حماية للمصالح اقتصادية؟ ماهي الدوافع التي تكمن وراء قرار

دمشق تأجيل التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي؟
أجلت سوريا موعد التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بحجة حاجتها لدراسة بعض نقاط الاتفاقية التي تتحفظ عليها. أما الخبير الألماني لودرز فيرى في التأجيل محاولة سورية للحصول على مكاسب سياسية عبر بروكسل.

أرسل وزير الخارجية السوري وليد المعلم رسالة إلى الحكومة السويدية التي تتولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي يطلب فيها تأجيل مراسم التوقيع على اتفاقية الشراكة الأوروبية التي كانت مقررة في 26 من شهر تشرين أول/ أكتوبر الجاري. ونقلت وكالة فرنس بريس عن مصدر دبلوماسي قريب من الرئاسة المذكورة أنه " تم إرجاء التوقيع على اتفاقية الشراكة نزولا عند طلب سوريا إلى أجل غير محدد". وأفاد المصدر نفسه أن "دمشق لم تطرح في رسالتها أي سبب لطلب التأجيل وأنها بررت طلبها "بالحاجة إلى فترة لدراسة الاتفاقية مجددا".


التوقيع على الاتفاقية بين المد والجزر
التطورات الأخيرة أظهرت أن هناك تقاربا، مطردا بين سوريا والأوربيين في الفترة الأخيرة
ولم يكن قرار سوريا بتأجيل التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بالأمر المفاجئ، فقد كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد ألمح الأسبوع الماضي، أي في 14 من شهر أكتوبر/تشرين الأول، في دمشق إلى تشكيكه في إمكانية توقيع الاتفاق في 26 تشرين من الشهر الجاري في لوكسبورغ كما كان يأمل الأوروبيون، بحسب ما أوردت تقارير إعلامية. وكان الاتحاد الأوروبي الذي وضع مشروع الاتفاقية مع سوريا في عام 2004 قد جمّد عملية التوقيع لسنوات طويلة، مبرّرا ذلك "بوضع حقوق الإنسان في سوريا". في الوقت الذي وصفت فيه دمشق الأسباب "بالسياسية".
"دمشق تريد مراجعة نقاط ترى فيها تدخلا في شؤونها السياسية"

الخبير الألماني لودرز يري بأن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى "قطع العلاقات القوية التي "تربط سوريا بإيرانويرى أستاذ العلوم السياسية في دمشق مروان قبلان في قرار سوريا إرجاء التوقيع على الاتفاقية إلى تحفظها على بعض النقاط التي تعتبرها دمشق تدخلا في شؤونها السياسية. ويشير بذلك إلى بعض الشروط السياسية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، كموضوع الإصلاحات السياسية وحقوق الإنسان، مشددا في الوقت نفسه أن "دمشق تعتبر ذلك من صميم شؤونها الداخلية التي ترفض أي تدخل أجنبي فيها". يذكر في هذا السياق أن اتفاقيات الشراكة، التي يبرمها الاتحاد الأوروبي مع دول البحر المتوسط العربية تربط منح المساعدات المالية بشرط التزام البلدان الموقّعة الاستمرار في بعض الإصلاحات واحترام حقوق الإنسان.

ولفت قبلان إلى أن هناك أيضا تحفظات على الصعيد الاقتصادي داخل سوريا، إذ قال إن هناك جهات سورية عديدة ترى أن توقيت اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي "قد لا يخدم مصلحة اقتصاد البلاد"، وأنه لا يزال "غير مستعد بعد للتعامل مع متطلبات هذه الشراكة"، لافتا إلى أن السلع الأوروبية بإمكانها الدخول إلى السوق السورية ومنافسة السلع المحلية". وكانت دمشق أعلنت أنّها بحاجة إلى دراسة بعض النقاط "كي ترى ما إذا كانت ما تزال تناسب مصلحتها السياسية والاقتصادية". ويقول قبلان إن قرار التأجيل في الواقع إنّما هو "رسالة تريد دمشق إيصالها إلى بروكسل، مفادها أنها لن تسمح بالتدخل في شؤون تعتقد أنها في صلب سيادتها". فيما يرى أن الاتحاد الأوروبي يسعى من خلال هذه الشراكة إلى كسب سوق جديدة، وصفها "بالواعدة" بقدر ما يسعى إلى "التأثير على سياسة سوريا الداخلية وعلاقاتها الإقليمية".

"الاتحاد الأوروبي يسعى إلى قطع العلاقات القوية التي تربط سوريا وإيران"

من جهته، أعرب الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز أن قرار سوريا تأجيل التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يوجه رسالة واضحة مفادها "أن السوريين مستعدّون للتعاون مع الاتحاد الأوروبي، لكنهم لن يقبلوا بكل الشروط التي يفرضها الأوروبيون". ويلفت لودرز أن دمشق تسعى من خلال هذا التأجيل إلى كسب الوقت وإلى التلويح بأنها في موضع يسمح لها بالتفاوض بهدف التوصل أيضا إلى "حل لمسألة هضبة الجولان"، التي تحتلها إسرائيل. وبالتالي يتوقع لودرز أن تستخدم دمشق التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي كورقة سياسية "لدفع الإتحاد الأوروبي إلى ممارسة ضغوط على إسرائيل بشأن الانسحاب من الهضبة". بيد أنّه استبعد في الوقت نفسه احتمال "استجابة الأوروبيين لغاية السوريين"، لافتا إلى أن "الاتحاد الأوروبي يسعى إلى كسب سوريا ضد ما "يمثله البرنامج النووي الإيراني من مخاطر".

ولفت لودرز إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى "قطع العلاقات القوية التي تربط سوريا بإيران"، لافتا إلى التخوف الأوروبي "من أن تنضم سوريا إلى نادي الدول في منطقة الشرق الأوسط"، التي تسعى لتطوير برنامج نووي على غرار الجارة إيران، مشدّدا بالقول "إن أوروبا لا تريد هذا التعاون الودي بين البلدين". ويتوقع لودرز أن يتم التوقيع على اتفاقية الشراكة بين سوريا والاتحاد الأوروبي في غضون "أسابيع أو بضعة أشهر"، مشددا في الوقت نفسه على أنه "من مصلحة دمشق أيضا إقامة علاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي".
الكاتبة: شمس العياري
تحرير: ابراهيم محمد
---------------------------------------------------
صحيفة ألمانية: إسرائيل تطلب من المانيا فرقاطتين مجانا

صورة لفرقاطة ألمانية يصعب رصدهاذكرت صحيفة ألمانية أن إسرائيل طلبت من ألمانيا تزويدها بفرقاطتين حربيتين بشكل مجاني تقريبا تضاف إلى الغواصات المتطورة الست من نوع "دلفين" التي حصل سلاح البحرية الإسرائيلية على ثلاثة منها حتى الآن.

ذكرت جريدة "هانوفرشه ألغماينه تسايتونغ" صادرة في هانوفر اليوم الجمعة (23 أكتوبر/ تشرين الثاني 2009) نقلا عن دوائر حكومية أن إسرائيل تأمل في أن تموِّل برلين بناء فرقاطتين حربيتين بصورة كاملة. وقدَّرت الصحيفة نقلا عن مصادرها كلفة السفينتين بنحو 300 مليون يورو مشيرة إلى أن الطرف الإسرائيلي بدأ محادثات حول الموضوع مع مجمَّع بناء السفن الحربية "بلوم اند فوس" بالقرب من هامبورغ في شمال البلاد الذي يبني فرقاطات يصعب رصدها وكشفها بواسطة أجهزة الرادار.

وكان ضابط كبير في سلاح البحرية الإسرائيلي كشف النقاب عن أن البحرية الإسرائيلية تعتزم شراء سفينتي صواريخ خفيفتين (شبح) لا يمكن رصدهما على شاشات الرادار حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية. وأضاف الضابط أن رئاسة أركان الجيش وافقت لسلاح البحرية على إجراء مفاوضات مع شركات بناء سفن ألمانية لتصميم وصنع سفينتي صواريخ متعددتي الأغراض لا يمكن رصدهما على شاشات أجهزة الرادار. ومن المتوقع أن تدخل السفينتان الخدمة عام 2014.
اهتمام بالأسلحة الألمانية
ولفتت صحيفة "هانوفرشه ألغماينه تسايتونغ" في تقريرها إلى أن إسرائيل تريد الحصول على السفن فقط على أن تركِّب فيها أنظمة أسلحة أميركية متطورة، من بينها بصورة خاصة نظام صاروخي. وتجدر الإشارة إلى أن سلاح البحرية الإسرائيلية حصل بين أعوام 1999 و2000 على ثلاث غواصات ألمانية من نوع "دلفين" بناها مصنع "هوفالدت" في كيل وغطَّت الدولة الألمانية 1.1 مليون يورو من كلفتها.
ويبني المصنع حاليا غواصتين إضافيتين كلفة كل واحدة منهما نحو 500 مليون يورو. وقررت الحكومة دفع ثلث المبلغ، أي 333 مليون يورو. ويتم تشغيل الغواصات المتطورة بمفاعلات نووية تسمح لها بالعمل لمدة طويلة تحت الماء. وذكرت الصحيفة أن منتقدي الصفقة يحذرون من قدرة إسرائيل على تعديل الغواصات بصورة تمكِّنها من بناء منصات عليها لإطلاق صواريخ قادرة على حمل سلاح نووي. وكانت الحكومة الألمانية وافقت عام 2006 على تصنيع غواصة سادسة لإسرائيل.

(أ. د/ رويترز/ د ب أ)

مراجعة: طارق أنكاي
------------------------------------------------

تعليقات الصحف الألمانية 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2009
الأنباء التي ترددت حول مفاوضات بين ممثلي إيران وإسرائيل على هامش اجتماع غير رسمي في القاهرة، وفوز ثلاثة حقوقيين روس بجائزة سخاروف لحرية الفكر من أبرز الموضوعات التي تناولتها الصحف الألمانية الصادرة هذا اليوم الجمعة.
حول الموضوع الأول كتبت صحيفة تاغس تسايتونغ die tageszeitung:
"يجب الحذر من الحماس الزائد فالاتصالات الأولى بين إيران وإسرائيل يمكن أن تكون الأخيرة على المدى المنظور، وهذا سيكون مدعاة للأسف، فلما لا تعقد اتصالات بين هذين البلدين الذين لم تقع بينهما حرب من قبل ولا توجد بينهما مناطق متنازع عليها، ويضاف إلى هذا أن الإيرانيين ليسوا معروفين بمعاداتهم للسامية. لكن بالرغم من هذا يسئ الرئيس الإيراني إلى الصهاينة ودولتهم التي يجب أن تختفي من الخارطة، وفي المقابل تشعر إسرائيل أن القنبلة النووية الإيرانية تشكل تهديدا متزايدا لها تفوق خطورته كل الحروب التي خاضتها حتى الآن وتفوق تهديد الإرهاب لأمنها. إن مشكلة إسرائيل هي أنها تمثل مساحة مناسبة لإسقاط الصراعات الداخلية في الدول الإسلامية على السلطة، فعلى كل من يريد تسجيل أكبر عدد من نقاط لصالحة تصعيد اللهجة حيال إسرائيل."

وحول الموضوع نفسه كتبت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ Süddeutsche Zeitung:
"إن جلوس ممثلي إيران وإسرائيل للمرة الأولى على طاولة واحدة يعتبر حدثا استثنائيا حتى في عالمنا الراهن الذي يعرف بأنه عصر الاتصالات، إذ إن أمرا من هذا القبيل لم يحدث منذ سقوط نظام الشاه عام 1979. (...) لكن لا يجب تفسير هذا الاجتماع بأكثر مما يحتمل، فالوقت لا يزال مبكرا كي تسمح إسرائيل بإجراء محادثات حول ترسانتها النووية، وبالذات إذا كانت الدول العربية الجارة لها طرفا في تلك المحادثات. وهناك أسئلة في غاية التعقيد فيما يتعلق بمراقبة البرامج النووية وأسلحة الدمار الشامل بشكل عام وحول المصداقية وبناء الثقة، وكلها أمور يجب النقاش حولها للتوصل إلى نزع الأسلحة النووية في الشرق الأوسط."

وإلى الموضوع التالي في هذه الجولة فحول فوز ثلاثة ناشطين من منظمة ميموريال الروسية بجائزة سخاروف التي يمنحها الاتحاد الأوروبي في مجال حرية الفكر كتبت صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ Frankfurter Allgemeine Zeitung تقول:

"وصف رئيس منظمة موموريال أوليغ أورلاف نيل منظمته لجائزة سخاروف
بأنه حدث يثير انفعالات متباينة، وكان هذا الكلام موجها إلى من هم على رأس السلطة في موسكو، إذ لم تمض خمسة أشهر منذ اغتيال ناتاليا أيستميروفا في دولة الشيشان بطريقة توحي بتورط جهاز الأمن. وحاليا في شمال روسيا يتعرض المؤرخ الروسي ميخائيل سوبرون إلى مضايقات بسبب عمله على جمع أسماء ضحايا الحقبة الستالينية. إن قرار البرلمان الأوروبي بمنح الجائزة لمنظمة موموريال يعتبر رسالة إلى موجهة إلى روسيا للسلطة في موسكو وللمدافعين عن حقوق الإنسان على حد سواء."
إعداد: نهلة طاهر
مراجعة:
-------------------------------------------------

هل خفُت دوي انهيار سور برلين بعد 20 عاماً؟
بسقوط سور برلين قبل 20عاماً انهارت ألمانيا الشرقية وتمهد الطريق للوحدة الألمانيةقبل عشرين عاماً سقط جدار برلين الذي ظل رمزا لانقسام عالمين وأيديولوجيتين لمدة 29 عاما. جاء الحدث مفاجئاً تماماً للجميع، حتى وإن تكاثرت المؤشرات على غروب شمس الشيوعية في أوروبا.
هل أصبح هذا الحدث ذكرى بعد 20 عاماً؟

في الأيام الأولى من شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 1989 لم يكن هناك ما يدعو إلى التفكير في أن سور برلين سيزول بعد أن ظل جاثماً على الصدور طيلة 28 عاماً. كانت هناك مؤشرات لا تخطؤها العين، إذ فر الآلاف من سكان ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية عن طريق جمهورية التشيك والمجر، كما بدأت بولندا تتنسم عبير الديمقراطية بعد أن أسقطت الحكومة الشيوعية؛ باختصار: كانت رياح التغيير قد شرعت تهب على أوروبا الشرقية على الرغم من رفض بعض حكومات دولها قبول فكرة أن الشيوعية في سبيلها إلى الزوال. وعندما سقط السور لم يعد أحد يعرف ماذا يفعل. المفاجأة كانت عظيمة بالنسبة لوسائل الإعلام الدولية أيضاً.

صحيح أن المحللين كانوا قد وضعوا سيناريوهات لمستقبل الحكومات الشيوعية، غير أن الجرأة لم تبلغ بهم حد التنبؤ بما حدث في أنحاء أوروبا الشرقية، والذي وصل إلى ذروته في القرار المشوش والمربك بفتح السور في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1989.
ساعة نهاية الشيوعية تدق
Bildunterschrift: الألمان الشرقيون يتدافعون عبر بوابة براندنبورغ إلى الشطر الغربي بعد إعلان فتح الحدود في التاسع من نوفمبر 1989 كان سقوط سور برلين أكثر الأحداث بروزاً في سقوط الشيوعية في أنحاء المنطقة، ولكنه يظل مجرد حلقة داخل سلسلة أحداث. ويشير أندرو ويلسون، كبير خبراء التخطيط السياسي لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إلى أن كرة الثلج بدأت تكبر مع الانتخابات البولندية عام 1989 التي أطاحت بالحزب الشيوعي من السلطة.
وفي وقت لاحق من العام فشل الزعيم الروماني نيكولاي تشاوشيسكو في تهدئة الجماهير الغاضبة عبر التليفزيون، فكان ذلك بادرة أخرى على أن ساعة نهاية الشيوعية قد دقت بالفعل. وأدت هذه الأحداث إلى بداية مغامرة استمرت 20 عاماً حتى اليوم.
وكان على منطقة كاملة أن تحاول نسي
ان تراث الديكتاتورية وأن تسير على طريق الديمقراطية والرأسمالية. في فترة الانتقال المؤلم تلك، الانتقال من نظام شمولي مستبد يضمن لمواطنيه أساسيات العيش ويحمل عنهم عبء الاختيار، إلى نظام ديمقراطي مفتوح يقوم على الفردية وتحقيق الذات والإنجاز والتنافس الشديد الذي يفرضه اقتصاد السوق الحر، في تلك الفترة التي تلت تفكك عالم وسبقت نشوء آخر كان هناك عدد كبير من البسطاء الذين لم يستطيعوا التأقلم مع تلك التحولات، كما كان هناك من عرف كيف يقتنص فرص الواقع الجديد.
الحنين إلى ماض بدا جميلاً

تعتبر سيارة "الترابنت" رمزاً "للزمن الجميل" عند البعض بمضي الوقت بدأ البعض يشعر بالحنين إلى تلك الأيام القديمة التي ربما لم تكن جميلة، ولكنها على الأقل كانت أكثر بساطة، وهو ما أدى إلى ما يمكن تسميته بـ"صناعة الحنين" أو "النوستالجيا الشرقية"، فكثرت البرامج التلفزيونية والأفلام والكتب التي راحت تمجد تلك الفترة وكأنها كانت فترة ذهبية، وربما كان منبع ذلك شعور البعض بالإحباط لما حدث بعد الوحدة من تطورات. كثيرون كانوا يتمنون الاحتفاظ بالاشتراكية ولكن بدون ديكتاتورية، وهو ما أطلقت عليه الكاتبة الألمانية (الشرقية) كريستا فولف "الاشتراكية ذات الوجه الإنساني".
سقط السور منذ عشرين عاماً، ولكن دوي انهياره ما زال يطن في أذن البعض، وما زال البعض يشعر بأن سوراً خفياً يفصل بين ألمانيتين وتاريخين.
(س ج / د ب أ)
مراجعة: سمر كرم

Montag, 19. Oktober 2009


الـ'سوبر ـ أطرش'
صبحي حديدي
19/10/2009

ثمة حكايات تُروى وتُروى لأنها تظلّ ذات صلة بما يستجدّ أو يتواصل في الحياة اليومية للبشر، ولأننا نَلَذّ لها، كما كان شيخنا عبد القاهر الجرجاني يقول. هذه واحدة من تلك الحكايات، التي يلذّ لي شخصياً أن أستعيدها كلما رنّ ناقوس في مسألة حبال الرحم التي تربط الدولة العبرية بالولايات المتحدة، وكلما اجتهد نطاسي لإقناعنا (وربما إقناع نفسه معنا ضمناً، أو حتى قبلنا) بأنّ هذه العلاقة تقوم على مزيج أوحد من ركائز 'العقلانية الباردة' و'السياسة الذرائعية'.

في مطلع القرن الماضي انتُخب الجمهوري ثيودور روزفلت رئيساً للولايات المتحدة، على خلفية شعار كبير جذاب يقول بمحاربة مجموعات الضغط أيّاً كانت طبيعة نشاطاتها: إقتصادية، سياسية، إثنية، أو دينية. وحين أعلن روزفلت تعيين اليهودي أوسكار شتراوس وزيراً للتجارة والعمل، سارع الصيرفي جيكوب شيف (عميد يهود أمريكا آنذاك) إلى إقامة مأدبة عامرة احتفالاً بالمناسبة، كان روزفلت ضيف الشرف فيها. ولقد ألقى الأخير كلمة تقصّد أن تحتوي على فقرة تشير إلى أنه لم يعيّن شتراوس في المنصب ذاك لأيّ اعتبار آخر، سوى أنه كان الرجل المناسب في المكان المناسب: 'لم أعيّنه لأنه يهودي. ولسوف أحتقر نفسي لو وضعت بعين الإعتبار مسائل العرق أو الدين عند اختيار رجل لمنصب رفيع. الجدارة، والجدارة وحدها أمْلَت هذا التعيين'.

الفضيحة وقعت حين لم يفطن أحد إلى ضرورة إعلام شيف (الأطرش!) بما قاله الرئيس لتوّه، فنهض الرجل بدوره وألقى كلمة بدأها بالجملة التالية: 'لقد استدعاني السيد الرئيس قبل تشكيل حكومته، وأعلمني برغبته في تعيين يهودي في الحكومة، وطلب منّي أن أسمّي الرجل الذي يُجمع اليهود على اختياره. ولقد أعطيته اسم أوسكار، فعيّنه، ولم يخيّب الرئيس آمالنا'! وتقول بقية الحكاية إنّ الحضور صفّقوا بعصبية وارتباك، وأمّا الرئيس الـ 26 للولايات المتحدة الأمريكية فقد امتقع وجهه، وحملق في الفراغ.

اليوم، مع تصويت الولايات المتحدة ضدّ تقرير القاضي ريشارد غولدستون حول انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في غزّة، لا يعود بنا الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما إلى عهد روزفلت فحسب، بل يذكّرنا بأنّ أي عهد لم يختلف عن سواه في ما يخصّ حبال الرحم الأمرو ـ إسرائيلية تلك. كذلك نتزوّد من أخلص رجال الرئيس، وعلى رأسهم بنت جلدته سوزان رايس، مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن الدولي، ببرهان جديد على أنّ ما سعى أوباما إلى بنائه في تركيا ومصر، أخذ يتداعى ويتهدّم حتى قبل أن ترتفع أعمدته، بمعول يحمله البنّاء نفسه.

وبالطبع، لا نخال أنّ ساذجاً واحداً على هذه البسيطة يمكن أن ينتظر من مندوب الولايات المتحدة إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان الإمتناع عن التصويت، أو حتى الفرار منه، كما فعل فرسان بريطانيا (أحفاد الـ Magna Carta أو 'الميثاق الأعظم' لضمان الحقوق الأساسية)، وفرنسا (بلد 'إعلان حقوق الإنسان والمواطن'، ومهد فلسفة الأنوار). بيد أنّ البيت الأبيض كان قادراً على 'إدارة' الملفّ على نحو يُبلغ رسالة من نوع ما إلى حكومة بنيامين نتنياهو، لطيفة مهذبة ودّية صداقية... على مألوف التراسل الأمرو ـ إسرائيلي، تلجأ إلى مناورة ـ مخففة، محدودة، تكتيكية محضة، هنا أيضاً ـ لإنقاذ ماء وجه الإدارة إزاء الإمتناع الإسرائيلي عن تجميد المستوطنات، والإقبال على تجميد أشغال المبعوث الأمريكي جورج ميتشل. ألا يجوز لممارسة كهذه أن تندرج، بدورها، في سياق 'العقلانية الباردة'، و'السياسة الذرائعية'؟

لسنا، ولعلّنا لم نكن في أيّ يوم، بحاجة إلى رجل أطرش مثل جيكوب شيف لكي تفوح روائح الفضيحة من ذلك الخطاب الأمريكي الرسمي، الذي يقتفي مفردات الخطاب الإسرائيلي الرسمي، وغير الرسمي، في تأثيم القاضي غولدستون، وكأنه ليس المشرّع الدولي المعروف الذي يحظى باحترام بالغ في أوساط حقوق الإنسان العالمية، والعضو المستقلّ النزيه في لجنة بول فولكر للتحقيق في برنامج 'النفط من أجل الغذاء'، والقاضي المخضرم في محكمة الجنايات الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة... أو كأنه، وهنا المغزى الخاصّ، ليس الشخصية اليهودية البارزة، رئيس جمعية 'أصدقاء الجامعة العبرية'، والرئيس الفخري لجمعية الـ ORT، التي يعود تأسيسها إلى سنة 1880، في قطاع أنظمة التعليم اليهودية!

وذات يوم اعتبر المعلّق البريطاني روبرت فيسك أنّ الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حُوّل، بعد توقيع اتفاقات أوسلو، من 'سوبر ـ إرهابي' إلى 'سوبر ـ رجل دولة'، دون إسقاط حقّ إسرائيل والولايات المتحدة في ردّه من جديد إلى الـ'سوبر ـ إرهابي'. ولقد حصل هذا، سريعاً أيضاً، مع فارق أنّ الفلسطيني المطلق، وليس عرفات وحده، هو الذي حُوّل مجدداً إلى 'سوبر ـ إرهابي': ليس في غزّة ورام الله والبيرة ونابلس والخليل، أو في الناصرة وأمّ الفحم ويافا وحدها، فحسب؛ بل في الأردن وسورية ولبنان ومصر، في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا، هنا وهناك، أينما حلّ الفلسطيني وارتحل على امتداد هذا العالم الشاسع الواسع.

في المقابل، ثمة دائماً ذلك اليهودي الطيّب، المحاصَر من جيرانه، المهدَّد في بيته وكنيسه ومستوطنته، الراغب في السلام، الباحث عن الوئام، الكسير والتراجيدي والشاعري، الـ... 'سوبر ـ أطرش'، غنيّ عن القول!
-------------------------------------------------------

في الوقائع نصف الغريبة لاختفاء الشعب
ياسين الحاج صالح
2009 / 10 / 18
تواطأت ثلاث حركات على جعل "الشعب" غير مرئي في البلدان العربية في ربع القرن الأخير.
تمثلت حركة أولى في تفاقم الاستبداد الحاكم إلى حد بلوغه أبعادا دراكولية أحيانا. وأول مفاعيل هذه مصادرة التعبيرات السياسية المستقلة للسكان ومنعهم من التشكل كشعب. الشعب "إرادة عامة" لا تتحقق إن لم تعبر عن نفسها، ولا تتكون إن منعت من الظهور المستقل سياسيا. هذا فضلا عن أن الاستبدادية العربية المعاصرة طورت خصائص سلطانية محدثة، لا تمتنع عن صنع الشعب أو العمل على نشوء مستوى من الاندماج والتجانس والمساواة الحقوقية والسياسية هو ما نسميه الشعب، بل يناسبها بالأحرى أن تتشكل المادة السكانية في صورة طوائف وعصب لا تكاد تتفاعل فيما بينها ولا تثق ببعضها. مثل الطوائف ذاتها، الشعب لا يوجد في الطبيعة، ولا يكفي وجود دولة اسمها سورية أو لبنان حتى يوجد شعب سوري أو لبناني؛ إنه نتاج صناعة سياسية ضمن شروط محددة. وليست هذه الصناعة بمجرد الإرادة؛ إن لها شروط اقتصادية واجتماعية وفكرية، محلية ودولية، تنشغل بالتفكير فيها والعمل من أجل توفيرها إشكالية البناء الوطني. وعنصري هذا البناء هما الوطن والشعب (الأمة)، فلا نتكلم على شعب إلا في إطار وطني محدد، ولا يفيد الكلام على وطن حيث لا يكون السكان شعبا. والحال لا تبدو السلطات في بلداننا معنية بهذه الإشكالية، يستنفد جهدها كله البقاء الأبدي في الحكم. لكن أيضا لا يبدو أن أحدا يهتم بهذه الإشكالية، لا التنظيمات السياسية ولا المثقفين.

في المقام الثاني نذكر تراجع الحركة اليسارية، إيديولوجية وسياسة، هذه التي زامنت صعود الحركة القومية العربية في النصف الثاني من خمسينات القرن السابق وستيناته وبعض سبعيناته، وكانت تتكلم كثيرا على الشعب، وتفكر فيه بلغة الجماهير المحرومة والأكثرية المهملة والطبقات الكادحة، وتطور سياسات مفكِّكة لبنى امتيازية قديمة وروابط عضوية قارة، فتعمل على ظهور هذا الشكل السياسي أو تعزز مفهومه في الأذهان. كان الدفاع عن المصالح المفترضة لعموم الشعب، "مصالح الشعب الحقيقية"، يجتذب "مناضلين" و"مثقفين عضويين" إلى ميدان العمل العام في مواجهة سلطات سياسية واقتصادية توصف بأنها مستغلة وقمعية وأقلية. تدهور الشعبوية اليسارية هذه أسهم في زوال الشعب كفاعل سياسي أو كمنتج للفاعلية السياسية. وكان انفصال هذا الطرح اليساري عن مسألة البناء الوطني (الاندماج والمواطنة واستقلال الدولة عن المجتمع الأهلي..) تسبب في جعل السياسة اليسارية، حتى في أيام صعودها، بلا ركائز بنيوية، معرضة من ثم لاستعمار أهلي من باطن.

أما اليسار الشيوعي، وبقدر ما كان يمكن تمييزه عن الشعبوية اليسارية، فكان يتكلم بالأحرى على الطبقة العاملة أو الجماهير الكادحة، ويتشكك في مفهوم الشعب أو يعتبره تشويشا على الصراع الطبقي. كان من شأن ذلك في مجتمعات غير مندمجة أن يتمفصل بدوره مع الروابط الأهلية ويوظف في صراعاتها ومنافساتها، فيمعن في إضعاف الاندماج الوطني.

في المقام الثالث وبالتفاعل مع الحركتين السابقتين أفضى صعود الإسلاميين منذ أكثر من ثلاثة عقود إلى ظهور مجتمعاتنا في صورة تشكيلات دينية ومذهبية، إن لم تكن متعادية، فهي غير متقاربة ولا تشكل "إرادة عامة". وبينما كان مفهوم الأكثرية الاجتماعية يحيل فورا إلى الشعب المحروم والجماهير المستغلة التي تشكل "الأكثرية الساحقة" من السكان، أخذ المفهوم يشحن بمضمون ديني أو هويتي، يبدو الإسلاميون هم تعبيره السياسي الطبيعي. يتعلق الأمر هنا بنزعة شعبوية يمينية، تفكر في الشعب كجوهر ثقافي، "أمة"، لا كعلاقة سياسية تاريخية. بالمقابل، بعد أن كان ينظر إلى السلطات المستبدة كأقلية برجوازية أو متبرجزة، ضئيلة ومستغلة وتابعة، سيحيل مفهوم الأقلية منذ ثمانينات القرن العشرين إلى جماعات دينية ومذهبية وإثنية مختلفة، تبدو مهددة من قبل أكثرية محددة ثقافية أيضا. أين الشعب؟ لم يعد مرئيا. الأدوات التحليلية الجديدة هذه لا تتيح تصوره.

وعلى صلة بهذا التحول الأخير أخذ مثقفون كثيرون، لا يظهرون اهتماما بإشكالية البناء الوطني أكثر من أطقم الحكم الاستبدادية ومن الشعبويين اليساريين في زمن مضى، أخذوا ينددون بانفعال بالشعبوية، دون اشتغال من أي نوع على مفهوم الشعب. بدا لهم أن هذا يعني ببساطة الأكثرية الدينية الإسلامية. وتطور على أيديهم في العقدين الماضيين نقد يميني، نخبوي ومنفعل ومتشائم، للديمقراطية وللمثقفين الذين يتمحور تفكيرهم العام حولها. ولم تكن الزراية المتكررة بالشعبوية غير تعويذة لراحة نفس هذه النخبوية اليمينية، المتنورة في عين ذاتها. مع الغسيل الشعبوي لم يحتفظ هذا اليمين الثقافي العلماني بشيء من الشعب، من المستوى الذي يمكن أن يتوحد عليه السوريون أو اللبنانيون..، أو من التساؤل عن كيفية صنع الشعب. جرى التسليم دون وساوس بأن الأكثرية الدينية أو المذهبية إسلامية فعلا (دون منازعة للإسلاميين الذين يؤسسون على هذا التسليم استحقاقهم لقيادة "الأمة")، الأمر الذي يتيح لهم المضي من رفض الديمقراطية إلى تسويغ سياسات هوية مضادة، طائفية بدورها، أو السكوت عليها والتقليل من شأنها. وفي سورية، تصطف هذه التنويعة النخبوية بثبات إلى جانب السلطات الحاكمة، أو لا تجد ما تقوله في شأنها.

في المحصلة لم يعد الشعب موجودا إلا كركيزة غير متعينة لوجود دولة ونظام حكم. هناك شعب مصري لأن هناك دولة مصرية. لا يلزم من أجل ذلك أن يكون جمهور المحكومين قادرا على الاحتجاج من أجل قضايا اجتماعيا أو وطنية، ولا بأس بمنع السكان بالقوة من تنظيم أنفسهم وإسماع صوتهم؛ إنهم "شعب" في كل حال، وإلا من يحكم الرئيس مبارك وإخوانه؟ لكن كيف لجمهور منقسم، تقل المشتركات الجامعة له، وتتسع الفوارق ضمنه، وتتنافس نخبه على تطوير سرديات مظلومية وسرديات تفوق تعزز انقساماته وتمعن في شرذمته، كيف له أن يكون شعبا؟ في مثل أحوالنا هذه، قد نتكلم على سكان، على جمهور غير متشكل، على "مجتمع أهلي"، على أكثريات وأقليات معرّفة ثقافيا ودينيا، على "الناس"، أو ببساطة وتجنبا للتعقيد على "المجتمع"، لكن ليس على شعب بمعنى منتج للكلمة. وبالفعل تكاد الكلمة تكون خرجت من التداول.

ولما كان الشعب هو البنية التحتية للديمقراطية، كانت هذه ممتنعة في مثل هذه الشروط إلا في صيغة ديمقراطية طائفية. هذا يراه كثيرون، لكن لا يريد أحد أن يرى أن الاستبداد السلطاني المحدث يعمل على صنع الشروط التي تؤبده: يمنع تشكل الشعب ويرعى التشكل الطائفي، ليكون هو الحل، وليكون أي بديل عنه امتدادا له.
----------------------------------------------

Sonntag, 18. Oktober 2009


بيان إلى الرأي العام إعلان دمشق : وعد يتجدد وأمل يكبر
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

يصادف السادس عشر من تشرين الأول الجاري ، الذكرى الرابعة لانطلاقة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في سورية مدشناً ذروة لحراك سياسي نوعي ، غطى السنوات الخمسة التي سبقته من تاريخ سورية مابعد عام 2000 .

كان إعلان دمشق ائتلافاً لقوى وطنية ديمقراطية ، أحزاباً وهيئات مجتمع
مدني وشخصيات مستقلة ، قوميون ويساريون وليبراليون وإسلاميون ديمقراطيون ، عرب وأكراد وآثوريون ، جمعهم هدف التغيير الوطني الديمقراطي والانتقال بسورية من دولة الاستبداد والتسلط إلى دولة الحق والقانون والمواطنة . لقد كان مشروعاً لحرية سورية والشعب السوري ، طارحاً شكلاً وفهماً جديدين لمعنى المعارضة الوطنية الديمقراطية وأساليب عملها وأدائها السياسي في ظل نظام استبدادي ، استمر بحكم قانون الطوارىء والأحكام العرفية والحلول الأمنية والقمع .

سنوات أربعة على انطلاقة الإعلان ، كانت مليئة بالنجاحات والتضحيات والضغط الأمني ، عانى خلالها نشطاء الإعلان وأنصاره السجون والملاحقات والفصل من العمل . وقدم حتى الآن كوكبتين من نشطائه وقياداته قرابين من أجل الحرية ، مازال معظمهم يقبعون في سجون النظام . أولاهما : الاعتقالات التي تلت إعلان دمشق بيروت ، وثانيهما : تلك التي أعقبت انعقاد المجلس الوطني في دورته الأولى . ومثلما لاقى الإعلان ترحيباً وقبولاً وانتشاراً داخل سورية وخارجها ، عانى ولاشك قدراً من التحديات والصعوبات ، تعود في جزء منها إلى طبيعة الإعلان ذاته . لأن ائتلافاً عريضاً كهذا يحتاج إلى مناخ أفضل وحوار أعمق وأكثر هدوءاً ، كيما يمكن تجاوز سلبيات ورواسب التجارب السياسية السابقة .

إننا على ثقة أن إعلان دمشق ، وعلى الرغم المصاعب التي يواجهها ، قد رسخ في وجدان السوريين وفي حياتهم السياسية على ضيقها ، وبات يمثل أملاً نحو الحرية لا يمكن تجاهله . وقد تجاوز إعلان دمشق في سنواته الأربعة على قصرها مرحلة الدعوة والتعريف بمشروعه وخطه السياسي ، بعد انعقاد المجلس الوطني وانتخاب هيئاته ، إلى حالة المأسسة واكتمال هيئاته التنظيمية . فلجانه باتت تغطي كافة المحافظات السورية وأغلبية دول أوروبا وأمريكا الشمالية . وهناك أمانة مؤقتة للخارج ، تدير عمل الإعلان تمهيداً لعقد المجلس الوطني للخارج واستكمال هيئاته .

ولعل الإنجاز الأبرز الذي حققه الإعلان خدمة لمشروع التغيير ، أنه كان الحركة التي استطاعت لأول مرة في تاريخ سورية وضع المعارضة السورية في دائرة ومتابعة واهتمام المجتمعات العربية والقوى المعارضة فيها ، وكافة المهتمين بالشأن السوري ووقضايا الحرية وحقوق الإنسان في العالم . لقد أضحى الإعلان حقيقة راهنة وواعدة في الواقع السوري . ومع ذلك يبقى على الإعلان أن يواجه التحديات القائمة ، والتي تتركز في كسب المزيد من الديمقراطيين والمؤمنين بالديمقراطية حلاً ناجعاً لمشاكلنا التي فاقمها الاستبداد .

فالمشروع الديمقراطي لا ينجزه إلا ديمقراطيون ، وهؤلاء هم الضمانة ألا تنزلق الدعوة الديمقراطية إلى مجرد شعارات وأيديولوجيا ، كما انتهت إليه حال الدعوات القومية والاشتراكية وغيرها ، تلك التي انتهت إلى حالات وأنظمة استبدادية ، أو تصالحت مع الاستبداد وبررته ، عندما غابت عنها محورية الإنسان المواطن وأهميته من حيث هو إنسان قبل أي توصيف آخر ، ومواطن في دولة تحترم القانون الذي تدعي حمايته.

لا نشك أن طلاب التغيير في سورية باتوا يمثلون أغلبية هذا الشعب . ودائرة المستفيدين من فساد النظام والحريصين على استمراره راحت تضيق يوماً بعد يوم . لقد أضحى نظاماً يمثل الماضي الذي لا يحبه السوريون ، ويعتبرونه سبباً لشقائهم وفقرهم وغموض مستقبلهم . لكن التغيير شيء والتغيير الديمقراطي شيء آخر .

ومن البداهة أن يأخذ التغيير سمة الذين ينجزونه . والديمقراطيون في سورية وإعلان دمشق في المقدمة منهم ، حريصون أن يفضي مشروعهم للتغيير فكراً وممارسة وأساليب عمل إلى دولة حق وقانون ومواطنة . وأن يفتح آفاقاً لتنمية سورية وتقدمها وتمتين وحدتها الوطنية ، كي تأخذ دورها الإيجابي والبناء في محيطها وفي العالم ، تعلي من شأن الإنسان وقيم العدل والحرية والسلم في العالم ، وتحترم القانون الدولي والشرعية الدولية وتلتزم بهما ، وتنبذ العنف في العلاقات الدولية ، وتحرص على مصالح شعبها وحقوقه المشروعة .

وبهذه المناسبة ، فإن إعلان دمشق ونشطائه ومؤيديه وهم كثر في سورية وخارجها ، يتوجهون بدعوة مفتوحة ومسؤولة من الشعب السوري ونخبه السياسية والثقافية والاقتصادية على تنوع مرجعياتها الفكرية ، من أجل الحوار لإغناء مشروع التغيير الوطني الديمقراطي ودفعه قدمأ . وهذه النخب مدعوة إلى حسم خياراتها والانحياز لصالح الحركة الديمقراطية ومشروعها التغييري، الذي بات خياراً مؤكداً للشعب السوري صاحب المصلحة في التغيير وعماده منطلقاً ومآلاً .

عاشت سورية حرة وديمقراطية
الحرية لكل سجناء الرأي في سورية
16 / 10 / 2009

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
الأمانة العامة
-------------------------------------------------------

بيان : إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي


بتاريخ 14 / 10 / 2009 اعتقلت السلطات الأمنية السورية المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان الأستاذ هيثم المالح ، وهوما شكل تطوراً خطيراً في ممارسات النظام السوري ، يعبر عن شدة ضيق في الصدر تجاه كل من يملك رأياً أو موقفاً في هذا البلد ، خاصة وأن الأستاذ المالح داعية عدل وحق وعلم من أعلام الدفاع عن المظلومين والمقهورين على مدى عقود في سورية . وكان على الدوام يصر بجرأة واضحة على تعرية الانتهاكات التي باتت أجهزة النظام الأمنية توزعها في كل اتجاه .

اعتقال هيثم المالح وهو أحد مؤسسي إعلان دمشق ، والذي تجاوز الخامسة والسبعين من عمره ، وقلة من السوريين الذين لهم تاريخ هيثم المالح وسيرته ، إن دل على شيء فإنه يدل على عمق الأزمة التي يعانيها النظام ، ويطرح تساؤلات ذات معنى حول ثقل البعد الأمني في القرار السياسي لسورية . ويرسل رسائل غير طيبة سواء للأوروبيين الذين حسموا أمورهم من أجل توقيع اتفاقية الشراكة مع سورية بعد أيام ، ولطالما كانت قضية الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان حاضرة في لقاءاتهم بالمسؤولين السوريين ، أو لجهة الشعب السوري ومناضليه ، الذين تطاردهم اليد الأمنية عندما تتأزم علاقة النظام بالعالم الخارجي ، أو عندما ينفتح العالم عليه ، كما هو حاصل حالياً وفق ما يردد رجاله ووسائل إعلامه صباح مساء .

إننا في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي إذ نستنكر هذا الإجراء التعسفي غير المبرر ، ونطالب بالإفراج الفوري عنه ، نتوجه من الشعب السوري وكافة القوى العربية والهيئات الدولية المعنية ، ونخص السيد الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي ومنظماته المختصة وكافة المنظمات الحقوقية في العالم لترفع صوتها عالياً في إدانة الاعتقال السياسي ، وتطالب بالإفراج فوراً عن المحامي هيثم المالح وجميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي في سورية وفي كل مكان .

16 / 10 / 2009

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
الأمانة العامة

----------------------------------------------------

ماذا بعد إقرار "تقرير غولدستون" ؟!
18 - 10 - 2009
كتب : عريب الرنتاوي

أما وقد أقر مجلس حقوق الإنسان في اجتماعه الاستثنائي في جنيف، تقرير القاضي غولدستون وأحاله إلى الأمين العام للأمم المتحدة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو ما العمل بعد النجاح في إنقاذ واحدة من أهم الوثائق الحقوقية المنصفة للفلسطينيين من غياهب التبديد والإهمال، هل انتهت المعركة ووضعت الحرب أوزراها، أم أنها بالكاد بدأت؟.

من قبيل الإنصاف، ومن باب نسبة الفضل لأصحابه، فإن هذه المعركة ما كان لها أن تندلع أصلا، وأن تصل إلى خواتيمها الظافرة لاحقا، لولا حملة الإدانة الواسعة التي جوبه بها قرار السلطة تأجيل النظر في التقرير والتصويت عليها، وعلى الذين التزموا الصمت على "فضيحة جنيف" بذريعة "عدم تمكين حماس" أو لرغبة في "تجريدها من سلاح جديد" تستخدمه في صراعها مع فتح والسلطة، أن يعيدوا النظر في مواقفهم وحساباتهم، فالمسألة الوطنية هي التي انتصرت في جنيف، وهزيمة هذا "النفر القليل" من أعضاء نادي صنع القرار، "الجنيفييون" وثيقة وفضيحة، كانت مطلبا وطنيا جامعا، وما كان بالإمكان إخراج تقرير غولدستون من الأدراج لو انضبط المجتمع المدني الفلسطيني والعربي والدولي لضوابط هؤلاء وحساباتهم الضيقة واعتباراتهم الفئوية والانتهازية .

والظفر بهذه المعركة ما كان ممكنا لولا الدور النشط الذي لعبه أصدقاء فلسطين وحركة التضامن الدولي مع شعبها وقضيته الوطنية وكفاحه العادل لاسترداد حقوقه، تلك الحركة التي أعيد بعثها كما لم يحصل من قبل، على إيقاع مسلسل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الذي نفذته سلطات الاحتلال من مدنية وعسكرية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمجوّع في غزة.

بعد كسب المعركة في جنيف، يجب العمل لكسب المعارك اللاحقة في نيويورك ولاهاي، وهذا يتطلب إدامة حالة الاستنفار واليقظة في صفوف الفلسطينيين ومن يقف خلفهم من الحلفاء والأصدقاء، أولا: لمسألة من قارف فعلة التأجيل النكراء ومحاسبته على شر أعماله، وثانيا: من أجل ملاحقة التقرير في مختلف المحافل الدولية في المراحل القادمة، وصولا به إلى "لاهاي" وإلى أن نرى طابورا ممتدا من القادة المدنيين والعسكريين الإسرائيليين خلف القضبان، فالمعركة في مراحلها القادمة أشد صعوبة، والمؤامرات على التقرير ما تزال تحيق به من كل جانب.

يجب أن تسارع كل من السلطة وحماس إلى تشكيل لجان تحقيق للنظر فيما خص الجانب الفلسطيني من توصيات التقرير و"اتهاماته"، فبعض حماس وبعض فصائل المقاومة متهم بمقارفة "جرائم حرب" بدوره، والسلطة في رام الله متهمة بمفارقة انتهاكات واسعة النطاق ضد شعبها في الضفة الغربية أثناء العدوان وبعده، وكل هذا يوجب التحقيق والملاحقة والمتابعة.

والأهم من كل هذا وذاك، أن الجدل الذي صاحب وأعقب اجتماعات جنيف حول التقرير، أظهرت حماسا فلسطينيا إجماعيا لما يمكن تسميته بـ"العدالة الدولية"، والتفافا فلسطينيا غير مسبوق حول ما يمكن تسميته أيضا "المضمون الأخلاقي" للقضية الفلسطينية، مثل هذه الحماسة وذاك الإجماع، يمليان على فصائل المقاومة، وبالأخص حركة حماس، إبداء الاستعداد لإجراء المراجعة المطلوبة لأشكال النضال ووسائله، فهذه ليست مقدسة وعلينا إخضاعها للتقييم وإعادة التقييم المستمرين، ولا يجوز أن يُجمع في تقرير واحد بين الضحية والجلاد، حتى وإن احتل الجلاد مساحة أكبر من الإدانة والتنديد والتجريم كما في تقرير غولدستون، كما أن المراجعة المطلوبة من حماس تتخطى هذه النقطة إلى التمييز الضروري بين "اليهود" والصهاينة، فليس كل يهودي عدو للشعب الفلسطيني بالضرورة، وغولدستون الذي أحببناه جميعا خلال الأسابيع الماضي مفرط في يهوديته، والصراع الوطني ليس دينيا بالضرورة، وليس بالدين وحده، تكسب الأنصار والمؤازرين.

درس ما حصل في جنيف وخارجها وبعدها، يقول بأن الحاجة تشتد إلى: (1) ترشيد العمل السياسي الفلسطيني، ترشيد المفاوضيات وبناء مرجعية وطنية لها...(2) ترشيد الحكم والنظام الفلسطينيين وإنهاء مظاهر فوضى السياسة وفلتان المواقف والتوجهات...(3) ترشيد المقاومة الفلسطينية وإخضاعها للمساءلة والتقييم بعيدا عن لغة الابتزاز والأحكام القطعية المسبقة، فلا نكون في يوم من قادمات الأيام أمام الصورة السقيمة التي شهدناه للأداء المتخاذل والمرتبك والفاقد للصدقية الذي صدر عن رام الله، ولا نرى بعد اليوم اتهامات لحماس أو غيرها من فصائل المقاومة بالإرهاب وممارسة "جرائم حرب".
-------------------------------------------------

Samstag, 17. Oktober 2009



مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يتبنى تقرير غولدستون وسط رفض إسرائيلي وترحيب فلسطيني

مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يتبنى تقريرا يتضمن اتهامات لإسرائيل وحماس بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأخيرة في غزةتبنى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم تقرير غولدستون حول الحرب في قطاع غزة خلال الشتاء الماضي. وفي الوقت الذي رحب فيه الفلسطينيون بالقرار، رفضته إسرائيل، مشددة على أنها دافعت عن نفسها وأن اعتماده "مكافأة للإرهاب".


وصف وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشائي قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم الجمعة (16 أكتوبر/تشرين الأول) بتبني تقرير غولدستون حول الحرب الأخيرة في قطاع غزة بأنه "مهزلة دبلوماسية" وأنه "معاد لإسرائيل". ودافع يشائي عن الجيش الإسرائيلي، مؤكدا أنه قد "تعامل مع المدنيين الأبرياء بقفاز من حرير"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية فرنس بريس، فيما رحب الفلسطينيون بتبني مجلس حقوق الإنسان تقرير القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: "القرار يعتبر اعترافا دوليا جديدا بالقضية الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني".

وأعرب كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، عن أمله "في متابعة قرار غولدستون "وفق آليات تنفيذ في مجلس الأمن الدولي "، بحسب ما أوردت وكالة فرنس بريس. ومن جهتها، ورغم أن تقرير غولدستون يتضمن أيضا إدانة لها خلال الحرب في قطاع غزة، فقد رحبت حركة حماس بقرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) تصريحات عن إسماعيل رضوان، القيادي في حركة حماس، الذي طالب بتحويل القرار إلى محكمة الجنايات الدولية، وأكد أن حركة حماس "لا تتخوف من التقرير"، مشددا على أن "المقاومة مشروعة للشعب الفلسطيني حسب القانون الدولي".

تباين المواقف الغربية وتحذيرات من الإضرار بعملية السلام

إسرائيل تصف تقرير غولدستون بأنه "متحيز" وترى في اعتماد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للتقرير "مكافأة للإرهاب"، في الوقت الذي تشدد فيه أن الحرب "كانت دفاعا عن النفس"


وتأتي ردود الفعل المذكورة بعد أن تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وقت سابق من اليوم الجمعة تقرير غولدستون حول الحرب الأخيرة في قطاع غزة في الشتاء الماضي، ممّا قد يمهّد الطريق أمام اتخاذ إجراء دولي آخر محتمل. وصوتت 25 من ضمن 47 دولة عضوة في المجلس لصالح قرار طرحه الفلسطينيون، ورفضته ست دول، من بينها الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وامتنعت 11 دولة عن التصويت.

وأوضح دوغلاس غريفيس، المبعوث الأمريكي إلى جنيف، السبب وراء رفض بلاده للوثيقة بالقول: "القرار يتطرق إلى مناقشة عناصر يتعين حلها في إطار مفاوضات الوضع الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

وأيد عدد من جماعات حقوق الإنسان، ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، بصورة عامة نتائج التقرير. لكن إسرائيل، التي حاولت بدعم من الولايات المتحدة الحيلولة دون اعتماد القرار، وصفت تقرير غولدستون بأنه "متحيز"، ,وشددت على أن تبنيه يمثل "مكافأة للإرهاب"، وأنها "كانت في حالة دفاع عن النفس في غزة". كما حذر مسئولون إسرائيليون بأنه في حال مضت الأمم المتحدة قدما في تبني التقرير، "فإن ذلك من شأنه الإضرار بعملية السلام".

يذكر أن الدول العربية أجرت تعديلا على نص القرار في اللحظة الأخيرة، حيث أضافت إدانة كافة أطراف الصراع التي شنت هجمات على المدنيين، بما ذلك حركة حماس.

المطالبة بإجراء تحقيقات مستقلة

وكان التقرير، الذي أعده غولدستون بالتعاون مع ثلاثة خبراء دوليين آخرين، قد خلص إلى أن كلا من إسرائيل وحركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، قد ارتكبتا على الأرجح جرائم حرب ربما ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية خلال العملية التي استمرت ثلاثة أسابيع.

وأوصى القاضي غولدستون في تقريره بأن يقوم كل طرف بإجراء تحقيق بشكل شامل ومستقل، وإلا فإنه سيتم إحالة القضية إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ومع تبني هذا القرار، سيحيل مجلس حقوق الإنسان الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي قد توصي بتدخل المحكمة الجنائية الدولية.

(ش.ع / د.ب.أ / أ.ف.ب)

مراجعة: لؤي المدهون

------------------------------------------------

سهير الأتاسي: تغطية خاصة لحوار الأستاذ هيثم المالح، عميد نشطاء حقوق الإنسان في دمشق، مع فضائية بردى..

خاص نداء سورية،
17/10/2009
من قلب دمشق، تحدّث الأستاذ هيثم المالح، المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان، في حواره الهاتفي مع مذيع برنامج بانوراما على فضائية بردى، عن القبضة الأمنية التي تشتدّ من شهر إلى آخر، ومن سنة إلى أخرى في سوريا.. وقال أن أحوالنا في هذا العام هي أسوأ من العام الماضي، فالاعتقالات تزداد.. وضرب مثالاً اعتقال زميله الأستاذ مهند الحسني لمجرّد رصده للمحاكمات والأحكام التي كانت تصدر في محاكمات علنية.. فتضايق منه الأمن واعتقله، وأصدر قاضي التحقيق مذكّرة توقيف بحقه، في ظلّ قضاء سوري تمّت السيطرة عليه.. ثم تحرّكت النقابة مع الأمن لترفع ضدّ الحسني دعوى مسلكية بنفس المواد المنصوص عليها في قضيته أمام قاضي التحقيق.

وأشار المالح إلى أنه كل من يتحرّك في سوريا في الجانبين السياسي أو الاجتماعي، يتحرّك بشكل سلمي. فإعلان دمشق مثلاً ينادي بالتغيير السلمي الديمقراطي المتدرّج.. وما من أحد يعتقد أن هناك طريق للتغيير بالعنف أو الثورة. وأكّد أن السلطة لديها إمكانيات ضخمة من حيث الجيش والمخابرات والشرطة والأسلحة ووسائل القمع، لكنها تتمترس خلف قوانين خارجة عن أي مفهوم حقوقي أو مفهوم عدالة. وأعطى مثالاً المرسوم رقم 14 من عام 1969 الذي أباح لعناصر الأمن ارتكاب الجرائم دون محاسبة، كذلك القانون 49 الخاص بالإخوان المسلمين، وفوق كل ذلك، حالة الطوارئ المعلَنَة استناداً إلى قانون الطوارئ.

وفي جواب عن سؤال المذيع عن الرابط المُحتَمَل بين الحملات التي تظهر على الانترنت، مثل حملة مقاطعة الموبايل أو حملة: حقنا نعرف.. حقنا نشارك، قال المالح أن الرابط بينها عفوي ينتج عن حالة الضيق عند كل الناس من الوضع المأساوي في كل جوانب الحياة، وليس فقط في جانب الحريات العامة وحقوق الإنسان، كذلك حالة الضيق من الهوّة السحيقة التي تفصل بين الأغنياء والفقراء.. ففي سوريا، يزداد الفقير فقراً، بينما يزداد الغني تخمةً، إضافة إلى نهب المال العام والفساد المستشري.. وبسبب هذا الوضع غير المقبول، تفكّر كل مجموعة بالتحرّك بصورة من الصور.

وفي ردّه على عضو حزب البعث: عمران الزعبي الذي سبق ونفى وجود نيّة بالعفو عن معتقلي إعلان دمشق ووصفها بالشائعات التي تأتي من باب الأمل كما اعتبر تحركات تجمّع إعلان دمشق خاطئة بالتوقيت والمضمون، قال الأستاذ المالح أن الزعبي لا يمكنه الدخول إلى عقل السلطة ليعرف إذا كان لديها اتجاه بالعفو المذكور. وفي نفس الوقت، لم يعتقد المالح من حيث المبدأ أن السلطة تتجه نحو الانفتاح على الناس.. حيث العفو هو جزء من الانفتاح.. كما أكّد ان اعتقال جماعة إعلان دمشق خاطئ.

وتحدّث عن واقع الحال في البلد قائلاً أن القوانين لدينا في الكتب فقط، وأن الكتب على الرفّ منذ زمن بعيد.. ليس فقط القوانين التي تمثّل الحياة السياسية والاقتصادية، بل القوانين المدنية أيضاً. وأكّد أن البلد تُدار بواسطة أوامر وبلاغات وتعليمات، وأنه ليس في سوريا أي شخص على رأسه مظلة تحميه من عَسْف السلطة وعدوان الأجهزة الأمنية. وأضاف أنه يجري تعطيل الدستور السوري في ظلّ حالة الطوارئ، فالأجهزة الأمنية الآن تصدر أوامر كي تصادر بيوت الناس.

واعتبر أن حزب البعث مجرّد واجهة، وبعض أفراده متنفذين ومستفيدين من السلطة، بينما من يحكمون البلاد هم خلف الستار.. كما قال أنه لا يعرف من بيده الأمر في هذا البلد من أجل حلحلة مشاكل الناس، ومن بيده مفتاح المستقبل.

ولم يعتقد المالح أنه سيجري في المدى المنظور إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تنصّ على أن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع، كَوْن السلطة تتمترس به.

وعن حديث رئيس مجلس الشعب السوري محمود الأبرش عن عدم حاجتهم لإصدار قانون أحزاب جديد في سوريا معتبراً أنها سبّاقة في تطبيق الديمقراطية من خلال مجلس الشعب والجبهة الوطنية التقدمية، علّق الأستاذ المالح أن في هذا الكلام استخفاف بعقول السوريين وضحك على البشر.

وعن أزمة العشوائيات في سوريا، اعتقد المالح أن هناك تدمير مُدَبَّر ومُمنهَج لدمشق، وأعطى مثالاً على ذلك كيف عمدت السلطة إلى إهمال كافة مناطق سوريا المفيد العمل فيها، وكيف دفعت بالناس للهجرة إلى دمشق. وأضاف أن الدولة تغضّ النظر عن العشوائيات، وأن الفساد المستشري في كافة مفاصل الدولة هو الذي يفعل هذا الفعل. فمثلاً المحافظ في ريف دمشق غضّ النظر عن قطع الأشجار في الغوطتَين وبناء الأحجار، وبصورة غير مرخَّصة وغير نظامية.

كما تحدّث عن المضخات التي أوجدوها في نبع بردى من أجل استخدام مياه النبع كلها للشرب، وذلك بعد أن دفعت السلطة الناس للهجرة من كل مناطق سوريا إلى دمشق غير المؤهَّلة لاستيعاب كل هؤلاء البشر. وقال أنه ليس من حق الدولة أن تمنع جريان نهر بردى.. فهذه جريمة بحق دمشق... ولكن مَن يحاسب مَن في هذا البلد. واستغاث المالح قائلاً أن دمشق تسير نحو التصحّر.. وما من مجيب.

واعتبر أن البديل عن كل هذه الحلول الخاطئة يكمن في تحسين منطقة الجزيرة حيث يوجد البترول، المياه، والقمح.. كما يكمن في إقامة العديد من المشاريع لتصبح الهجرة معاكسة. وتحدّث عن مشاريع كثيرة يمكن أن تٌقام في الجزيرة، أساسها القطن والقمح بدلاً من تصدير تلك المواد خام، وبالتالي يكون الحل في التشجيع على إقامة منشآت تخصّ الصناعة الزراعية التحويلية، وكذلك إقامة خدمات في كل مراكز محافظات الجزيرة، وتأمين مواصلات سريعة. وأضاف أن الحل موجود.. ولكنه يحتاج إلى إرادة.. الإرادة غير موجودة.

وفي نفس إطار الحديث عن أزمة العشوائيات، قال المالح أن سوريا دولة غنية، ولكنها ابتُليت بنهب المال العام وبالهَدْر والتبذير الذي يجري من قِبَل السلطة. حيث أن كل مسؤول يمتلك 10-15 سيارة على حساب الشعب، وعلى حساب خزينة الدولة.. وأشار إلى عدم وجود رقابة في البلد، فمنذ ثورة 8 آذار وحتى تاريخه، لم يكن هناك أي ميزانية ختامية في مجلس الشعب، أي ما يسمّى بالحساب الختامي.. فالوزراء لا يُحاسَبون. وتساءل المالح: كيف يمكن لأي شخص، حتى ولو كان لديه راتب وزير، أن يعيش في سوريا حيث كيلو اللحمة في دمشق يبلغ 1000 ل.س؟؟ وبالتالي كيف يمكن للموظفين العاديين أن يعيشوا؟؟

وعن حال القانون في سوريا، قال المالح أنه لا يُطبَّق إلا على الضعيف في هذا البلد.. بينما القوي لديه عدة وسائط وعدة طرق لعمل أي شيء. وعلّق المالح عن حالات اعتقال الفادسين التي تجري، أنها تمثّل الحالات الضعيفة.. أي أن الفاسد الذي يقع هو مَن يُحاسَب. وأضاف أن درج البناء يتمّ "شطفه" من الأعلى إلى الأسفل.. وليس العكس.

وبقي المالح متفائلاً في حديثه قائلاً أن المستقبل مرهون بيد الشعب، وأن على الناس أن تدافع عن مصالحها، وأنه على كل مواطن أن يعي حقوقه ويدافع عنها. وفي أواخر الحوار أضاف المالح أنه يجب أن لا نتنكّر عن الحقّ وإلا تدمّر البلد.

هذا وقد تمّ اعتقال الأستاذ هيثم المالح من قِبَل فرع الأمن السياسي بدمشق يوم الأربعاء في 14/10/2009.
-----------------------------------------------

Freitag, 16. Oktober 2009



اليوم العالمي للغذاء: ليس خبز الجائع كفاف يومه
صبحي حديدي

16/10/2009

منذ سنوات و'منظمة الأغذية والزراعة'، الـ FAO، التابعة للأمم المتحدة تخصص يوم 16/10، الذي يصادف تاريخ تأسيسها سنة 1945، يوم عالمياً للغذاء، تُصدر فيه عدداً من التقارير والإحصائيات، حول أوضاع الغذاء في العالم عموماً، وبصدد سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي في البلدان النامية والفقيرة خصوصاً. ويحدث، غالباً، أن تنطوي التقارير على أرقام كابوسية مفزعة، تصف انحدار المزيد من ملايين البشر أسفل خطّ الفقر، والفاقة، والجوع في مستواه المطلق. أرقام هذه السنة تقول إنّ أكثر من مليار آدمي، أو ثلث البشرية، سوف يكونون قد عانوا من سوء التغذية عند نهاية 2009؛ وأنّ صفوف الجياع سوف تكون قد ضمّت 100 مليون آدمي، خلال سنة واحدة؛ وأسعار المحاصيل الغذائية الرئيسية، كالقمح والرزّ والذرة، ستبقى على نسبة ارتفاع لا تقلّ عن 17 بالمئة، قياساً على اسعار سنة 2005؛ وانخفاض المساعدات المقدّمة إلى 'برنامج الغذاء العالمي'، المنظمة الشقيقة للـ FAO، سوف يبقيها في نسبة 58 بالمئة فقط، من ميزانيتها السنوية المعتادة.
هذا في بلدان الفقر المعتادة، على امتداد آسيا، وصحراء أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، والكاريبي، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، التي شاءت تقارير المنظمتين التركيز على مشكلاتها المتفاقمة، أو المستعصية تماماً.
أمّا في البلدان الغنية، وعلى نقيض الحكمة الشائعة الخاطئة، فإنّ معدّلات سوء التغذية ليست ضئيلة أو محدودة: التقرير يقول إنّ قرابة 15 مليون آدمي سوف يكونون قد عانوا سوء التغذية في البلدان ذات الاقتصادات المتقدمة، عند نهاية العام إياه، 2009؛ وفي الولايات المتحدة وحدها، سوف يُصنّف 36.2 مليون آدمي في عداد الذين يعانون واحداً أو أكثر من أنماط سوء التغذية، بينهم 12 مليون طفل؛ ونسبة العاطلين عن العمل تستقرّ، في هذه البلدان، عند 8.6، وتتزايد معدّلات ارتفاعها بنسبة 2.3 بالمئة.
وبالطبع، تبقى الأرقام التي تخصّ فلسفة النظام الرأسمالي العالمي، أو بالأحرى النظام الاقتصادي كما تديره مجموعة الدول السبع الأغنى، عبر مؤسستيها، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في سياسات المساعدة والإقراض وخدمة الديون، حيث يقدّر الصندوق مثلاً أنّ 71 بلداً فقيراً سوف تشهد انخفاضاً بنسبة 25 بالمئة في قيمة المساعدات المقدّمة إليها. من جانب آخر، وبسبب سلسلة الأزمات المالية والمصرفية التي عصفت باقتصادات الدول الغنية، شهدت تحويلات المغتربين إلى بلدانهم الأمّ هبوطاً حاداً غير مسبوق، في مصادر دخل تُعدّ رئيسية تغطّي نسبة 6 في المئة من عموم الناتج القومي الإجمالي في البلدان الفقيرة (هي في طاجكستان 46 بالمئة، وفي هندوراس 25، وخمس الدخول العائلية في ألبانيا والفليبين والسلفادور وهاييتي).
كذلك تبقى الأرقام التي تقول مثلاً، حسب إحصائيات مجلة 'فوربز' الأمريكية، إنّ 224 عائلة تمتلك كلّ منها ثروة منفردة لا تقلّ عن 2,9 مليار دولار، أو أكثر؛ في حين أنّ برنامج الغذاء العالمي تلقى هذه السنة إعانات مالية (لإطعام جياع المعمورة، بأسرها!) لا تتجاوز نسبة 2 في المئة من الإعانات التي تلقتها حفنة من المصارف الأمريكية للخروج من مآزقها، فضلاً عن الترليونات التي كانت حصة المصارف في البلدان الغنية الأخرى. وليست أولى الدلالات في هذه الأرقام سوى تلك الأمثولة العتيقة، المتكررة، المعروفة: أنّ ثروات الأثرياء لا تتكدّس إلا على حساب بؤس الفقراء، سواء جرت هذه السيرورة في سوق البورصة، أو في المصرف، أو في حقل القمح...

واليوم العالمي للغذاء يمهد، كما تطمح 'منظمة الأغذية والزراعة'، إلى وضع زعماء العالم المشاركين في قمّة الغذاء العالمية القادمة (روما، الشهر القادم)، أمام مسؤولياتهم الجسيمة، أو هكذا يأمل الدكتور جاك ضيوف، المدير العام للمنظمة، والذي يعتبر أنّ حلّ مشكلة الغذاء ممكن تماماً، ولا يحتاج إلا إلى 'إرادة سياسية'. وقبل سبع سنوات كانت القمّة العالمية الثانية للغذاء قد التأمت في المكان ذاته، ولاح أنّ إحصائية قمّة 1996 ما تزال سارية المفعول، وأنّ الـ 800 مليون جائع ما يزالون جائعين بالشروط ذاتها، وأسوأ ربما. كذلك كان واضحاً تماماً أنّ اهتمام الغرب انصبّ آنذاك على حرب أمريكا ضدّ الإرهاب، وعلى تفكيك الخلايا النائمة التابعة لمنظمة 'القاعدة'، إلى جانب مكافحة الهجرة وإحكام الحدود وتشديد إجراءات الأمن في المطارات... أكثر بكثير من مشاهد الجوع والجياع والمجاعات.

من جانبه كان ضيوف بين القلائل الذين أبهجتهم قمة 1996، رغم الدموع المدرارة التي سكبها في مديح بؤس الأرض، ورغم القتامة التامة التي عكسها تقريره عن وضع الغذاء الكوني. إنه، في نهاية الأمر، كان وما يزال بين أبرز ممثّلي الجيل الشاب من النيو ـ بيروقراطيين العالمثالثيين، ممّن تولّوا مناصب رفيعة في الهيئات الدولية بفضيلتين متكاملتين لا ثالثة لهما: أنهم ينحدرون من أصول عالمثالثية، وأنهم يكرهون خلط السياسة بالوظيفة، ويُبْدون بسالة خرافية في الدفاع عن 'الطهارة' البيروقراطية ضدّ 'التلوّث' الناجم عن التسييس. وفي قمّة روما 1996 قرع ضيوف نواقيس الخطر، في كلّ فقرة من فقرات خطاب طويل يحسده عليه توماس مالتوس، القسّ والمنظّر الأشدّ تشاؤماً حول مآلات أغذية العباد، وجمهرة المالتوسيين الجدد الذين كانوا ـ ليس بالمصادفة أبداً، كما تجب الإشارة ـ خيرة حلفاء المحافظين الجدد في الولايات المتحدة.

ولقد تحدّث ضيوف عن سباق ضدّ عقارب الساعة لتدارك الإيقاع المتسارع للمجاعة الشاملة القادمة، وحسد قطط وكلاب العالم المتقدّم على ما تنعم به من تسامح حكومي وشعبي إزاء ميزانيات أغذيتها، وناح واشتكى وتباكى. ولكنه تأتأ طويلاً (إذْ لم يكن في وسعه أن يفعل غير ذلك، في واقع الأمر) بصدد الاتهامات الصارخة المشروعة التي أشار إليها وسردها تقرير المؤتمر الموازي للمنظمات غير الحكومية، الذي انعقد على هيئة مؤتمر مضادّ، وطرح حزمة أسئلة، كانت وحدها الجديرة بالدراسة والتحليل والحلّ: هل تريد الدول المتقدمة تقديم حلول عملية واضحة لمشكلة الأمن الغذائي الدولي؟ هل تستطيع تأمين هذا الأمن، حتى إذا أرادت؟ وبلغة أكثر فصاحة: هل يتحمّل النظام الرأسمالي الدولي الراهن إمكانية المؤاخاة بين تخمة موضوعية يفرضها منطق السوق، وبين جوع موضوعي... يفرضه منطق السوق ذاته؟

في المؤتمر الثاني تابع ضيوف قرع المزيد من نواقيس الخطر، وأعرب عن المزيد من الإحباط والخيبة والشكوى لأنّ الجوع المزمن لا يلقى سوى اللامبالاة ، ولأنّ قمّة 96 كانت قد تعهدت بخفض أعداد الجياع من 840 مليونا إلي النصف في العام 2015 كموعد أقصى، فلم ينخفض الرقم بعد ستّ سنوات إلا إلى 815؛ ولأنّ مساعدات الدول المتقدّمة والمؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي وشقيقه صندوق النقد الدولي، دائماً) انخفضت بمعدّل النصف بين أعوام 1990 و2000 في القطاع الزراعي تحديداً، وذلك رغم أنّ الزراعة تشكّل مصدر عيش 70 بالمئة من فقراء العالم. ماذا سيقول في قمّة 2009، إذا كان أحد أكثر الارقام كابوسية هو ذاك الذي يخصّ منظمته بالذات: ميزانيتها أقلّ ممّا تنفقه تسعة من البلدان المتقدّمة على غذاء القطط والكلاب لمدة ستة أيام فقط (وليس سنة، أو شهراً!)؛ وأقلّ من 5 بالمئة مما ينفقه بلد متقدّم واحد على منتجات إنقاص الوزن، الناجمة إجمالاً عن التخمة والإفراط في تناول الطعام!

وكيف يمكن له أن يواجه أياً من 'التحديات الأساسية' العملاقة، التي يعلنها رسمياً، وبينها 'اجتثاث الجوع على وجه الأرض'؛ و'ضمان إنتاج غذائي كاف لإطعام سكان العالم'، سوف يزيد عددهم بنسبة 50 في المائة، ليصل إلى قرابة 9 مليارات نسمة عام 2050؛ و'ضمان تمتع البلدان النامية بفرص عادلة للمنافسة في أسواق السلع العالمية'، و'الحيلولة دون أن تسفر سياسات الدعم الزراعي عن تشويه التجارة الدولية بشكل جائر'؛ و'الاتفاق على آليات فعالة للاستجابة السريعة للأزمات الغذائية'، بالنظر إلى أنّ 30 بلداً أو أكثر تعاني حالياً من حالات طوارئ غذائية؟ وكيف سيفلح في إقناع السادة الأغنياء بأنّ اجتثاث الجوع يقتضي، أيضاً، 'اكتشاف الوسائل الكفيلة بأن يتمتع البشر كافة بفرص الحصول على ما يحتاجونه من غذاء، كي يعيشوا حياة موفورة النشاط والصحة'؟

لعلّ من الخير له، ولممثلي البؤس في قمّة روما القادمة، أن يعودوا إلى قراءة تقرير 'برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية'، للعام 2004، والذي ذهب آنذاك أبعد، وبالتالي أعمق، من مجرّد سرد الأرقام القاتمة عن انقسام العالم إلى صفّ التخمة عند القلّة القليلة، وأغلبية الجوع عند السواد الأعظم. التقرير ذاك حمل عنواناً لافتاً، هو 'الحرّية الثقافية في عالم اليوم المتنوّع'، وبالتالي سعى إلى نقض نظريات صراع الحضارات، بل وسمّى النظرية الشهيرة ذاتها دون حرج أو تأتأة، وتساءل عن دور التنوّع الثقافي في التنمية.

وفي السطور الأولى من التقرير ثمة هذه الفقرة المدهشة: 'في زمن تتردّد فيه بقوّة، وعلى نحو يثير القلق، أصداء فكرة صراع الثقافات على نطاق كوني، فإنّ العثور على إجابات للأسئلة القديمة، بصدد أفضل وسائل الإدارة وتخفيف حدّة الصراعات حول اللغة والدين والثقافة والأصل العرقي، يكتسب أهمية متجددة. وهذه ليست قضية مجرّدة في نظر المشتغلين بالتنمية'. وبالفعل، خطا التقرير خطوة فكرية غير مألوفة حين استعرض خمس أساطير حول 'التنافر' الذي يعيق التنمية الإنسانية والسياسية، والثقافية، ثمّ سعى إلى تقويضها واحدة تلو الأخرى:

ـ الأسطورة الأولى هي أنّ هويّات البشر الإثنية تتنافس مع ارتباطهم بالدولة، ولهذا يوجد نوع من التنافر بين الإقرار بالتنوّع وتوحيد الدولة؛ الثانية تقول إنّ المجموعات الإثنية ميّالة إلى النزاع العنيف مع بعضها البعض بسبب صراع القِيَم، ولهذا يوجد نوع من التنافر بين احترام التنوّع وتوطيد السلم؛ الثالثة تساجل بأنّ الحرية الثقافية تتطلّب الدفاع عن الممارسات التقليدية، ولهذا يمكن أن يوجد نوع من التنافر بين الإقرار بالتعددية الثقافية وقبول أولويات إنسانية تنموية أخرى مثل التقدّم والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ والرابعة تجزم أنّ البلدان المتعددة إثنياً أقلّ من سواها قدرة على التنمية، ولذلك يوجد تنافر بين احترام التنوّع وتوطيد التنمية؛ والأسطورة الخامسة تخلص إلى أنّ بعض الثقافات أكثر ملاءمة من سواها لتحقيق التقدّم التنموي، وبعض الثقافات عندها موروث من القِيَم الديمقراطية لا يتوفّر عند سواها، ولهذا يوجد تنافر بين الحفاظ على بعض الثقافات وإشاعة التنمية والديمقراطية.

تلك مسائل لا يلوح للوهلة الأولى أنها تقارب قضية الجوع مباشرة، لكنها مستقرة في صلب أسباب انقسام العالم إلى 85 بالمئة من الفقراء، و15 بالمئة من الأغنياء، وأنّ بلداً مثل البرازيل (بمساحة 2.3 مليون ميل مربع، وعدد سكان يبلغ 168 مليون نسمة، وصادرات بقيمة 15.1 مليار دولار) يصدّر بضائع أقلّ مما تصدّر هولندا (بمساحة 21.978 ميل مربع، وعدد سكان لا يتجاوز 15.7مليون نسمة، وصادرات بقيمة 198.7 مليار دولار).
ذلك لأنّ الجوع ليس أن تتضوّر المعدة، فحسب؛ كما أنه ليس خبز الجائع، كفاف يومه فقط!

' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

---------------------------------------------

الجوع ينشب مخالبه في جسد مليار إنسان في العالم

مليار إنسان يعانون من الجوع، معظمهم في الدول الناميةأعلن تقرير للأمم المتحدة نُشر اليوم الأربعاء أن الكساد الاقتصادي العالمي فاقم من أزمة الغذاء وتسبب في معاناة أكثر من مليار إنسان من الجوع في العالم، وهو ما يؤكد التوقعات القاتمة التي صدرت في وقت سابق هذا العام.

كشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الغذاء العالمي عن أن ما يزيد على مليار إنسان يعانون من سوء التغذية، وهو أعلى رقم للجوعى خلال أربعة عقود من الزمان. ويزيد هذا الرقم بنحو 100 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، أي ما يعادل سدس سكان العالم. ويعيش معظم الذين يعانون من نقص التغذية في الدول النامية، ومنهم 642 مليون في منطقة آسيا والمحيط الهادي، و265 مليونا في منطقة جنوب الصحراء بأفريقيا، و53 مليونا في أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي و42 مليونا في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

وذكر التقرير أن حوالي 15 مليون شخص يعانون من الجوع في الدول المتقدمة. وأشار إلى أنه "حتى قبل الأزمات الأخيرة كان عدد الذين يعانون من نقص التغذية يتزايد بشكل متباطئ وإن كان مطردا بالنسبة للعقد الماضي". غير أن التقرير يؤكد أيضاً تحقيق "تقدم طيب" في ثمانينيات القرن الماضي ومطلع التسعينيات بشأن التخفيف من مشكلة الجوع المزمنة من خلال الاستثمار بشكل كبير في قطاع الزراعة عقب أزمة الغذاء العالمية في مطلع السبعينيات.

"الوسائل موجودة، ولكن تنقصنا الإرادة"

جاك ضيوف، مدير الفاو، يفتقد إرادة دولية لمكافحة الجوع في العالم وقال المدير العام للفاو جاك ضيوف في بيان إن "رد فعل قادة دول العالم كان قويا تجاه الأزمة الاقتصادية والمالية ونجحوا في جمع مليارات الدولارات في وقت قصير. وهناك حاجة الآن لاتخاذ الإجراء القوي نفسه لمحاربة الجوع والفقر". وأضاف أن "لدينا الوسائل الاقتصادية والتقنية كي يختفي الجوع من عالمنا، وما ينقصنا هو إرادة قوية للقضاء على الجوع إلى الأبد".

ولم يُرجع التقرير الزيادة في عدد الجوعى إلى ضعف المحاصيل، بل إلى ارتفاع أسعار الغذاء، خاصة في الدول النامية، وانخفاض الدخل والمعاناة من البطالة، مشيراً إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية بشكل مطرد خلال السنوات العشر الماضية قد ارتفع، ما أدى إلى تراجع التقدم الذي حدث في ثمانينات وأوائل تسعينات القرن الماضي.

نهج مزدوج لمكافحة أزمة الغذاء

ارتفاع أسعار الغذاء أدى إلى أعمال شغب في بعض البلدان وقد جمع برنامج الغذاء العالمي رقما قياسيا العام الماضي بلغ خمسة مليارات دولار لإطعام الفقراء إثر ارتفاع أسعار الغذاء في الفترة بين 2006 و2008، وذلك بعدما ثارت أعمال شغب في بعض البلدان احتجاجاً على الأسعار المرتفعة. وتلقى البرنامج في عام 2009 حتى الآن 2.9 مليار دولار، وكان عليه خفض الحصص الغذائية أو تقليص العمليات في أماكن مثل كينيا وبنجلادش.

ودعت الفاو وبرنامج الغذاء العالمي إلى نهج مزدوج، وأشارا إلى أن الاستثمار طويل الأمد في التنمية الزراعية يجب ألا يأتي على حساب المبادرات قصيرة الأمد لمكافحة الجوع الشديد الناجم عن النقص المفاجئ في الغذاء.

(س ج / د أ ب، رويترز)

مراجعة: طارق أنكاي
--------------------------------------------------

بيان أعمال : القيادة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي

القيادة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي

في اجتماعها الأخير استعرضت القيادة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي جملة من القضايا التنظيمية والسياسية المطروحة على جدول أعمالها وخلصت إلى :

1 –
على صعيد الإعداد لمؤتمر التجمع :
تابعت موضوع تعميم ومناقشة مشروع البرنامج السياسي والنظام الأساسي على الفروع وهيئات التجمع، وأكدت على أهمية التعامل مع هذه المشاريع من خلال الدراسة والحوار والنقد لإغناء وتعميق صيغها ومضامينها، كما تابعت تنفيذ المهام الضرورية لاستكمال أعمال التحضير .

2 –
على صعيد مناقشة الأوضاع السياسية :
داخلياً كان الاستنتاج الأبرز هو عودة النظام لإنتاج خطابه السياسي القديم الرافض للإصلاح السياسي، والمستبعد لفكرة إصدار قانون أحزاب أو إصلاح دستوري، بل أعاد إنتاج السياسات الفجة الهادفة لإلغاء السياسة من المجتمع، ومعاقبة كل من تسول له نفسه إبداء رأي أو موقف أو سلوك معارض للنظام (تسريحات أو نقل من الوظائف ،اعتقالات ، استدعاء ..)، وترافق ذلك مع توجيهات للأجهزة الأمنية لتستعيد سطوتها في التدخل في شؤون المجتمع والمواطنين وفي حياتهم اليومية، ولتكرّس سياسة "كل مواطن متهم حتى يثبت العكس".

هذا من جهة، ومن جهة أخرى ترى قيادة التجمع الوطني الديمقراطي أن الضغوط الاقتصادية والمعيشية لا تزال تزداد على الغالبية العظمى من فئات المجتمع، وترتفع معدلات البطالة ومظاهر الهجرة الداخلية والخارجية، وكذلك مظاهر الفقر والتسول والجريمة، في الوقت الذي تراوح فيه مشاريع التنمية التي ترعاها الدولة مكانها، ويجري تنمية مصادر النهب والاحتكار للفئات الطفيلية والمتنفذة وغير الخاضعة للحساب والمولدة للفساد المستشري .

وتوقف التجمع عند الذكرى السابعة والأربعين لإجراء الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة التي تصادف في 5 تشرين الأول، ورأى فيها مناسبة للتذكير بمعاناة ضحاياه الذين يقدرون بمئات الآلاف من المواطنين السوريين الأكراد، الذين ولدوا في بلدهم سوريا، ولم يعرفوا وطناً غيرها.. ورغم الوعود الكثيرة، بما فيها الصادرة عن رئيس الجمهورية، فإن آثار هذا المشروع وتطبيقاته لا تزال سارية المفعول، ولا يزال الضحايا ينتظرون الإنصاف أسوة بغيرهم من المواطنين، لإنقاذهم من هذا الظلم الذي يعتبر حالة شاذة في تعامل الدول مع مواطنيها، ومن براثن الحرمان من حقوقهم الأساسية، ومنها حق الجنسية الذي تقره مختلف المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان في العالم، وحق العلم والعمل والتملك .

إن تجاهل السلطة حتى الآن، لمعاناة وحقوق ضحايا الإحصاء الاستثنائي، يعتبر جزءاً لا يتجزأ من إصرارها على ممانعة أي شكل من أشكال الإصلاح، مما يزيد من حدة حالة الاحتقان السائدة، ويعمق الشعور بالغبن لدى المواطنين الأكراد، ويحرم الوطن من طاقات هامة لجزء كبير من أبنائه.
ومن هنا فإن المصلحة الوطنية تقتضي إعادة الجنسية لمن جرد منها، وحل مشكلة المكتومين الذي تكاثروا نتيجة لمنع تسجيل واقعات الزواج بين الضحايا، وتثبيت الولادات، وبذلك تستوي الأمور ويستعيد هؤلاء الضحايا ثقتهم بالقانون، ويفتح المجال أمام اندماجهم من جديد بمجتمعهم الوطني السوري .

أما على صعيد السياسات الخارجية للنظام السوري، فقد رأى التجمع أن هذه السياسات تتغير وتوظف الأزمات الإقليمية بما يخدم أولوية استمرار النظام واحتكاره للعمل السياسي متجاهلة استحقاقات الوضع الداخلي التي بدونها لا مصداقية لهذه السياسات الخارجية على أرض الواقع .
إن الانفراج في العلاقات الدولية أو الإقليمية، والعودة لسياسة التضامن العربي تخدم المصلحة الوطنية والقومية العليا لوقف التدهور والتشظي في الأوضاع العربية في الوقت الذي توغل فيه إسرائيل في عدوانيتها وهمجيتها وسعيها لتهويد القدس وتكريس الواقع الاستيطاني .

إن التجمع يرحب ويدعو إلى إنجاح الحلول وإيجاد المخارج لوقف هذا التدهور بما يجعل لبنان ودولته يستعيدان عافيتهما، والعراق ينهي احتلاله موحداً وديمقراطياً ونابذاً للعنف الأعمى المدان، وبما يجعل الفلسطينيين يستعيدون وحدتهم لانتزاع حقوقهم ويتجاوزون الأخطاء التي وقع فيها مختلف الفرقاء، بما في ذلك الخطأ الكبير الذي استدرجت أو وقعت فيه السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بموضوع تقرير غولد ستون..الخ .

أخيراً يؤكد التجمع من جديد على أهمية الانعتاق من الممارسات السياسية البالية التي انقضى زمنها، سواء ما يتعلق منها بالأوضاع الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، فالسياسات الصائبة التي تنطلق من ضرورة ترتيب الداخل بما ينسجم مع روح العصر والديمقراطية هي وحدها فقط التي تنتج سياسات خارجية ترتكز على المصلحة الوطنية والقومية.
دمشق أوائل تشرين أول 2009
القيادة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي

--------------------------------------------

قضايا وأحداث 15.10.2009
مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يناقش تقرير غولدستون حول الحرب في غزة

لا يزال تقرير غولدستون حول الحرب في غزة يثير جدلا واسعا
يناقش مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف اليوم الخميس تقرير غولدستون حول الحرب في غزة. يأتي ذلك غداة جلسة استثنائية لمجلس الأمن الدولي احتدم فيها الجدل حول التقرير ومطالب غربية لإسرائيل بإجراء تحقيقات شاملة ومستقلة

يناقش مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم الخميس (15 أكتوبر / تشرين الأول 2009) في جنيف تقرير القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون حول الحرب في قطاع غزة وذلك خلال جلسة استثنائية حول "وضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وفي القدس الشرقية". في غضون ذلك، ذكرت الصحف الفلسطينية الصادرة في رام الله صباح اليوم الخميس أن هناك تفاؤلا يسود الأوساط الفلسطينية والعربية بالمقر الأوروبي للأمم المتحدة بإقرار مجلس حقوق الإنسان في جنيف لتقرير غولدستون غدا الجمعة.

ومن المقرر أن يبدأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف اليوم مناقشة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية على أن تستمر المناقشات غدا الجمعة وسط توقعات فلسطينية بإجراء التصويت على قرار سيتم تقديمه للمجلس بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وبينها القدس الشرقية.

تقرير غولدستون يثير جدلا داخل مجلس الأمن الدولي
مجلس الأومن الدولي يناقش تقرير غولدستون ويطالب غالبية أعضائه إسرائيل بإجراء تحقيقات شاملة ومستقلة على ضوء نتائج التقرير حول الحرب الأخيرة في غزة
ويأتي ذلك غداة نقاش حاد شهده مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء (14 أكتوبر/تشرين الأول) حول تقرير غولدستون، بحيث تعرضت إسرائيل لضغوطات من عدد من الدول الغربية. فقد طالبت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إسرائيل بالتحقيق في النتائج التي نشرتها بعثة غولدستون، الشهر الماضي، وتتضمن اتهامات لإسرائيل وحركة حماس بارتكاب جرائم حرب أثناء الحرب في قطاع غزة في ديسمبر/ كانون الأول ويناير كانون الثاني.

وأبلغ أليخاندرو وولف، نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن أن واشنطن لديها مخاوف بشأن التقرير واصفا إياه بأنه "يركز بشكل غير متوازن على إسرائيل". لكنه كرر وجهة النظر الأمريكية "بأنه يجب على إسرائيل أن تتعامل معه بجدية". فيما وصف حركة حماس بأنها "منظمة إرهابية" وأنها "غير مستعدة ولا قادرة على التحقيق في سلوكياتها".

من جهته، حث جون ساورز، السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، "الحكومة الإسرائيلية على إجراء تحقيقات كاملة وجديرة بالثقة ومحايدة في الاتهامات." فيما دعا السفير الفرنسي جيرار أرو كلا من إسرائيل وحماس إلى "تحقيقات مستقلّة تتماشى مع المعايير الدولية."

إسرائيل ترفض التقرير والسلطة الفلسطينية تطالب بتحقيقات محلية

إسرائيل ترفض الاتهامات الموجهة إليها بشأن ارتكاب جرائم حرب في غزة وتحمل حركة حماس المسؤولية في الحربمن جهتها، رفضت السفيرة الإسرائيلية غابرييلا شاليف التقرير ووصفته بأنه "إهدار لوقت مجلس الأمن الدولي"، مشددة على أن تقرير غولدستون، الذي يتضمن 575 صفحة، "تحابي الإرهاب وتضفي شرعية عليه." وانتقدت شاليف مناقشة التقرير من أصله في جلسة عاجلة لمجلس الأمن، لافتة إلى أن ذلك من شأنه "تحويل اهتمام المجلس عن الواقع" في منطقة الشرق الأوسط. كما أكدت شاليف الموقف الإسرائيلي بأنه "لا يمكن استئناف عملية السلام مادام هذا التقرير مطروحا على المائدة." يشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت رفضت تقرير غولدستون ووصفته بأنه أحادي الجانب ومتحيز.

وأبلغ لين باسكو، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي أن الأمين العام بان كي مون يدعو أيضا إلى "تحقيقات محلية ذات مصداقية" على أساس تقرير غولدستون. في حين أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن السلطة الفلسطينية تأخذ على محمل الجد الاتهامات التي أوردها تقرير غولدستون بشأن انتهاكات محتملة لناشطي حماس، رافضا المساواة "بين حماس وإسرائيل" ومشددا في الوقت نفسه على أن حكومته تؤيد "إجراء تحقيقات محلية."

(ش.ع / أ.ف.ب / د.ب.أ / رويترز)
مراجعة: طارق أنكاي
-----------------------------------------------

أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

يسعى هذا الموقع إلى نشر مساهمات الكتاب في مختلف المواضيع التي تهم المواطن السوري ويأمل أن يكون جسراً بين الداخل والخارج وأن يساهم في حوار وطني يلتزم باحترام الرأي الآخر ويلتزم القيم الوطنية والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان ونتمنى أن يساهم الرفاق والأصدقاء في إغناء هذا الموقع والتواصل معه وشكراً.


المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها فقط


يرجى المراسلة على العنوان التالي

bayad53@gmail.com



Blog-Archiv

منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا