
بقلم: آرام كربيت *
– 29 حزيران/ يونيو 2007
في ذلك الشتاء القاسي.
عوموا المكان. عوموا الجسد الأعزل. زنروه من مختلف الجهات. علقوه فوق المدار الدائري للزنزانة. ثبتوا ما تبقى منه على المحيط والزوايا. حملوه على خيوط العتمة العتيقة.. وحيداً.. حزيناً وصامتاً. عروه من ثيابه كما تعرى الأشجار من الأوراق في يوم خريفي عاصف. عروه كظل مكسور.. كضوءٍ خافت. ربطوه بضفائر الوجع وقادوه إلى الجلجلة. هناك.. في ذلك الخواء المظلم فتحوا صرة في الارض وملئوها بالماء البارد قالوا له:
هذا صليبك الذي ستصلب عليه. انزع حذائك من قدميك وأدخل إلى هذا الزمهرير الهالك.
في ظل كانون. عند فوران الطبيعة وانعتاقها من الصمت. عند تمردها على جسدها الخامل والمسترخي. في لحظات انتقامها من نفسها وروحها. في هذه الآونة راحت الطبيعة تكشف سرها.. ذاتها.. همجيتها وقسوتها.
في هذا الجحيم القاس.. في هذا الجحيم القادم من وراء تلال الوجع والقهر خبا نجم في السماء وضاع.
كان الليل ساجياً.. فارداً ضجره على الروح.
جاؤوا به وفرشوه بين أنيابهم الفتاكة في ممرات دهاليزهم النتنة.
اعتقلوه.
عذبوه طويلاً.. وعندما عجزوا منه.. من عدم الإدلاء بالمعلومات.
غمروه في حوض الماء المكشوف تحت ثقل العاصفة وهيجانها.. تحت ثقل البرد في وسط باحة زنازين الشيخ حسن.
ثمانية وأربعون ساعة وهو منقوع في الماء في ذلك البرد المصمط.
قالوا له:
أعترف ستخرج من الماء وإلا ستموت من البرد والحرقة والألم.
وسيكون جسدك الطري قرباناً لنا.. نأكله متى نشاء.. نشويه متى نشاء.
مارسوا على جسده الأعزل ساديتهم الجرباء.. تفننوا في تعذيبه وإرهاق أعصابه.
لم يتركوا مكاناً فيه لم يعذب.
عبد الرزاق أبا زيد من الحزب الشيوعي/ المكتب السياسي/
في شباط من العام 1988 جاؤوا به إلى سجن عدرا في دمشق منهكاً متعباً.. مريضاً.. مصاباً بالالتهاب الرئوي الحاد من جراء بقاءه مدة طويلة في حوض الماء البارد في شهر كانون.
كان يسعل.. يئن من الوجع. صدره يخرخر طوال الوقت. حاول أن يتماسك.. أن يبدو عادياً ولكنه كان موجوعاً.
يقول: صدري يؤلمني أحتاج للذهاب إلى المشفى.
لقد تعامل الجميع مع مرضه ببرودة أعصاب. اعتبروا وضعه مسألة عادية وعابرة! لم يأخذ أحدنا وضعه على محمل الجد.
كان خلف الزرزور إلى جانبه طوال الوقت يهتم به ويرعاه.. يقدم له ما يحتاجه من الطعام وغسل الملابس واحتياجاته الخاصة.
كانا في المهجع العاشر.. مهجع التنظيم الشعبي الناصري.
عندما كان ينزل إلى الباحة يأخذ زاوية ما ويجلس. لكنه لم يكن يستطيع الحركة.
في الربع الأخير من نيسان من ذلك العام. في 24 نيسان حمله خلف الزرزور وهاني السعدي إلى جانب المفرزة أو الشبك المعدني.. كنت واقفاً إلى جانبه سألته:
كيف حالك يا أخي عبد الرزاق. قال:
أنا مرهق.. ومريض.. لم يتمم بقية الجمل.
كانت الخرخرة التي تصدر من صدره الموجوع عالية ومسموعة بشكل واضح. كما لم يكن يستطع التنفس. أسند ظهره على الجدار وقرفص. رأسه مدلى إلى الأسف. واضعاً يده اليمنى على جبينه. يئن ويتوجع بصمت. لم يكن يستطع الكلام إلا بصعوبة بالغة وبكلمات مختصرة ومحدودة.
كنا بضعة رجال إلى جانبه.. لا نتجاوزالخمسة أو الستة.
عند الساعة الثانية والنصف جاءت مجموعة من عناصر الأمن وأخذه في سيارة الطعام التي توزع الأكل على مفارز الأمن السياسي في العديد من مواقعها في دمشق ومحيطها.
لا أدري مقدار الوقت الذي بقي في سيارة الطعام وهو يتنقل مع أكل السجناء والسجانين.
جسده المريض والمنهك لم يتحمل التنقل والوقوف وتوزيع الطعام مدة طويلة من الزمن والانتقال من مكان لمكان.
بعد ساعات من نقله من سجن عدرا.
سمعنا من إذاعة الكتائب اللبنانية وإذاعة صوت فرنسا الدولية خبر وفاة رفيقنا وصديق دربنا الأخ عبد الرزاق أبا زيد.
قمنا بإضراب مغلق عن الطعام مدته أربعة وعشرين ساعة تعبيراً عن تضامننا ووقوفنا إلى جانب أخ وصديق ورفيق مات من أجل الحرية والديمقراطية في بلدنا ووطننا.
هل كان لدينا القدرة على فعل شيء؟
أقول نعم!
كان لدينا القدرة على فعل شيء.
كان من الممكن أن نضغط على إدارة السجن من أجل أن يأخذوه إلى المشفى بأسرع وقت ممكن. كان من الممكن أن نقوم باضراب مفتوح عن الطعام حتى تتحقق مطالبنا.
لكننا..
كنا عجزة!
هذه حقيقة لا مراء فيها.
لقد مات وهو في ريعان الشباب تاركاً وراءه أطفالاً صغاراً وزوجة تنتظره.
كانت أروحنا ميتة وكنا مهزومون.. وكنت أولهم.
دائماً العجزة بحاجة إلى تراجيديا.. إلى حفنة كبيرة من الآلام حتى يغتسلوا ويتطهروا.
الجميع كان مدركاً أن عبد الرزاق أبا زيد مريض ومنهك ويحتاج إلى عناية خاصة في المشفى من جراء التعذيب والتنكيل به ووضعه في جرن الماء البارد. كان لدينا في الجناح العديد من الأطباء المعتقلين. مدركين وضعه. لكن لم نحرك ساكناً. طوينا رأسنا بين فخدينا وهربنا من مواجهة الحقيقة الأليمة كالنعامة التي تعتقد أن الرياح والعاصفة القادمة لن تقتلعها. فضلنا السكينة والمطالبات اللبقة والكلام المنمق مع حثالة البشر.. مع رجال الأمن ورئيس مفرزتها.. الذي كان أتفه من التفاهة.
وهكذا تعامل الجناح مع محي الدين شنانة. ومن بعده نور الدين خليل. /كنا نريده أن يخرج من بيننا فقط/. لم نفكر بمصيره ومصير الآخرين الذين ابتلوا به.
في 21 من نيسان ذهبت إلى المطعم صباحاً من أجل أن أخذ حصتي من الأكل. تعرض لي المساعد عبد السلام/ أبو شادي/ قال لي:
تعال إلى هنا. ذهبت إليه وقلت ماذا تريد. قال:
خذ صينية الأكل إلى المفرزة. أحملها على كتفك وضعها على طاولة المكتب. كان يريدني أن أحمل أكل السجانين. قلت له:
أنا لا أخذ أكل أحد. خذ أكلك بنفسك كما نفعل.قال لي:
ستحمل الصينية غصباً عنك. رددت عليه بحزم وقلت:
لن أحمل صينية كأن من يكون. لن أحمل لك شيئاً. نظرت في عينيه وجدته يرجف ويرتعش من الحنق. قال:
ستحملها بالغصب. قلت له مرة ثانية:
لن أحمل لك شيئاً. تابعت:
عندما كنت أعمل. قبل أن أدخل السجن. كان لدي في الورشة مئة واحد من أمثالك يتحركون في إشارة مني. لماذا تريدني أن أخدمك. لماذا لا تخدم نفسك. من أنت؟
كنت أحس بالألم العميق الذي كان ينتابني. وتابعت:
أخدم نفسك بنفسك. راح جسده كله يرتعش.. ترك كل شيء في مكانه وقال:
تعال معي.
ذهبت معه إلى المفرزة وأنا مملوء من الرعب والخوف. هناك بدأت وجبة دسمة. راحوا يعذبونني. عبد السلام وأبو رياض شاليش. قال:
ستنفذ ما نأمرك به. قلت لهم: لن أنفذ مهما حدث.
لقد تمزق غشاء الطبل لأذني من كثرة الصفع على وجهي ورأسي لكني كنت متماسكاً وواعياً لما يجري حولي. قلت لهم: غشاء الطبل لأذني تمزق. وتابعت: إذا لن تتوقفوا عن الضرب سأضربكم مهما كلف. لا أدري لماذا توقفوا عن الضرب عندما تكلمت هذه العبارة ولكنهم قالوا لي أذهب إلى مهجعك.
عدت إلى الجناح متعباً.. منهكاً.. والمرارة تأكل قلبي وروحي. وجدت الكثير من المعتقلين ينتظروني على درج الممر. سألوني ماذا حدث معك. قلت لهم لقد ضربوني ومزقوا غشاء الطبل لأذني. عندما دخلت وأخبرت المهجع بما حدث قالوا:
غداً سيلتئم.. لا تخف. أغلب الذين كانوا في سجن تدمر تمزق غشاء الطبل لأذانهم من كثيرة الضرب على الوجه والرأس.
الجناح تعامل مع المسألة كشيء عابر.. لم يحرك أحدهم ساكناً.
وكان هناك الكثير من الحوادث الفردية الشبيهة.
كنا خائفون.. لهذا لم نستطع أن نأخذ موقفاً يضع حداً لما حدث. كان رعب الترحيل إلى سجن تدمر العسكري في الصحراء مصوراً أمام عيون الجميع ولا سند حقيقي لنا في المجتمع.
في ذلك المساء جلست على سريري تحت ثقل القهر الذي يغور داخل قلبي.. فاتحاً صدري للسماء. أناجي الليل الطويل أن يميل إلى الاسترخاء والنوم. لم أستطع أن أغمض عيني. ذهبت إلى زاوية نبيل قبل أن تطير العصافير من أعشاشها. وضعت سماعة الراديو على أذني ورحت أسمع فيروز. أكثرت الطيران فوق قمم الجبال العالية المكسوة بالثلوج البيضاء الرحبة لاحرر هذه النفس من القيد الذي يرزح فوقها ومن اندفاعات قهرها.
ذهبت إلى المناجير. مجموعة من الصبية الصغار لا نتجاوز الخامسة من العمر. نفتح صدرنا للحياة والريح ونطير على سفينة بيضاء نقية. ننقل زوادتنا من ضفة إلى أخرى. من على شرفة السفينة المعطرة بالضباب مددت يدي إلى ماء الليل المدلهم. سحر الليل وصمت الخابور وخوف أمي مجموعة هالات تزيد أوجاعي وترمي بثقلها كالكابوس فوق صدري وروحي.
جاءني صوت ثقيل. صوت على شكل هالة سوداء. خرج من الأعماق البعيدة. كان ضارباً في الجذور والأغوار الغميقة. يدفعني للذهاب إلى البعيد. تتراءى لي صورة الذين معي في ذلك المكان الغامض والغريب يأخذ بيدي ويقودني إلى مكان ضارب في أعماق الذاكرة.
رحت أمشي وأمشي. دخلت محراباً صغيراً. رأيت ظهر القس كيفورك. اقتربت أكثر. رأيت يده اليسرى مسبلة وفي اليد الأخرى مبخرة ذهبية. كان يبخر الأيقونات المقدسة ذات الألوان الجذابة. يفرش عليها عطر السماء وورد البحر الزاهي. راكعاً بخشوع في حضرة المقدس. يصلي باسترخاء تام. كان إلى جانبه أبي وجدي الأول والثاني والثالث والألف. دخلت بينهم ورحت أعد رؤوسهم. كانت رؤوسهم متشابهة. كان عليهم نفس المحيا والقسمات. نفس اللباس والملامح والأشكال لدرجة لم أعرف من هو جدي الأول ومن يكون جدي الأخير. أكثرت من العد. كنت أبدأ العد من جدي الأخير إلى أن أصل إلى الأول ثم أعيد الكرة مرة أخرى وبالعكس. أبدأ من الأول إلى الأخير. عددت مرات كثيرة وفي كل مرة أخطا وأعيد الحساب من الأول.. ورويداً رويدا رأيت وجه أبي يكبر بسرعة ويأخذ شكل جدي. كنت صغيراً ولكن شكلي وملامحي هي أيضاً راحت تتغير وتدخل إلى مقربة منهم. افترشوا جمجمتي بينهم. كانت ممدودة وموضوعة أمام ركبهم المثنية يصلون عليها. كنت بينهم ومعهم أصلي وأنا راكع. سرت أمشي بهدوء وصمت تحت سمع ونظر أسلافي وأنا. زحفت على صدري ببطء شديد ورحت ادخل في جوف الأيقونة مخترقاً ألوانها الزاهية ومحدقاً في أحشائها. التفت نحو جميع الاتجاهات إلى أن وجدت جمجمتي ساجدة هي الأخرى هناك.
هناك وجدت نفسي.
في قلب الأيقونة حدث تحول غريب.. غابت الألوان الزاهية واستعاد بدلاً عنها لونان.. أبيض وأسود. في ذلك المكان وجدت ذاتي.
فتحت عيني على وسعهما.. شاهدت جوف جمجمتي البيضاء.
قرأت كل التراتيل والتاويلات المنبعثة من داخلها.
رأيت صورة شديدة اليقينية والوضوح. تعمقت أكثر ومشيت. رأيت روحي في تلك الأصداء الخافتة.
أقول لأجدادي الراكعين.. هذا أنا.. وهذا أنا.. وذاك أنا.. وهؤلاء أنا.
ابتعدت. رحت..
أندفع وأتوه بين النور والظلمة. أسبح واستغرق في اليم العميق إلى أن وجدت مرة أخرى أبي وأجدادي في انتظاري راكعون بخشوع. بأيديهم المفتوحة شمعدانات عليها شموع مشتعلة. لهيبها عالي. دائم الهيجان والتوهج! تابعت النزول أكثر. فوجدت جمجمتي موزعة في كل مكان.
راسخة في الجذور.
اقتربت. حاولت زحزحتها لكنها لم تتحرك. كانت ثابتة البقاء. استنجدت بمن حولي أن يساعدوني ويعطوني هذا العظم المتكلس لأخذه معي.
كان داخل الجمجمة المسترخية جموع هائلة من الوصايا والنواميس. آلهة من كل الاصقاع. كل إله يودع أسراره فيها. كل إلاه يضع سره في صدر الجمجمة. كل واحد ينفخ فيها لتبقى محمولة على سرير الزمن حامل الرياح. سلسلة طويلة من الاسرار المخزنة في مكان بعيد وغامض من الجمجمة. لا يدخله إلا إذا أمتلك القدرة على اختراق الأيقونة والسباحة داخل بحارها العميقة.
أسراها خالدة.. أوامر ونواهي.
وصايا كثيرة.
مجموعات كثيرة من الأفواه تنفخ فيها طوال الوقت. ينفخون في دهليز طويل ليملئ حتى الثمالة.
كنت مادة مطواعة.
كنت أسير في جوف الليل الطويل. أمشي والكوابيس تغزوني من كل المطارح والأفاق. حتى صراخي مخنوق ومركون بين أنفاسي. لقد اكتشفت هذه الهالات التي تحيط بي وأنا داخل جدران نفسي.
استيقظت من حلم الغفوة السريعة. عدت لنفسي وقلت:
السجن مرآة لمن لا مرآة لديه. عليه ان يجلس أمام نفسه وروحه. أن يقف أمام التأريخ وأمام نفسه.
أن يقف أمام الشرق. قبلة الشمس.
أن يتعرى.
أن يكتشف أين تقف قدماه.
يتبع..
__________
* كاتب سوري وسجين سياسي سابق
-----------------------------------
في ذكرى استشهاد جورج حاوي بيروت في 21/حزيران/2007
بيان صادر عن الحزب الشيوعي اللبناني – حركة الانقاذ
ذكرك يتجدد منورا كل عام، يا ابا انيس، في الحادي والعشرين من حزيران...
وعهد حزبك لك بان يظل كما اردته انت، كما بنيته انت، ركنا في الحركة الوطنية...
منفتحا على كل قوة او حزب يلتزم بالثوابت الوطنية: سيادة لبنان واستقلاله الناجز، ورفض اي وصاية خارجية، سورية كانت ام ايرانية ام سواها.
ان رفاقك في الحزب انتفضوا على نهج الانحراف، ويتعهدون، يوم ذكرى استشهادك، بان يبقوا الحزب، كما كنت دائما تفعل، في قلب معركة الشعب، جنبا الى جنب مع الحزب التقدمي الاشتراكي وسائر القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية في حركة 14 آذار، في التصدي لمؤامرة فتح الاسلام الارهابية التي يدعمها النظام السوري بعد فشله بكل الوسائل التي لجا اليها بما فيها الاغتيالات في ارجاع نظام وصايته على لبنان، بعد خروجه المخزي تحت الضغط الشعبي.
ان استهداف النظام السوري من وراء اندفاعته المجرمة والمجنونة باشعال حرب نهر البارد متعددة: فالبدرجة الاولى اراد ضرب الجيش اللبناني البطل لشل دوره في الحفاظ على الاستقرار والامن... كما اراد من وراء نشر الفوضى الى زعزعة الدولة والحكومة الشرعية وقطع عملية بناء الدولة في بدئها.
هذه الفوضى العارمة في حسابات النظام السوري تخلق الامكانيات لتغيير ميزان القوى الداخلي لصالحه، ويسمح له، حسب تقديراته، بالخلاص من تبعات القرارات الدولية التي باتت تطوقه وتحاصره، وخاصة قرار انشاء المحكمة الدولية.
المعركة شرسة وطويلة كما تعلم يا ابا انيس...مع عدو شرس لا يتورع عن ارتكاب اي جريمة. لكن حزبك، كما عهدته، سيقوم بكامل مسؤولياته الوطنية ويلعب دوره النضالي الى جانب القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية الاخرى، وفق مقتضيات مسار المعركة ومتطلباتها في الحزم والحسم، حاملا مع ذلك، غصن الزيتون الذي لم يسقط من يدك حتى لحظة استشهادك، داعيا الى حوار عقلاني مسؤول مع قوى المعارضة اللبنانية للوصول الى توافقات حول القضايا المختلف عليها ولتجنب الفتنة الداخلية.
لا نبكيك، فانت معنا يا ابا انيس، الرفاق يتجمعون لانقاذ حزبهم واسمك ملهم لهم، من هوة الانحراف، رافعين راية الحزب التي ترمز الى الحرية واستقلال لبنان والتقدم الاجتماعي والتغيير الديمقراطي.
سلام عليك يا ابا انيس مع كل مطلع شمس.
سلام على الرفيق والباسل والسمير.
سلام على جبران وبيار والوليد.
سلام على شهداء الوطن.
صدر عن المكتب التنفيذي للقيادة المؤقتة للحزب الشيوعي اللبناني – حركة الانقاذ.

الخضراوات تروى بمياه الصرف الصحي في ادلب والجهات المعنية غير معنية!
دمشق صحيفة تشرين تحقيقات الاثنين 25 حزيران 2007 علام العبد
تنتشر في محيط محطة المعالجة في قرية طعوم المتوقفة منذ سنوات و الخط الرئيسي لمجرور مدينة ادلب الذي يخترق الاراضي الزراعية في العديد من قرى وبلدات منطقة ادلب محركات الديزل التي تقوم بضخ مياه الصرف الصحي باتجاه الاراضي الزراعية المزروعة بالخضراوات لسقايتها وخاصة في بنش وتفتناز والصواغية ومعارة النعسان .
وان الأراضي الزراعية في تلك البلدات تشهد تدفقا غير معقول من مياه الصرف الصحي عبر مضخات الديزل بعيدا عن عيون المسؤولين وعلى ما يبدو ان مكافحة ظاهرة سقاية المزروعات من مياه الصرف الصحي بادلب قد اسقط من أجندة المسؤولين .
ومشكلة سقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي بادلب الناتجة عن الخط الرئيسي للصرف الصحي تبقى من ابرز المشاكل البيئية التي تواجه مصادر المياه في تلك المنطقة حيث ان هذه المصادر المائية في وضع غير مستقر بسبب تكرار عملية التلوث بين الحين والآخر، الأمر الذي يحتاج الى دراسة شاملة من الجهات المعنية لوقف عمليات التلوث والحد من الظواهر السلبية التي تؤثر على البيئة والإنسان هناك.
اصوات :
ويقول احد مزارعي تلك المنطقة ان مياه الصرف الصحي تتدفق بصورة مستمرة من من خط الصرف الصحي لسقاية المزروعات عن طريق محركات الضخ التي تم تركيبها على مجرى الصرف الصحي ما أدى ذلك الى تلوث الأراضي الموجودة في المنطقة عدا عن انتشار الروائح الكريهة والأمراض الجلدية لمرتادي هذه المنطقة خاصة الأطفال وتكاثر الحشرات الذي يؤثر سلبا على الزراعة والحركة السياحية حيث ان منطقة تفتناز تعتبر من أهم المناطق الزراعية حيث تكثر فيها زراعة الحبوب والبطاطا والخضراوات وغيرها .
وطالب بتشكيل لجنة لدراسة الآثار الناتجة عنها لمنع انتشار الأمراض مثل أمراض الطفيليات والديدان المعوية نتيجة لاستعمال هذه المياه في ري المزروعات ولتجنب الاصابه بالامراض المعدية.
واوضح ان كثيرا من المزروعات في هذه المنطقة باتت تعتمد على مياه الصرف الصحي دون رقابة في الري وعدداً كبيراً منها يؤكل بدون طهي مثل الفجل والخس والبقدونس والبصل الأخضر وغيرها.
وقال المواطن حسين المحمود ان منطقة تفتناز والصواغية وبنش معارة النعسان من المناطق الجميلة التي تشهد حركة تجارية وزراعية كبيرة فهي بحاجة الى متابعة واهتمام من اجل المحافظة على نظافتها ومنع الملوثات عنها وخصوصا سقاية المزروعات من الخطوط الناقلة لمياه الصرف الصحي حيث ما شاهدناه في تلك المنطقة من ظاهرة سقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي أمر يثير القلق.
امراض بالجملة :
وقال احد زوار المنطقة انه عندما سمعنا عن جمال هذه المنطقة وعذوبة المياه الموجودة فيها وطبيعتها وامتزاج مكونات الحياة الطبيعية وسحر المكان فيها، وحقيقة شاهدنا مناظر جميلة إلا أن التلوث من خلال سقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي كان سلبيا في هذه المنطقة
مؤكدا على أهمية معالجة هذه المشكلة من اجل أن تبقى صورتها جميلة أمام الزائرين وذلك من خلال حملات رش بالمبيدات الحشرية للقضاء على الحشرات والبعوض المنتشر ومعالجة مشكلة الروائح الكريهة المنبعثة مشددا على ضرورة ان تأخذ البلديات ومديريات الزراعة والصحة والبيئة بادلب دورهم في مكافحة ظاهرة سقاية المزروعات من مياه الصرف الصحي .
* اجراءات لاتشفي :
من جانبها مديرية الزراعة بادلب التي تقر بأن الواقع كذلك وهذا ما ظهر جليا من خلال المحاضر التي جرى اعدادها من قبل القائمين على مصلحة زراعة ادلب فهي تعالج نصف الواقع بين الحين والاخر على أوراقها الرسمية والنصف الآخر على ارض الواقع من خلال قلب المزروعات التي تروى بمياه الصرف في حال تم تامين المساندة اللازمة لذلك فالمهندس نجيب طباع ـ مدير الزراعة بادلب وضع بين أيدينا بعض الحقائق والأوراق التي تؤكد ان اجراءات عديدة تتخذها المديرية على صعيد المعالجة وان كانت تشبه ذر الرماد في العيون فقد شدد على ضرورة تضافر كافة الجهود من اجل القضاء على ظاهرة سقاية المزروعات بمياه الصرف -واشار إلى انه تم الطلب مؤخرا من السيد قائد شرطة المحافظة عن طريق السيد المحافظ تقديم المؤازرة لمصلحة زراعة ادلب من اجل قلب المزروعات التي تروى من مياه الصرف بادلب ، كما بين المهندس حسن جراد رئيس مصلحة زراعة ادلب عبر تقريره المقدم لمدير الزراعة بأن قرية قميناس التي لايوجد فيها بلدية هناك مجموعة من المزارعين يقومون بري الزراعات والخضراوات من مياه الصرف وقسم منهم يقوم بعملية التربيص تمهيدا للزراعة وان 90 %من أصحاب الأراضي الزراعية هناك يقومون بسقاية أراضيهم من مياه الصرف الصحي، واشار إلى ان في مدينة ادلب حوالي 50 دونما مزروعة قطنا وتروى بمياه الصرف وكذلك في مدينة بنش مجموعة من المزارعين يرون المزروعات والخضراوات بمياه الصرف ضاربين عرض الحائط بكل التعليمات المانعة لذلك، واقترح رئيس المصلحة مصادرة المحركات التي تضخ المياه الملوثة من المجرور وتقديم المؤازرة اللازمة لقلب الخضار التي رويت من مياه الصرف ولفت المهندس محمد نور طكو معاون مدير الزراعة إلى ان عشرات الدونمات المزروعة بالخضراوات في قرية مصيبين والمروية بمياه الصرف تقلب سنويا لمخالفتها الأنظمة والقوانين .
ہقلق وبس :
اما المهندسة جمانة حسن مديرة البيئة بادلب أبدت قلقها من الواقع الذي وصلت إليه المزروعات والخضراوات التي تروى بمياه الصرف الصحي وفي الوقت نفسه أبدت استعدادها للتعاون مع جميع الجهات في هذا المجال، مشيرة إلى ضرورة القيام بجولات عاجلة على خطوط الصرف الصحي المكشوفة لقمع كافة المخالفات التي تنتهك هناك وشددت على أهمية التعاون لمعالجة هذه المسالة الخطيرة .
ہبيت القصيد
رغم كل الحماس الذي ظهر على وجوه المعنيين في ادلب ورغم كل ما قيل ويقال وما سمعناه من كلام معسول عن الطرق الواجب اتخاذها في معالجة قضية سقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي والاجراءات الكفيلة بمعالجتها، فان الواقع غير ذلك فهو يفرز الكثير من المخاوف من جراء عدم التطبيق الحاسم في منع هذه الظاهرة التي أخذت تتفاقم في ادلب بشكل مخيف وباتت الحاجة ملحة وضرورية لتجنيد كافة الطاقات البشرية والآلية الكبيرة لها حفاظا على الصحة العامة .
allam abd@aloola.sy
-------------------------------------------