Freitag, 29. Juni 2007





كسر الجليد السوري ـ الإسرائيلي: ما يطرأ سريعاً يتطاير أسرع!



صبحي حديدي

29/06/2007

في أواخر العام 1999، حين كانت أكثر من نار هادئة في واشنطن ودمشق والقدس المحتلة تطبخ المسوّدات والخرائط الضرورية قبيل التوصّل إلي اتفاقية سلام بين الدولة العبرية والنظام السوري، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية خبراً لافتاً، سرعان ما أكدته صحف عربية نقلاً عن مصادر سورية مسؤولة، عن ترتيبات كان يتولّي أمرها عضو الكنيست عبد الوهاب الدراوشة، لعقد قمّة روحية فريدة في دمشق.
لائحة ضيوف القمّة ضمّت مفتي سورية آنذاك، الشيخ أحمد كفتارو، ويسرائيل لاو كبير حاخامات إسرائيل، يحضرها أيضاً الحاخامات إلياهو بكشي، عوفاديا يوسف (الزعيم السابق لحركة شاس ) ويوسف جيجاتي (حاخام اليهود السوريين). وكان مطلوباً من القمّة أن تكسر، علي الجانبين السوري والإسرائيلي في الواقع، طبقة أولي من الجليد السيكولوجي السميك والصلب والعتيق، الذي لا بدّ من كسر طبقاته واحدة تلو الاخري، قبل الشروع في التطبيع.
واليوم، بعد أخبار اللقاء المشهود ـ و التاريخي حسب توصيف الصحافة الإسرائيلية، بين مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون والحاخام الأكبر للجالية اليهودية في النرويج يوئاف ملكيئور (نجل عضو الكنيست عن حزب العمل الإسرائيلي ميخائيل ملكيئور، للإيضاح المفيد)، هل يصحّ الحديث مجدداً عن جهد منهجي لكسر جليد جديد، فوق الجليد القديم؟ ذلك لأنّ اللقاء لم يكن روحياً فحسب، كما حرص المفتي علي التأكيد، بل تضمّن طلب الحاخام من حسون أن يبذل مساعيه الحميدة من أجل نقل رفاة الجاسوس الإسرائيلي الشهير ايلي كوهين إلي إسرائيل؛ كما أنّ هذا الطلب ذاته لا يمكن أن يظلّ إنسانيّ الطابع ليس أكثر، إذا تأمّل المرء ردّ المفتي علي الحاخام: سوف يصبح الطلب واقعياً، بعد تحقيق السلام بين البلدين!
في جانب غير روحيّ البتة، علي الجبهة الدبلوماسية ـ السياسية ليس أقلّ، قال السفير السوري في لندن إنه تعيش في سورية أقليات كثيرة، من مسيحيين وأرمن وأكراد. ولا توجد أي مشكلة في أن يعيش إسرائيليون أيضاً . تصريحات الدكتور سامي الخيمي وردت خلال ندوة نظمها المركز الإعلامي السوري في لندن مؤخراً، تحت عنوان هضبة الجولان: ننهي الاحتلال، وننشيء سلاماً ، في مناسبة الذكري الأربعين لاحتلال الجولان، وجاءت ردّاً علي سؤال مباشر حول مصير مستوطني الهضبة في حال انسحاب الدولة العبرية منها.
ولقد سارع السفير الخيمي إلي تصحيح أقواله تلك، وأنّ جوابه كان أنّ المستوطنين قد يفضّلون البقاء تحت السيادة السورية كون سورية بلدا مسالما بالنسبة لكلّ جيرانها، بلد علماني يحترم كل الأديان ويتمتع فيه كافة المواطنين بحقوق متساوية ، كما جاء في صحيفة السفير اللبنانية.
المركز الإعلامي ذاته، وهو جهة حكومية سورية في نهاية المطاف، كان قد نشر النصّ التالي في موقعه علي شبكة الإنترنيت: في ردّ علي سؤال بشأن مصير المستوطنين الإسرائيليين في الجولان بعد عودتها إلي السيادة السورية، قال الدكتور الخيمي إنهم قد يفضّلون البقاء تحت السيادة السورية، كون سورية ملجأ آمنا لكل جيرانها ـ كبلد علماني يحترم كل العقائد وتمتع كل مواطنيه علي الدوام بحقوق متساوية ـ بدلاً من العودة، كما يجب أن يفعلوا بموجب القانون الدولي، إلي إسرائيل: دولة أبارتهايد (عنصرية) ذات مظاهر ديمقراطية مزيفة .
ما الفارق، حقاً، سوي احتمال أنّ يكون السفير قد تقصّد التنصّل من الشطر الأخير في تصريحه، وليس الشطر الأوّل، أي شاء النأي بنفسه عن توجيه تهمة ثقيلة إلي إسرائيل، قد تجرّ عليه غضبة اليهود داخل بريطانيا، وهي في الآن ذاته قد تغضب سيّده في دمشق لأنّ أقوالاً كهذه قد لا تكسر الجليد بقدر ما تضيف إليه المزيد؟ ولعلّ الدكتور الخيمي تذكّر أنّ الشيء بالشيء يُذكر، وأنه إذا كانت إسرائيل دولة عنصرية بالفعل، وإعادة إنتاج لأسوأ ما انطوي عليه نظام الأبارتيد العنصري في جنوب أفريقيا، فهل دولة النظام البعثي الحاكم في دمشق ليست عنصرية تجاه البعض من أبناء سورية، الأكراد علي سبيل المثال الأبرز؟ وهل يتمتّع جميع المواطنين السوريين بحقوق متساوية، بالفعل، حتي أنّ رجل أعمال مثل رامي مخلوف لا يختلف في الحقوق والواجبات عن مواطنه ابن بلده رياض سيف، مثلاً؟
ولن تتكامل جهود المفتي وجهود السفير إلا إذا صبّت المياه في طاحونة التلميح والتصريح التي يشغّلها الوزير، وزير الخارجية، وليد المعلّم. ولقد جاء في الأخبار أنّ مايكل وليامز، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، نقل إلي رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت استعداد دمشق للعودة فوراً إلي طاولة المفاوضات مع إسرائيل، دون شروط مسبقة. وسلّم وليامز الرسالة إلي أولمرت بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أثناء مأدبة عشاء أقامها داني غليرمان، المندوب الإسرائيلي لدي الأمم المتحدة، في نيويورك. وأمّا الطرف المرسِل فقد كان وليد المعلّم، مفوّضاً من سيّده بشار الأسد الذي ينتظر الوسيط الأممي نفسه، وما يمكن أن يكون ردّ أولمرت علي عروض دمشق.
غير أنّ تسريبات رئيس وزراء الدولة العبرية أوحت، سريعاً وصراحة، بأنّ سيطرة حماس علي مقاليد الأمور في غزّة هي شغل أولمرت الشاغل هذه الأيام، مثله في ذلك مثل سواه في الواقع! ولهذا كان يتوجّب علي أحد ما، في جهاز النظام السياسي، أن يتلافي بعض الأضرار التي تسببت فيها الجهود المجانية لأمثال المفتي والسفير والوزير، خصوصاً وأنّ ما خفي منها كان أدهي علي الأرجح. ولقد وقع الاختيار علي نائب الرئيس، فاروق الشرع، فأدلي بسلسلة تصريحات معاكسة، لكي لا نقول مناقضة، لما جري هنا وهناك من عمال كسر الجليد.
ولقد أفادنا الشرع بأنّ إسرائيل والولايات المتحدة لا تريدان السلام مع الفلسطينيين، ولا مع سورية ، التي تأخذ كلّ الاحتمالات علي محمل الجدّ، وتعطي الأولوية للسلام . ومع ذلك فإنّ النظام لم يعقد مفاوضات سرّية مع إسرائيل، لأنّ الاتصالات السرية هدفها فقط التنازل، وسورية غير مستعدة للتنازل . ولكي يذهب أبعد، في جانب تسديد بعض النيران علي البيت الأبيض تحديداً، قال الشرع إنّ اتفاقاً سورياً ـ إسرائيلياً سوف ينقصه الدعم الأمريكي اللازم لأنّ الرئيس الأمريكي جورج بوش قال بصريح العبارة أخيراً: أنا لا أريد السلام مع سورية .
غير أنّ العلامات والإشارات والنُذُر الساعية إلي كسر الجليد أو الإيحاء بإضافة سماكات جديدة إليه، أمر يختلف تماماً عن العودة ـ مشروطة او غير مشروطة ـ إلي طاولة التفاوض حول أيّ انسحاب إسرائيلي من الجولان، فكيف بالتوصّل إلي مسوّدة اتفاقية سلام شامل وختامي. وفي مناسبات كهذه، وهي كثيرة وافرة دائماً، تقفز إلي الذهن تلك المسلّمة التي تقول إنّ مرتفعات الجولان ليست مجرّد صخرة ثقيلة جثمت وسوف تجثم علي طاولة أيّ تفاوض سوري ـ إسرائيلي (علي نحو لا يشبه في شيء مفاوضات صحراء سيناء أو منعرجات وادي الأردن الضيّقة) فحسب، بل هي أيضاً وأساساً هضبة أشبه بكرتونة بيض قادرة علي دبّ القشعريرة في أوصال أيّ عسكري إسرائيلي يشغله الدور الحاسم الذي تلعبه طبوغرافية الأرض في حسم الحروب.
كما تقفز إلي الذهن تلك العقلية الإسرائيلية الفريدة حول التطبيع، والتي تقف، بقوّة غاشمة في خلفية أيّ سيناريو تفاوضي ذي حظّ أدني من النجاح. وفي أكثر أيّام التفاوض السوري ـ الإسرائيلي إزدهاراً وانتعاش آمال (حين صرّح الشرع نفسه أنّ نسبة 80% من القضايا العالقة تمّ إنجاز المباحثات حولها)، قام المؤرخ والصحافي الإسرائيلي توم سيغيف بتوجيه رسالة مفتوحة إلي الأسد الأب، عبر صفحات صحيفة هآرتس ، بدأها بالقول إن الرأي العام الاسرائيلي مجمّد عند نقطة الإقتناع بأن المحادثات بين سورية وإسرائيل أشبه بالوضع الذي يقول فيه طفل لآخر: دعني أري ما لديك، لكي أدعك تري ما لديّ . وسيغيف أضاف إلي نوايا الأسد المعلنة، تلك النوايا الأخري الخفية التي لا تترك أدني ظلّ للشك في أن مصلحة سورية تقتضي عقد السلام، ولكنه مؤرّخ يعرف بلاده أكثر من معرفته بالبلاد الأخري، ولهذا كان تشخيصه للوضع العالق يتجاوز بكثير حكاية طفلين يتعاندان علي إظهار ما عندهما.
وتابع سيغيف مخاطبة الأسد: لقد بدأتَ طور الطمأنة الجديد بحديث صريح مع يهودي طيّب من أمريكا هو توم لانتوس. ولكن لانتوس لن يعيش معك، بل نحن الذين يتوجب أن نعيش معك وتعيش معنا، فتحدّث إلينا يا سيادة الرئيس . كيف؟ هنا فكرة سيغيف: أقترح عليك استدعاء مجموعة من الصحافيين الإسرائيليين إلي دمشق. ويسرّني أن أكون أحدهم. اسمحْ لنا بالتجوّل الحرّ يوماً أو يومين في مدينة دمشق، ودعنا نتحدث مباشرة مع الناس في الشوارع، ونكوّن انطباعاتنا الخاصة. عرّفنا علي مَنْ نعتقد أنه يجدر بنا التعرّف إليه، مثل أساتذة الجامعات ورجال الاقتصاد وضباط الجيش والوزراء، ثم تحدّث إلينا أنت ساعتين أو ثلاث ساعات. أقنعنا أنّ السلام جزء لا يتجزأ من نظريتك الاستراتيجية لمستقبل سورية، وأنّ السلام يعكس مصلحة سورية حقيقية. من الممكن جداً أن نثق بك في هذه الحالة، وأن نكون عوناً لك أكثر من لانتوس .
كان العشق، ويظلّ، هو المطلب الإسرائيلي: العشق لوجه الله، ودون مطمع أو تنازل أو انسحاب. مطلوب من هذا العشق، مع ذلك، أن يقترن بملفّات حاسمة حارقة غير عاطفية، مثل الإنسحاب من الجولان، وتفكيك معظم المستوطنات الإسرائيلية في الهضبة، وإلغاء القوانين الإسرائيلية التي تضمّ الجولان إلي الدولة العبرية، والقبول بالحدّ الأدني من الترتيبات العسكرية والأمنية في كلّ مرتفع منفرد من كرتونة البيض الكابوسية تلك، والتفاوض الشاقّ حول صنوف الأسلحة المسموح بنشرها في الهضبة، ومرابطة وحدات عسكرية دولية للفصل بين القوات، وتحديد أنظمة الإنذار المبكّر... إلي ما سوي ذلك من قضايا شاقّة وشائكة وعالقة، لا تليّن عريكتها استراتيجيات التطبيع العاطفي أو أحكام القيمة والتحيّات والتمنيّات.
والحال أنّ النظام السوري يدرك هذه الحقيقة، إدراكاً عميقاً مسلّحاً بتجارب الماضي البعيد والماضي القريب علي حدّ سواء، مثلما يدرك في المقابل أنّ أسباب بقائه، أو بالأحري استمرار وجوده في صيغة الإستبداد والفساد والنهب والحكم العائلي، مرهونة بمقدار ما يقدّم للدولة العبرية من شهادات حسن سلوك، بينها في المثال الراهن هذه الألعاب: يدير وقائعها أمثال حسون والخيمي والمعلّم، ثمّ يقلبها رأساً علي عقب أمثال الشرع، لكي تعود القهقري مجدداً إلي فريق آخر من اللاعبين والقالبين! ما هو أهمّ من هذا اللعب، الذي يجري في الوقت الضائع غالباً، أنّ النظام يدرك جيداً تلك الحقيقة الأكبر التي تقول إنّ الطراز الثاني من أسباب بقائه، أي الاقتيات علي فظائع السياسة الأمريكية في العراق ولبنان وفلسطين، والاستفادة الواسعة من تخبّط هذه الإدارة في الملفّ الإيراني استطراداً، ليست إلا من طراز فضل القيمة.
.. غير المضافة في واقع الأمر، لأنّ ما يكسبه النظام لا يبدو وكأنه يتراكم عملياً، بقدر ما يطرأ سريعاً لكي يتطاير أسرع!

-----------------------------------------





الدين في حدود العقل
2007 الخميس 28 يونيو

د. عصام عبد الله

تحتفل الأوساط الفلسفية في ألمانيا هذه الأيام بمرور 220 سنة علي صدور كتاب " نقد العقل الخالص " لكانط عام 1787. ويبدو أن تاريخ الفلسفة الألمانية ابتداء من " كانط " وكتابه العمدة,وكأنه محاكمة تتم فيها مناقشة العلاقة الملتبسة بين الدين والفلسفة. إذ أن " تهلين المسيحية " - على حد تعبير هابرماس – أي جعلها هيلينية أو يونانية، أدى إلى اقتران الدين والميتافيزيقا. ولم يحل هذا الاقتران مجددا إلا مع كانط الذي وضع حدا واضحا بين الإيمان الأخلاقي الخاص بدين العقل والأيمان الوضعي بالوحي، هذا الإيمان الذي ساهم في تحسين النفوس، لكنه أصبح " بما ألحق به وبقوانينه في النهاية،" قيدا " حسب تعبير " كانط " نفسه. والواقع ان معظم الثورات اللاهوتية في الغرب تبنت شعار "كانط": "الدين ضمن حدود العقل فقط"، وكان "كانط" نفسه قد قام بأهم ثورة في مجال الميتافيزيقا واللاهوت أيضاً، شبيهة بثورة كوبرنيكوس في مجال الفلك، وإن كانت أخطر في رأينا لأنها نزعت الوهم العقلاني بإمتلاك الحقيقة المطلقة، وكشفت عن حدود "العقل" ومحدوديته، مما كان له أبلغ الأثر في مسيرة الفكر الفلسفي من جهة، وفى بلورة مفهوم التسامح فلسفيا من جهة أخرى. فقد أعرب "كانط"، في نهاية القرن الثامن عشر بوضوح في مقاله "جواب عن سؤال: ما التنوير؟ "، المنشور عام 1784، عن العداء الذي يكنه التنوير للميتافيزيقا، ومن ثم دعا إلى الانصراف نهائياً عن الأسس التأملية لمفهوم المطلق أو "الله" إذ أننا لا نستطيع معرفته,لأن معرفتنا مقصورة على العالم المحسوس وظواهره.وقد أدى انهيار الأساس الميتافيزيقي للاهوت إلى تجريد الفكر الديني من وظيفة تحديد أصل الوجود، وبالتالي من خصائص الفكرة التقليدية "لله".ولا تتضح هذه المحاولة الجسورة من خلال تاريخ الفلسفة فحسب وإنما من خلال تاريخ الأفكار أيضا,ذلك لأن انهيار الأساس الميتافيزيقى للاهوت، كان أكبر إنجاز حققه العقل الغربي منذ عصر النهضة الأوربية,فطوال الفترة الممتدة بين القرن السادس عشر وحتي القرن الثامن عشر كان العقل الغربي يناضل من أجل فك هذا الارتباط بين الميتافيزيقا واللاهوت، والذي دمج منذ دخول العقيدة المسيحية في أوروبا العصور الوسطى. ومن ثم مثلت محاولة كانط ضربة مزدوجة للميتافيزيقا واللاهوت في آن واحد، وكانت الشكوك التي أثارها في كتابه "نقد العقل الخالص",تصيب بشكل مباشر مشروعية "المطلق " أساسا. ففي تصدير الطبعة الأولي يقول: "إن للعقل خاصية متميزة في أنه محكوم بمواجهة مسائل ليس في الإمكان تفاديها، إذ هي مسائل مفروضة عليه بحكم طبيعته. بيد أن العقل عاجز عن الإجابة عنها، لأنها تتخطى كلية قدرة العقل البشرى. وهذه المسائل تدور حول مفهوم "المطلق" سواء وصفته بأنه "الله" أو الدولة.".وتبعاً لنظرية كانط في "المعرفة" أصبح "الله" غير معروف نظرياً، بل أصبحت معرفته تخرج عن حدود وقدرات العقل الخالص، من ثم، لم تعد الفلسفة أو العلم قادرين على التعريف بـ "الله" كما حدث على عهد ديكارت ونيوتن. فالعقل النظري أصبح عاجزاً عن إثبات وجود الله، ولا مناص من أن تعجز الطبيعة عن كشفه. ولا غرو إذا سُمّي كانط "محطم الكل" أي محطم اللاهوت الطبيعي.واليوم يطور هابرماس التقليد الكانطي,فلا يستحق من الأديان صفة "العاقل" - برأيه - إلا الدين الذي يتخلى,بسبب تعقله الذاتي,عن الفرض القسري لما يؤمن به من قناعات,وعن الإجبار القسري للضمير الذي يمارس تجاه المنتمين إليه,وبالدرجة الأولى عن استخدامهم للقيام بعمليات ارهابية تجاه الآخرين أو القتل بإسم الله.هذه الفكرة تدين بوجودها لتأمل ثلاثي الأضلاع يقوم به المؤمنون، متأملين موقفهم في مجتمع كوكبي تعددي، يتعولم بإطراد. فعلي الوعي الديني أن يعالج أولا:اللقاء المختلف معرفيا مع مذاهب أخرى وأديان أخري. ويجب عليه ثانيا: أن يقبل سلطة العلوم التي تمتلك في مجتمع اليوم حق احتكار معرفة العالم. ويجب عليه أخيرا: أن يتقبل المقدمات المنطقية الخاصة بالدولة الدستورية، وهي مقدمات تنبثق من أخلاق غير دينية. و بدون هذا "الدفع التأملي"، برأيه، سوف تفجر الأديان التوحيدية طاقة هدامة. ومعني "الدفع التأملي": التأمل والتفكر والتدبر والنقد المزدوج,وهو من خصائص المجتمعات الحديثة,منذ عصر النهضة الأوربية وحتي كتابة هذه السطور.
أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس
dressamabdalla@yahoo.comبريمين - ألمانيا




--------------------------------------------


أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

يسعى هذا الموقع إلى نشر مساهمات الكتاب في مختلف المواضيع التي تهم المواطن السوري ويأمل أن يكون جسراً بين الداخل والخارج وأن يساهم في حوار وطني يلتزم باحترام الرأي الآخر ويلتزم القيم الوطنية والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان ونتمنى أن يساهم الرفاق والأصدقاء في إغناء هذا الموقع والتواصل معه وشكراً.


المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها فقط


يرجى المراسلة على العنوان التالي

bayad53@gmail.com



Blog-Archiv

منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا