
عزرائيل طرطوس
بلغت اصابات السرطان في طرطوس عام 2005 وحسب أرقام مديرية صحة طرطوس /171/ اصابة وبمعدل انتشار 60،0 بالالف.
وفي صافيتا /76/ اصابة وبمعدل انتشار 58،0 بالالف وفي الدريكيش /26/ اصابةوبمعدل 47،0 بالالف وفي بانياس /130/ اصابة وبمعدل 75،0 بالالف، أي 427 اصابة وبمعدل انتشار 61،0 بالالف.
ومقارنة مع عام 2000 لوحظ تزايد في المؤشرات سواء بالسرطان او التوتر الشرياني والداء السكري وأمراض القلب وكذلك الامراض العقلية وبالنسبة للقرى الموبوءة باللاشمانيا في محافظة طرطوس، فكان عدد القرى المصابة في طرطوس/ 162/ قرية وعدد الاصابات/ 1258/ اصابة وفي عام 2004 عدد القرى /155/ قرية وعدد الاصابات /959/ اصابة، وفي عام 2005 عدد القرى/ 127/ قرية والاصابات /541/ اصابة وفي بانياس 156 قرية مصابة وعدد الاصابات/2140/ اصابة، وفي عام 2004 /148/ قرية، وعدد الاصابات/ 593/ اصابة، وعام 2005 /117/ قرية مصابة وعدد المصابين /616/ اصابة، وهناك مثلاً صافيتا /132/ قرية وعدد الاصابات /437/ اصابة عام 2003، و/104/ قرى و/385/ اصابة عام 2004 و/91/ قرية مصابة و/270/ اصابة عام 2005
وكان مجموع القرى المصابة من خارج المحافظة وداخلها مع العديد من المناطق عام 2003 /626/ قرية مصابة وعدد الاصابات /5256/ اصابة.
وفي عام 2004 كان مجموع القرى المصابة /560/ قرية وعدد الاصابات /4045/ اصابة، وفي عام 2005 /464/ قرية مصابة وعدد الاصابات /1932/ اصابة، وهكذا فإن معدل انتشار امراض السرطان في بانياس هو الاعلى بين مناطق طرطوس، اضافة الى ارتفاع حالات الاصابة التنفسية في بانياس مع ازدياد مطرد لهذه الامراض مثل (ذات الرئة ـ التهاب القصبات المزمن ـ انتفاخ الرئة) التي تتأثر بالتلوث البيئي والغازات المنبعثة من المشتقات النفطية كغاز الكبريت واملاح الرصاص وهباب الفحم الناتج عن احتراق مادة الفيول، ويؤدي التعرض المستمر لمادة الرصاص الى التأثير على الجهاز العصبي والذي قد يسبب الشلل.

ويضاف الى ذلك ان التعامل مع المواد الكيماوية يؤدي الى نقص مناعة الجلد والاصابة بأمراض خطرة.
مصادر التلوث في طرطوس كثيرة ومتنوعة تدمر البيئة وصحة الناس، ومن ابرز المصادر ، انتشار الغبار والفوسفات بسبب عمليات التحميل والتفريغ،وقدم شبكات الصرف الصحي وعدم القدرة على استيعاب الكميات المصروفة وتلف اقسام متعددة منها، وعدم اتخاذ الاجراءات لمعالجة التلوث عند مصبات النفط وكذلك عدم معالجة الملوثات الناجمة عن مجابل الاسفلت، وايضاً مصفاة النفط في بانياس ومحطة توليد الطاقة في بانياس ومكبات القمامة ومعاصر الزيتون وعوادم السيارات ومعمل اسمنت طرطوس وغيرها الكثير!!

نعلم جميعاً ان هناك/ 350/ مصب صرف صحي تجري في السواقي والوديان والانهار وقسم منها ينصرف الى البحر، وهذا يسبب اضراراً كبيرة ويؤدي الى تلوث مصادر المياه، حيث حصلت حالات عدة من تلوث الينابيع وآبار الشرب في مناطق دريكيش والشيخ بدر. ومحافظة طرطوس كغيرها تعاني من مصادر الصرف الصناعي والصحي، وتعتبر الأكثر خطورة في المنطقة الساحلية بسبب الانتشار العشوائي للتجمعات السكانية وكثرة مصادر المياه وقرب هذه المصادر من التجمعات السكانية ووفق مصادر وزارة الاسكان هناك دراسة اقليمية شاملة للصرف الصحي في طرطوس نتج عنها دراسة/21/ محوراً تجميعياً، وتنتهي هذه المحاور بمحطات معالجة مركزية اضافة الى محطات معالجة افرادية، والعديد من محطات المعالجة في مناطق كثيرة ولكنها تحتاج الى الوقت ونأمل ألايمتد لسنوات طويلة!!
وللهواء نصيبه من التلوث فالصناعات لها الدور الاكبر في اطلاق الملوثات بفعل انبعاث الغازات الناتجة عن احتراق الفيول من المنشآت الصناعية في مدينة بانياس، وبعض المنشآت الاقتصادية كمعمل اسمنت طرطوس ودائرة تصدير الفوسفات، وهذا يؤدي الى زيادة تركيز العوالق في الهواء ومايسببه ذلك من اذيات صحية وتخريب للبيئة.
وقد أوضحت قياسات المسح المحدودة التي جرت في ست مدن سورية هي دمشق وحلب وحمص وطرطوس والسويداء ودير الزور ان متوسط التراكيز اليومية للعوالق الهوائية الكلية في تلك المدن تجاوز الحدود المسموح بها بحسب المواصفات السورية.
كان مكب القمامة لمدينة طرطوس والقرى المحيطة بها لعدة سنوات يقع في منطقة عمريت الاثرية وتم نقله الى منطقة تبعد عن المدينة حوالي 5،1 كم ريثما يجهز مكب وادي الهدة والذي يتم الحديث عنه منذ سنوات، وادى تجميع القمامة في المكب الحالي لتكديس اطنان القمامة وانبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات الضارة ، علماً ان هذا الموقع لايبعد اكثر من /100/ م عن مجرى ومسيل نهر الغمقة الذي يصب في البحر، وتعتبر هذه المشكلة مع عدم معالجة الصرف الصحي وراء انتشار داء اللاشمانيا.
ولاتقتصر مشاكل الفوسفات في مرفأ طرطوس على التلوث البيئي الذي يعاني منه العاملون ضمن المرفأ وسكان مدينة طرطوس، وانما تتعداه إلى خسائر مالية واقتصادية يتعرض لها المرفأ نتيجة لتطاير غبار الفوسفات اثناء التصدير اليومي.
امامحطة توليد بانياس فلها دور كبير في التلوث ومايصدر عنها من انبعاثات غازات الكبريت والازوت والرماد الصناعي نتيجة للكميات الكبيرة التي تحرق يومياً من الفيول.
وللكسارات والمقالع اضرارها في محافظة طرطوس ومعظمها قديم وتتبع للقطاعين العام والخاص، ولاتوجد طريقة علمية للسيطرة على الغبار المتصاعد نتيجة اعمال الطحن والتفجير، كما أنها تؤثر في القرى المجاورة والمناطق الزراعية ولاحل الا بإغلاقها.
والتلوث الناجم عن مصفاة بانياس يؤدي الى انتشار اكاسيد الازوت والكبريت وهباب الفحم الى القرى والتجمعات السكنية المجاورة للمصفاة والحل باستبدال التشغيل على مادة الفيول بالطاقة النظيفة وهي الغاز كما تقدر الملوثات الصناعية الناتجة عن عمليات تكرير النفط في المصفاة بحوالي /10/ الاف م3يومياً، تذهب مباشرة الى البيئة البحرية ودون معالجة حقيقية والحل هو اعادة تأهيل الحوض البيولوجي لمعالجة هذه المنصرفات الصناعية ومعمل اسمنت طرطوس كارثة حقيقية بمايسببه من اغتيال للبيئة ولصحة الانسان، وطبعاً لاننسى الصيد الجائر للاسماك وللثروة الحيوانية!!
ماذا بقي منك ياطرطوس لم تلوثه الغازات السامة؟ وكم هي الامراض التي انتشرت بين سكانك؟ وماذا فعلوا بترابك وهوائك ومائك وبحرك؟ فهل هناك مَنْ يكترث لحالك ومصائبك؟!!
سناء يعقوب
المصدر: تشرين
---------------------------------------------------
-1-
حزب متجدّد.. وقيم متجدّدة وجديدة
يهدف حزب الشعب الديمقراطي السوري إلى الإسهام في إعادة بناء مجتمعنا بصورة يكون قادراً معها على إنتاج وتكريس نظام سياسي مؤسس على المبادئ الديمقراطية، وعلى مساواة الإنسان مع أخيه الإنسان في قيمته وجوهره. يقوم هذا المجتمع على تضامن أناسٍ أحرار ومتساوين، لكلّ فردٍ منهم أن يتطوّر بحرية، ويتحكّم بحياته ويؤثّر في مجتمعه. هذه الحرية هي في الوقت نفسه: تحرر من الاضطهاد والقمع والجوع والجهل والخوف من المستقبل، وحريّة المشاركة والقرار والمساءلة مع الآخرين، والتطوّر الفردي والعيش في مجتمع آمن، واختيار مسار الحياة والمستقبل.
تبدأ السلطة من أولئك الذين يكوّنون المجتمع. وليس للمصالح الاقتصادية أن تضع حدوداً للديمقراطية، في حين أن على الديمقراطية أن تضع حدوداً للاقتصاد ولمفاعيل السوق.
يعمل حزبنا من أجل نظام اقتصادي يستطيع فيه كلّ مواطن، منتجاً أو مستهلكا،عاملاً بأجر أو مالكاً أو مستثمراً، أن يؤثّر في اتّجاهات الاقتصاد وإعادة توزيع الثروة بشكل دائم وعادل، وتوفير فرص العمل وتنظيم شروطه بالوسائل السلمية والشرعية وفي إطار القانون. ويعملون أيضاً على نبذ التعصّب الحزبي وضيق الأفق السياسي والتناحر، في سعيهم من أجل مجتمع خالٍ من التمييز على أساس الثروة أو الانتماء الحزبي أو الدين أو الطائفة أو الجنس أو القومية، مجتمع يضمن مكاناً للجميع، بالحقوق نفسها والقيمة نفسها، يستطيع أبناؤنا فيه أن ينموا ويتشرّبوا قيم النزاهة والحرية واستقلال الشخصية والكرامة القائمة على حقوق المواطنة وواجباتها.
ويؤكد حزبنا انحيازه إلى جانب العمّال والفلاحين وإلى مصالح الفقراء والمهمشين، وإلى عالم المعرفة والثقافة والانفتاح والالتزام والإبداع، وإلى قيم العمل، وهم يتطلّعون إلى المستقبل بعزيمة وتفاؤل، وبتمسّك نهائي بقيم الحرية والمساواة، والتضامن والعدالة.
-2-
الانتقال والتحوّل.. نحو الديمقراطية والتقدّم.
من أجل إنهاء الاستبداد والانتقال بالبلاد إلى وضع جديد، لا بدّ من تحقيق وحدة القوى الديمقراطية، أو وحدة المعارضة، على خط واضح لا لبس فيه، وبرنامج للتحرّك من أجل تحقيق التغيير، مع نبذ العنف في ممارسة العمل السياسي، والعمل على منعه وتجنّبه بأيّ شكل، ومن أيّ طرفٍ كان.
وفي المرحلة الحالية، لا بدّ من تشجيع أيّة مبادرة للعودة بالمجتمع إلى السياسة، وبالناس إلى الاهتمام بالشأن العام، وتنشيط المجتمع المدني. إن تشكيل اللجان والمجالس والهيئات المختلفة، محلّياً وعلى مستوى البلاد، هو ظاهرة لا بدّ من ملاقاتها ومساعدتها، حتى ولو بدت متعارضة إلى هذا الحدّ أو ذاك مع بعض خطنا ورؤيتنا بتفاصيلها. مثل هذا النشاط والحراك، هو الأساس الذي يمكن أن يؤسس لمؤتمر وطني ويجعله ناجحاً، وذا صفة تمثيلية، وقادراً على تحقيق مهمته، وتحسين شروط المستقبل في جميع الأحوال.
إن إنهاء الاستبداد والانتقال إلى الديمقراطية مهمة أولى، بل تكاد تكون المحور الذي يتأسس عليه جدول العمل الراهن طالما هي قائمة وراهنة. من الضرورة بمكان أن تكون هذه العملية سلمية ومتدرجة ومبنية على التوافق، قائمة على مبادئ الحوار والاعتراف المتبادل والتطلع إلى المستقبل لتحقيق دولة الحق والقانون، دولة المواطنة والديمقراطية.
لقد أصبح واضحاً ومتعارفاً عليه أن المرحلة الانتقالية لا بدّ أن تمر عبر الإجراءات التالية:
1- إنهاء حالة الطوارئ ووقف العمل بالأحكام العرفية وإلغاء كل ما ترتب عليها وبني في ظلها من إجراءات وقوانين ومحاكم استثنائية.
2- إطلاق معتقلي الرأي والسجناء السياسيين جميعاًً، وطي ملف الاعتقال السياسي.
3- عودة جميع المنفيين طوعاً أو كرهاً إلى البلاد بضمانات قانونية، وتقديم كل التسهيلات لعودة كريمة وآمنة، وإلغاء إجراءات منع المغادرة لأسباب سياسية.
4- الكشف عن المفقودين وتعويض ذويهم.
5- رد المظالم إلى أهلها، وإعادة الاعتبار والحقوق المستلبة نتيجة تصرفات أجهزة الأمن وتسلط أصحاب النفوذ وأحكام المحاكم الاستثنائية.
6- إعادة هيكلة أجهزة الأمن ووضعها في الإطار القانوني وبما يتناسب مع دخول البلاد الحياة الديمقراطية السليمة، وتطهيرها من المجرمين الفاسدين، واستصدار قوانين صريحة بمنع التعذيب وكل أشكال الإكراه المادي والمعنوي، ومعاقبة مرتكبيه والآمرين به وفق القانون.
7- إطلاق الحريات العامة في المجتمع بما فيها حرية المعتقد والرأي والتعبير، وحرية التظاهر والإضراب، وحرية التجمع، وحرية النشر ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية.
8- إصدار قانون عصري ينظم عمل الأحزاب والجمعيات، بشكل يضمن حرية التأسيس والعمل العلني.
9- ضمان حرية العمل النقابي والمهني واستقلاله عن حزب البعث والسلطة وأجهزتها كافة، وبصورة خاصة الأمنية منها.
10- إنهاء كل أشكال التمييز القومي والحزبي والفئوي والطائفي، وإلغاء احتكار السلطة والعمل السياسي بإلغاء المادة الثامنة من الدستور، التي جعلت من حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع.
11- استعادة أصحاب الحقوق من الأقليات القومية لحقوقهم في مسائل الجنسية وتعلّم اللغة القومية، وفي التعبير عن ثقافتهم و تأسيس مدارسهم ومؤسساتهم الثقافية الخاصة.
12- الشروع في حوار وطني شامل ومتكافئ، يبحث في آليات وبرنامج الانتقال إلى الديمقراطية والعودة إلى سيادة الشعب وتداول السلطة.
وضع تقرير الحريات الصحفية الصادر عن الاتحاد العام للصحفيين العرب مؤخرا سورية من بين الدول العربية الثلاث الاولى فى احترام حرية لصحافة وافساح الحرية للصحفيين وتقديم الخدمات لهم . واعتمد التقرير فى تقييمه على مؤشرات حرية الصحافة والتى تتمثل بمدى تعرض الصحف للاغلاق التام او المؤقت او مصادرة وثائق او ادوات اعلامية او تدخل المالك فى عمل الصحف او الدولة فى المضمون الاعلامى او الضغط على الصحف من اجل كشف مصادر معلوماتها او مصادرة الصحف بعد طباعتها . وبين التقرير انه لم يسجل فى سورية اى انتهاكات فى اى من هذه المؤشرات. وقررت قيادة اتحاد الصحفيين العرب نشر تقرير كل عام فى يوم عيد الصحافة العربية يبين حال الحريات الصحفية فى الوطن العربى . وقد اعد التقرير بناء على اجابات على استبيان وزع على صحفيين من الدول العربية اخذا فى الاعتبار نتائج قياس الحريات الصحفية .
المصدر: سانا
محمد الماغوط
أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف
ولكنني أحب الرصيف أكثر
.....
أحب النظافة والاستحمام
والعتبات الصقيلة وورق الجدران
ولكني أحب الوحول أكثر.
*****************
فأنا أسهر كثيراً يا أبي
أنا لا أنام
حياتي سواد وعبوديّة وانتظار
فأعطني طفولتي
وضحكاتي القديمة على شجرة الكرز
وصندلي المعلّق في عريشة العنب
لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري
*********
المرأة هناك
شعرها يطول كالعشب
يزهر و يتجعّد
يذوي و يصفرّ
و يرخي بذوره على الكتفين
و يسقط بين يديك كالدمع
**** *****
وطني
.......
على هذه الأرصفة الحنونة كأمي
أضع يدي وأقسم بليالي الشتاء الطويلة
سأنتزع علم بلادي عن ساريته
وأخيط له أكماماً وأزراراً
وأرتديه كالقميص
إذا لم أعرف
في أي خريف تسقط أسمالي
وإنني مع أول عاصفة تهب على الوطن
سأصعد أحد التلال
القريبة من التاريخ
وأقذف سيفي إلى قبضة طارق
ورأسي إلى صدر الخنساء
وقلمي إلى أصابع المتنبي
وأجلس عارياً كالشجرة في الشتاء
حتى أعرف متى تنبت لنا
أهداب جديدة، ودموع جديدة
في الربيع؟
وطني أيها الذئب الملوي كالشجرة إلى الوراء
إليك هذه "الصور الفوتوغرافية"
**********
لماذا تنكيس الأعلام العربية فوق الدوائر الرسمية ،
و السفارات ، و القنصليات في الخارج ، عند كل مصاب ؟
إنها دائما منكسة !
**** ****
اتفقوا على توحيد الله و تقسيم الأوطان
********
((مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير
أناشدك الله يا أبي:
دع جمع الحطب والمعلومات عني
وتعال لملم حطامي من الشوارع
قبل أن تطمرني الريح
أو يبعثرني الكنّاسون
هذا القلم سيقودني إلى حتفي
لم يترك سجناً إلا وقادني إليه
ولا رصيفاً إلا ومرغني عليه))
محمد نجاتي طيارة: حقوق الإنسان والتربية السورية،غياب أم تعارض؟
البوصلة / نشرة مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان
النداء: www.damdec.org
لطالما حفل الإعلام السوري بأخبار إصلاح التعليم والمنظومة التربوية الرسمية، ومن ذلك ما ذكر مؤخراً في جريدة تشرين (8كانون أول 2006( أن وزارة التربية السورية تقوم بإعداد مشروع متكامل لإصلاح منظومات التعليم ما قبل الجامعي، من خلال مشروعات تربوية ذات أولوية محددة يتم تنفيذها بالتعاون مع الجهات المعنية داخل القطر ومع المنظمات العربية والدولية ذات العلاقة ( اليونسكو، البنك الدولي، واليونيسيف، مؤسسة التدريب الأوروبية) ومن هذه المشاريع: مشروع إعداد وثيقة المعايير الوطنية للمناهج التربوية، وآلية إعداد وثيقتي المعايير والمؤلف، ومشروع الإعلان عن مسابقة لتأليف الكتب المدرسية، ومشروع تعميق التأهيل التربوي للمعلمين الذي بدأت الوزارة بتنفيذه منذ عامين بالتعاون مع الجامعة السورية الافتراضية والتعليم المفتوح.
إضافة إلى ذلك، ذكر أن لدى الوزارة مشاريع أخرى طموحة تشمل تطوير البرنامج التعليمي التلفزيوني إلى قناة تعليمية فضائية وتدريب الكوادر المتعلقة بها سواء في التلفزيون أو في مديريات تقنيات التعليم ،
ومنذ سنوات يلاحظ أن الوزارة مهتمة بنشر ثقافة المعلوماتية وتطوير التعليم المهني والتقني بما يخدم عوامل التنمية، وإدراج المهن المرتبطة بالمعلوماتية ضمن هذا التطوير، فضلاً عن باقي المهن الحديثة.
وحقاً، فقد سبق أن عقدت في سورية مؤتمرات عدة لتطوير التعليم الجامعي وماقبل الجامعي بمشاركة الوزارات المختصة ونقابة المعلمين وجمهرة من المختصين والباحثين، كما صدرعام 2005 التقرير الوطني للتنمية البشرية ، الذي اندرج في هذا السياق وحمل عنوان( التعليم والتنمية البشرية ، نحو كفاءة أفضل) وقد أعد ذلك التقرير بالتعاون بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وفريق من الباحثين السوريين وهيئات عليا رسمية سورية بإشراف المؤلف الرئيسي محمد جمال باروت
فإذا تأملنا مجمل هذا الاهتمام نسجل عنايته بتطوير التعليم، ومتابعته لأحدث الأفكار والنظريات التربوية، فضلاً عن تركيزه على الاهتمام بتكنولوجيا التعليم ووسائله، وهي في الحقيقة قضايا لم تغب عن العناوين المعلنة لذلك التطوير منذ عقود، بل يشهد لها أنها كانت مجارية لأحدث صيحات التحديث التربوي وتجديداته ، ذلك أن الباحثين السوريين منفتحون ومتابعون، وهم لايقلون شأنا عن غيرهم على مستوى الوطن العربي ، بل يتفوق بعضهم أو يبرزعلى مستوى المنطقة والعالم. لكن المشكلة في هذا المجال ليست في الطروحات ولا في الشعارات، فقد تعودنا كما في المجالات الأخرى كافة على جمال ونبل المذكورة، بينما لاحظنا ، لكن للأسف بعد فوات الأوات، كون تلك الشعارات الكبيرة والرفيعة تنحط وتتآكل على صعيد الممارسة ، كما حدث مع شعارات أخرى طغت على مجمل تاريخنا المعاصر.
والمشكلة لا تتعلق هنا بهذا الجانب ( الاختباري ميدانيا) فقط على أهميته ومركزيته، بل هي تتعلق بالمدخل الإنساني التربوي نفسه، وهو مدخل يتعلق بحقوق الإنسان وثقافتها، الأمرالذي لم يهتم به الفكر التربوي السوري بله العربي أصلاً، إلا في حدود هامشية، وهي حدود لم تتعد التزيين واستكمال شكلانية الحداثة في أغلب الأحوال. دليل ذلك أن التقرير الوطني المشار إليه، وهو أحدث معبّر متميز فعلاً عن تطور النظر التربوي السوري، لم يوظف معايير ثقافة حقوق الإنسان في معالجة مشكلات عمليتي التعليم والتعليم السوريان، سواء في تقويم مخرجات تلك العمليتين أو في إصلاح مدخلاتهما ، وهي الثقافة التي تجاوزت اليوم جيلها الثالث وانطلقت عام 1948 مع الإعلان العالمي.
ففيما عدا ما ورد في المقدمة، التي حملت عنوان الأبعاد والاتجاهات المعاصرة /الفصل الأول من التقرير الوطني، عن وجود مطالب جديدة على نظم التعليم والتعلم من أجل وضع تصورات وبرامج أوسع للمواطنة وللتربية على حقوق الإنسان والديمقراطية والمشاركة الاجتماعية، إلى بقية الفقرة، فقد طغت على التقرير المنظورات الحديثة المركزة على تكنولوجيا التربية والمعلومات وتقاناتهما واللغة الإحصائية ، مع اعتراف عابر حمله إطار جانبي ( 5_5) للدكتور جورج جبور عن غياب تعبير حقوق الإنسان في المناهج السورية، والمنزلة الهامشية للمفاهيم القانونية والبرلمانية في تلك المناهج، خارج كليات الحقوق بطبيعة الحال، فضلاً عن اتضاح العناية بحقوق الشعوب في مقابل حقوق الإنسان وليس بالتكامل بينهما.
أكثر من ذلك، فإن ثقافة حقوق الإنسان ليست غائبة فقط عن مجمل التعليم والتربية في سوريا، بل هي ثقافة مستبعدة، إذ تعتبر فكراً دخيلاً ومجلوبا من الغرب، وتوصم تالياً بكل ما تحفل به الثقافة (الوطنية) من آثارالتاريخ السيء الصيت للعلاقة مع هذا الغرب، على الرغم من مشاركة الحكومة السورية في المداولات المبكرة حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ثم التوقيع عليه عام صدوره، وكذلك تصديقها معظم وثائق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان الصادرة حتى تاريخه .
وفي الحقيقة، لا يرتبط الغياب المشار إليه بهذا الجانب السياسي للمسألة فقط، بل إنه يرتبط بأسباب تاريخية وبنيوية تتعلق بقاع المجتمع وعاداته ومرجعياته، والبحث الإجرائي الشامل في هذا المجال مطلوب وضروري، لكن ذلك لا يتعارض مع محاولة المقاربة الإشارية لهذه المسألة، وهي المقاربة التي نحاولها ضمن هذا الحيز المتاح حالياً.
فمعالجة مشكلات التربية والتعاليم من خلال هذا المدخل الحقوقي عليها أن تشمل جميع جوانب النظام التربوي، بدءاً من المناهج وطرق التعليم والتعلم، إلى النظام المدرسي والإدارة التربوية وإعداد المعلم وتدريبه قبل وأثناء الخدمة، مروراً بالمدخلات المادية لعمليتي التعليم والتعلم، فضلاً عن مسارات التعليم اللاصفي واللانظامي إلخ ..وهي جوانب احتفت بها باستمرار خطابات التربية السورية. لكن النظرة الميدانية المتفحصة إلى الكتاب والمدرسة والمعلم خارج الخطاب الرسمي وفي مسار الحياة اليومية سرعان ما تؤكد ما قلناه عن غياب مدخل حقوق الإنسان عنها، بل حتى تعارضه معها أيضاَ.
فما زالت (ماما تطبخ وبابا يقرأ ) في كتب الصف الأول الابتدائي، حيث يستقر في ذهن الطفل ذلك المنظور الذكوري عن تقسيم العمل، ويعزز ما يعيشه غالباً من وقائع تمييزية بين المرأة والرجل.
أما التعليم الحفظي والتلقيني، الذي لا تنكرسيطرته المصادروالمنظورات الرسمية ، فهو عدا عن فقرمخرجاته، الذي تنتقده تلك المنظورات ، فإنه يحول المتعلم الإنسان إلى آلة تكرارية مملة ويستعبد روحه وضميره، مقصياً إمكانياته على البحث والإبداع، الأمر الذي لا يتوفر إلا في مناخ يشجع الحرية والتفاعل النشط، وهذا ما لا تسمح به الظروف الكمية والإدارية للعملية التربوية في معظم المدارس السورية، بغض النظرعن الاستثناءات ورغبات بعض المعلمين .
وإذا توقفنا عند مثال مادة التربية القومية الاشتراكية نجد أنها المادة التعليمية الأكثر مجافاة لثقافة حقوق الإنسان، ذلك أنها تحول النصوص الإيديولوجية والدعائية للحزب القائد إلى قوانين لازبة، على المتعلمين حفظها وتردادها غيباً، لا خوفاً ورهبة فقط ، بل طمعاً وقناعة في استخدامها كوسيلة نفعية للتقرب والتوسط ( من الواسطة : التعبير الأكثر شيوعاً في مناخ الفساد السوري)على كل مستويات الحياة اليومية، وصولا إلى احتسابها، كأي مادة علمية وثقافية أخرى، ضمن مجموع الدرجات العام، والذي يشكل المفتاح السحري اللازم لدخول الجامعة، على الرغم من التعارض الفاضح والجلي بين معظم الشعارات التي تمتلئ بها صفحات كتب هذه المادة والواقع السياسي المعاش، فضلاً عن تعارض تبريراتها للحزب القائد ونظام طوارئه المخلد مع أبسط مبادىء حقوق الإنسان في المساواة والحرية .
وإذا زعمنا، أن الغوص في الوقائع سيكشف عن مزيد من العتمة في هذه العلاقة بين التربية السورية وحقوق الإنسان، فنحن نعتقد أن هذا الغوص ضروري ، من أجل أن نرى شعاعا من الضوء في آخر النفق، وهو نفق لا شك أن ثقافة حقوق الإنسان أصبحت ركنا أساسيا من أركان شقه على طريق تربية وتعليم يعملان على تنمية وتوسيع خيارات المواطن والإنسان، وذلك ما يستحقه الاسم النبيل للتربية .