
مصادر سورية تحذر من التدهور المعيشي وتصفه بالكارثي - 07/07/2007
حذّرت مصادر حقوقية سورية من التدهور المعيشي في سورية ووصفته بـ "المرعب"، وقالت إن هذا التدهور سيؤدي إلى "محو الطبقة الوسطى" في البلاد، وشددت على ضرورة "حصول كل مواطن سوري على حصته من اقتصاد بلده". وأشارت منظمة حقوق الإنسان في سورية (ماف)، إلى أن الغلاء الفاحش طال الموظفين والفلاحين، وصغار المهنيين والحرفيين (الطبقة الوسطى)، إلى درجة وجود جوع حقيقي في شرائح واسعة من المجتمع، ما أدى برأيها إلى "انتشار التردّي الأخلاقي، وضروب الانحلال، وأعمال السرقة وغير ذلك". وناشدت الجهات المعنية العليا في الدولة "الحفاظ على كرامة المواطن، من خلال تأمين أمور المواطنين المعيشية والاقتصادية"، كذلك "القضاء على البطالة"، و"توزيع مخصّصات شهرية" للأسر الأكثر فقراً، و"إجراء إحصاءات سريعة لمعرفة أعداد المعوزين"، و"ضبط أسعار المواد التموينية، ومعاقبة التجار الجشعين، وكردياً "تنشيط الحياة الاقتصادية في المناطق الكردية"، وأخيراً "السماح لفلاحي منطقة الجزيرة بزراعة الخضار، بعد أن تم منعها". ونبّهت من وصول الأمور إلى حد "كارثي، لا يمكن السكوت عنه"، ورفضت معالجة الأحوال الاقتصادية بـ "الوصفات الخلبية الخادعة كما يتم حتى الآن". وفي هذا الصدد تقول مصادر حكومية سورية إن قراراً برفع الدعم الحكومي على المحروقات سيصدر قريباً، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير جداً على المستوى المعيشي للشريحة العظمى من السوريين، خاصة وأن زيادة البنزين ستكون على الأقل بزيادة 100% عن سعره الحالي. وكانت البلاد شهدت خلال السنوات الأربعة الماضية طفرات كبيرة في زيادة الأسعار، بحيث قاربت برأي المراقبين أسعار دول الجوار (لبنان والأردن)، فيما دخل المواطن السوري لا يتجاوز بأحسن حال 40% من رواتب دول الجوار. ويبلغ متوسط دخل الفرد في سورية نحو 2200 دولار سنوياً، فيما يبلغ في لبنان أكثر من 6000 وفي الأردن أكثر من 7000. ويرى السوريين أن الحكومة السورية تناقض نفسها، ففي الوقت الذي تقول فيه أنها لن ترفع الدعم وتنتهج اقتصاد السوق (الاجتماعي)، الذي يضمن توزيع موارد البلاد على المواطنين، تقوم برفع الدعم خلسة، وفرض ضرائب كبيرة ومتعددة على المواطنين أصبحت وفقاً لمصادر رسمية، 27 ضريبة مختلفة على كل أسرة، كما تقوم بتحرير أسعار العديد من المواد الأساسية
آكي
-------------------------------------------------------
ساعات تقنين مياه الشرب مرشحة للارتفاع
- 07/07/2007
أبشروا ..أيام العطش القاسية لم تأت بعد !
بقلم مروان دراج
انقطاعات مياه الشرب وبرامج التقنين التي تشهدها مدينة دمشق وريفها وسواها من المحافظات مازالت وإلى الآن مقبولة ومرضية نسبياً قياساً ببرامج التقنين التي أخذت بها مؤسسة مياه الشرب في السنوات الأخيرة من تسعينات القرن الماضي ..ولأن مؤشرات الأسبوعين الماضيين تقول أننا أمام فصل صيف غائظ، فإن أشد مايخشاه البعض أن تشهد برامج التقنين في الشهرين الحالي والمقبل انقطاعات قد تصل في حدودها إلى أكثر من (17) ساعة يومياً وقد تستمر الإنقطاعات في بعض مناطق ريف دمشق لأيام متتالية ..ومثل هذا التحسب بات أكثر من مشروع بعد أن بدأت تصدر تصريحات رسمية تشير إلى مثل هذه الحقيقة وإنما بشيء من الخجل .
ألف باء الشفافية تشير وبصراحة أن المسؤولية في برامج التقنين وانقطاعات مياه الشرب لاتقع على عاتق مؤسسة مياه الشرب مثلما تعتقد الغالبية من الناس، وإنما المشكلة ومن ألفها إلى يائها منوطة بالعجز المائي الذي تواجهه اليوم أغلب محافظات القطر بسبب تراجع معدلات الهطل المطري ..والمشكلة الثانية التي لايمكن فصلها عن الأولى تنحصر ومنذ عقود من الزمن في قصور الخطط والبرامج الرسمية في استثمار الكميات المتاحة من المياه إلى جانب استمرار تبديد وهدر المياه وتعاظم كميات الفاقد الناجمة عن اهتلاك بعض الشبكات وعدم تجديدها أو صيانتها بين الحين والآخر .
المنظمة العربية للزراعة والتي ترصد واقع الهطل المطري في البلدان العربية مازالت تشير في تقاريرها إلى أن موقع سورية المائي هو على قائمة المناطق الجافة أو شبه الجافة .
وهذا الأمر ظهر بشكل واضح منذ سنوات من خلال الكثير من المؤشرات التي لم تعهدها المحافظات السورية من قبل، فنهر بردى الذي كان يفيض سنوياً ويغرق شوارع دمشق بدا جافاً إلى الحد الذي شجع محافظة دمشق على رصف مجراه بالإسمنت منعاً من التلوث وتحوله إلى بؤرة من الذباب والحشرات، كذلك تدفق مياه نبع الفيجة تراجع بنسب مرتفعة جداً قياساً بكميات التدفق في سنوات ماضية ..وبداهة نأتي على ذكر هذه الأمثلة كونها كانت تمثل في زمن مضى معياراً لقياس كميات المياه المتاحة في مدينة دمشق وريفها ولأن الواقع الحالي لايبعث على الإطمئنان فإن الترشيد وبمعناه الحقيقي يجب أن يكون وفي الوقت الحاضر شعاراً وطنياً تحسباً من الوصول إلى ظروف مائية يتعذر معها التكيف حتى مع برامج التقنين الحالية أو المستقبلية وما يدفع إلى قول هذا الكلام بعض الأرقام الرسمية التي أشارت إلى أن مدينة دمشق بحاجة إلى استهلاك يومي نحو (675) ألف م۳ بينما المتوفر من المصادر يصل إلى نحو (470) ألف م۳ أي أن النقص يصل إلى نحو (205) آلاف م۳ وفي حال الأخذ بعين الإعتبار أن التقنين ولمدة (15) ساعة يومياً يوفر ما مقداره (150) ألف فذلك يعني أن هناك كمية أخرى من النقص تقدر بنحو (55) ألف م۳ وهذه الأخيرة تستوجب زيادة ساعات التقنين من (15) ساعة يومياً إلى 18 ساعة على أقل تقدير، وبالمناسبة فإن بعض الجهات الرسمية تؤكد بأن هذا الواقع سيبقى مقبولاً لأن عام العطش الحقيقي سيتمثل في العام 2010 في حال بقيت المصادر المائية على حالها ولم تتمكن وزارة الري من تنفيذ مشروعاتها الموعودة والممثل بعضها بجر مياه الساحل.
هذا الواقع لمياه الشرب في مدينة دمشق وريفها يعني أن تراكماً كبيراً من النقص مازالت تعانيه الآبار الجوفية وبالتالي فبرامج التقنين من الخطأ أن تتوقف انطلاقاً من كون الهطل المطري لم يصل بعد إلى حدود المعدلات المطلوبة ..طبعاً نحن لانشجع على استمرار مثل هذه البرامج وإنما نقول يتعين أن تكون هناك دراسات مائية جادة تأخذ بعين الإعتبار الكميات الكبيرة التي مازالت تغيب عن المياه الجوفية وأيضاُ التنبه إلى مجموعة من العوامل الأخرى مثل ضرورة تحقيق برامج عادلة وموضوعية في التقنين، ففي السنوات الماضية كانت هناك ملاحظات واضحة للكثيرين وتتمثل في حضور برامج التقنين في مناطق وغيابها في مناطق أخرى من مدينة دمشق بل الأكثر من ذلك انقطاع المياه لمدة زمنية قد تصل إلى أسبوع أو أكثر في بعض الأحياء مقابل انقطاعها لمدة زمنية لاتزيد عن الساعتين يومياً في بعض المناطق السكنية وتحديداً الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمدينة دمشق .
وإذا كنا نؤكد مشروعية وضرورة حضور برامج التقنين من جانب المؤسسة العامة لمياه الشرب فإنه وبالمقابل هذه الأخيرة مطالبة وأكثر من أي وقت مضى في العمل على صيانة الشبكات فبعض الدراسات كانت وعلى مدار السنوات الماضية أنه وتعرض الشبكات للاهتلاك فإن كميات الفاقد من مياه الشرب لم تنحسر أو تتراجع إلى الحدود المقبولة أو المرضية فرغم أن المؤسسة تعترف في الوقت الحاضر أن كميات الفاقد تنوس بين (20إلى 25) بالمئة بعد أن كانت تصل في العقد الأخير من القرن الماضي إلى نحو (35) بالمئة ..رغم ذلك فإن النسبة المحققة حالياً تبقى مرتفعة قياساً بالمعمول به من جانب منظمات المياه العربية والعالمية ..بمعنى أو بآخر أين هي الفائدة من تحديد برامج قاسية وصارمة في التقنين في الوقت الذي يتم فيه تبديد كميات كبيرة وعملاقة خارجة بالأساس عن إدارة المستهلك ؟
---------------------------------------------
حذّرت مصادر حقوقية سورية من التدهور المعيشي في سورية ووصفته بـ "المرعب"، وقالت إن هذا التدهور سيؤدي إلى "محو الطبقة الوسطى" في البلاد، وشددت على ضرورة "حصول كل مواطن سوري على حصته من اقتصاد بلده". وأشارت منظمة حقوق الإنسان في سورية (ماف)، إلى أن الغلاء الفاحش طال الموظفين والفلاحين، وصغار المهنيين والحرفيين (الطبقة الوسطى)، إلى درجة وجود جوع حقيقي في شرائح واسعة من المجتمع، ما أدى برأيها إلى "انتشار التردّي الأخلاقي، وضروب الانحلال، وأعمال السرقة وغير ذلك". وناشدت الجهات المعنية العليا في الدولة "الحفاظ على كرامة المواطن، من خلال تأمين أمور المواطنين المعيشية والاقتصادية"، كذلك "القضاء على البطالة"، و"توزيع مخصّصات شهرية" للأسر الأكثر فقراً، و"إجراء إحصاءات سريعة لمعرفة أعداد المعوزين"، و"ضبط أسعار المواد التموينية، ومعاقبة التجار الجشعين، وكردياً "تنشيط الحياة الاقتصادية في المناطق الكردية"، وأخيراً "السماح لفلاحي منطقة الجزيرة بزراعة الخضار، بعد أن تم منعها". ونبّهت من وصول الأمور إلى حد "كارثي، لا يمكن السكوت عنه"، ورفضت معالجة الأحوال الاقتصادية بـ "الوصفات الخلبية الخادعة كما يتم حتى الآن". وفي هذا الصدد تقول مصادر حكومية سورية إن قراراً برفع الدعم الحكومي على المحروقات سيصدر قريباً، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير جداً على المستوى المعيشي للشريحة العظمى من السوريين، خاصة وأن زيادة البنزين ستكون على الأقل بزيادة 100% عن سعره الحالي. وكانت البلاد شهدت خلال السنوات الأربعة الماضية طفرات كبيرة في زيادة الأسعار، بحيث قاربت برأي المراقبين أسعار دول الجوار (لبنان والأردن)، فيما دخل المواطن السوري لا يتجاوز بأحسن حال 40% من رواتب دول الجوار. ويبلغ متوسط دخل الفرد في سورية نحو 2200 دولار سنوياً، فيما يبلغ في لبنان أكثر من 6000 وفي الأردن أكثر من 7000. ويرى السوريين أن الحكومة السورية تناقض نفسها، ففي الوقت الذي تقول فيه أنها لن ترفع الدعم وتنتهج اقتصاد السوق (الاجتماعي)، الذي يضمن توزيع موارد البلاد على المواطنين، تقوم برفع الدعم خلسة، وفرض ضرائب كبيرة ومتعددة على المواطنين أصبحت وفقاً لمصادر رسمية، 27 ضريبة مختلفة على كل أسرة، كما تقوم بتحرير أسعار العديد من المواد الأساسية
آكي
-------------------------------------------------------

- 07/07/2007
أبشروا ..أيام العطش القاسية لم تأت بعد !
بقلم مروان دراج
انقطاعات مياه الشرب وبرامج التقنين التي تشهدها مدينة دمشق وريفها وسواها من المحافظات مازالت وإلى الآن مقبولة ومرضية نسبياً قياساً ببرامج التقنين التي أخذت بها مؤسسة مياه الشرب في السنوات الأخيرة من تسعينات القرن الماضي ..ولأن مؤشرات الأسبوعين الماضيين تقول أننا أمام فصل صيف غائظ، فإن أشد مايخشاه البعض أن تشهد برامج التقنين في الشهرين الحالي والمقبل انقطاعات قد تصل في حدودها إلى أكثر من (17) ساعة يومياً وقد تستمر الإنقطاعات في بعض مناطق ريف دمشق لأيام متتالية ..ومثل هذا التحسب بات أكثر من مشروع بعد أن بدأت تصدر تصريحات رسمية تشير إلى مثل هذه الحقيقة وإنما بشيء من الخجل .
ألف باء الشفافية تشير وبصراحة أن المسؤولية في برامج التقنين وانقطاعات مياه الشرب لاتقع على عاتق مؤسسة مياه الشرب مثلما تعتقد الغالبية من الناس، وإنما المشكلة ومن ألفها إلى يائها منوطة بالعجز المائي الذي تواجهه اليوم أغلب محافظات القطر بسبب تراجع معدلات الهطل المطري ..والمشكلة الثانية التي لايمكن فصلها عن الأولى تنحصر ومنذ عقود من الزمن في قصور الخطط والبرامج الرسمية في استثمار الكميات المتاحة من المياه إلى جانب استمرار تبديد وهدر المياه وتعاظم كميات الفاقد الناجمة عن اهتلاك بعض الشبكات وعدم تجديدها أو صيانتها بين الحين والآخر .
المنظمة العربية للزراعة والتي ترصد واقع الهطل المطري في البلدان العربية مازالت تشير في تقاريرها إلى أن موقع سورية المائي هو على قائمة المناطق الجافة أو شبه الجافة .
وهذا الأمر ظهر بشكل واضح منذ سنوات من خلال الكثير من المؤشرات التي لم تعهدها المحافظات السورية من قبل، فنهر بردى الذي كان يفيض سنوياً ويغرق شوارع دمشق بدا جافاً إلى الحد الذي شجع محافظة دمشق على رصف مجراه بالإسمنت منعاً من التلوث وتحوله إلى بؤرة من الذباب والحشرات، كذلك تدفق مياه نبع الفيجة تراجع بنسب مرتفعة جداً قياساً بكميات التدفق في سنوات ماضية ..وبداهة نأتي على ذكر هذه الأمثلة كونها كانت تمثل في زمن مضى معياراً لقياس كميات المياه المتاحة في مدينة دمشق وريفها ولأن الواقع الحالي لايبعث على الإطمئنان فإن الترشيد وبمعناه الحقيقي يجب أن يكون وفي الوقت الحاضر شعاراً وطنياً تحسباً من الوصول إلى ظروف مائية يتعذر معها التكيف حتى مع برامج التقنين الحالية أو المستقبلية وما يدفع إلى قول هذا الكلام بعض الأرقام الرسمية التي أشارت إلى أن مدينة دمشق بحاجة إلى استهلاك يومي نحو (675) ألف م۳ بينما المتوفر من المصادر يصل إلى نحو (470) ألف م۳ أي أن النقص يصل إلى نحو (205) آلاف م۳ وفي حال الأخذ بعين الإعتبار أن التقنين ولمدة (15) ساعة يومياً يوفر ما مقداره (150) ألف فذلك يعني أن هناك كمية أخرى من النقص تقدر بنحو (55) ألف م۳ وهذه الأخيرة تستوجب زيادة ساعات التقنين من (15) ساعة يومياً إلى 18 ساعة على أقل تقدير، وبالمناسبة فإن بعض الجهات الرسمية تؤكد بأن هذا الواقع سيبقى مقبولاً لأن عام العطش الحقيقي سيتمثل في العام 2010 في حال بقيت المصادر المائية على حالها ولم تتمكن وزارة الري من تنفيذ مشروعاتها الموعودة والممثل بعضها بجر مياه الساحل.
هذا الواقع لمياه الشرب في مدينة دمشق وريفها يعني أن تراكماً كبيراً من النقص مازالت تعانيه الآبار الجوفية وبالتالي فبرامج التقنين من الخطأ أن تتوقف انطلاقاً من كون الهطل المطري لم يصل بعد إلى حدود المعدلات المطلوبة ..طبعاً نحن لانشجع على استمرار مثل هذه البرامج وإنما نقول يتعين أن تكون هناك دراسات مائية جادة تأخذ بعين الإعتبار الكميات الكبيرة التي مازالت تغيب عن المياه الجوفية وأيضاُ التنبه إلى مجموعة من العوامل الأخرى مثل ضرورة تحقيق برامج عادلة وموضوعية في التقنين، ففي السنوات الماضية كانت هناك ملاحظات واضحة للكثيرين وتتمثل في حضور برامج التقنين في مناطق وغيابها في مناطق أخرى من مدينة دمشق بل الأكثر من ذلك انقطاع المياه لمدة زمنية قد تصل إلى أسبوع أو أكثر في بعض الأحياء مقابل انقطاعها لمدة زمنية لاتزيد عن الساعتين يومياً في بعض المناطق السكنية وتحديداً الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمدينة دمشق .
وإذا كنا نؤكد مشروعية وضرورة حضور برامج التقنين من جانب المؤسسة العامة لمياه الشرب فإنه وبالمقابل هذه الأخيرة مطالبة وأكثر من أي وقت مضى في العمل على صيانة الشبكات فبعض الدراسات كانت وعلى مدار السنوات الماضية أنه وتعرض الشبكات للاهتلاك فإن كميات الفاقد من مياه الشرب لم تنحسر أو تتراجع إلى الحدود المقبولة أو المرضية فرغم أن المؤسسة تعترف في الوقت الحاضر أن كميات الفاقد تنوس بين (20إلى 25) بالمئة بعد أن كانت تصل في العقد الأخير من القرن الماضي إلى نحو (35) بالمئة ..رغم ذلك فإن النسبة المحققة حالياً تبقى مرتفعة قياساً بالمعمول به من جانب منظمات المياه العربية والعالمية ..بمعنى أو بآخر أين هي الفائدة من تحديد برامج قاسية وصارمة في التقنين في الوقت الذي يتم فيه تبديد كميات كبيرة وعملاقة خارجة بالأساس عن إدارة المستهلك ؟
---------------------------------------------
يبدو أن الهروب إلى التشدد سيكون سياسة النظام السوري في الحقبة القادمة. فما هي ممكنات التشدد المحتملة في الشرط الدولي والمحلي الراهن؟
ثمة نمطان ممكنان من السياسات المتشددة:
نمط أول، تكتيكي، قريب ومتوسط الأمد، داخلي المنطلق، يضع الدولة والمجتمع تحت حكم الأجهزة الأمنية، ويوكل أمرهما إلى الأوساط الأكثر محافظة في السلطة، فيشحن علاقاتها مع الداخل الوطني بتوترات تجعلها حقل صراع، بدل أن يطبّعها، في حقبة خطيرة تعزل النظام دوليا وتبلبله داخليا، هي الفترة الأقل ملاءمة لعقد صفقة استراتيجية مع أمريكا و”إسرائيل”، لأسباب منها أن الصفقة لن تكون من صنع السلطة، بل سيمليها ظرف انتقالي يصنعه “الأعداء”، من الصعب على دمشق التكيف معه والانضواء فيه، بسبب افتقارها إلى الوسائل الضرورية لذلك. والغريب أن النظام لم يفكر في مواجهة هذا الظرف عبر إجراء تحولات هيكلية في أبنيته، تعزز مناعته الوطنية، بل عمل على تحقيق مستلزمات الصفقة - الوهمية حتى الآن - عبر تشديد قبضته الأمنية في الداخل، كأن الشعب هو العدو الذي يحل قهره مشاكل النظام، أو كأن التشدد ضده يقنع الخارج بعدم وجود بديل له!
في هذا الخيار الداخلي المنطلق، ليس التشدد موجها ضد أمريكا، كما يوحي ظاهر الأمور، بل هو موجه ضد الداخل، لذلك يعبر عن نفسه في تدابير أمنية استباقية تعتقد السلطة أنها كفيلة بالحيلولة دون وقوع تطورات مباغتة قد تترتب على نتائج تقرير ميليس أو وقوع تغيير يخدم أمريكا في العراق من شأنه هز النظام أو تقويض استقراره. ومع أن أحدا لا يضمن أن ينتهي التشدد الداخلي إلى تفاهم مع الخارج، فإن السلطة تصر عليه كنهج، ربما لأنها لا تعرف طريقة أخرى تواجه بها أزمتها، في ظل تقلص دورها الإقليمي، وتغير وظائفها الخارجية وضعفها تجاه المستجدات الدولية. ترد السلطة على التحدي الخارجي في الداخل عبر التذكير بميزان قوى تحرسه أجهزة قمع كبيرة، مع أن سلوكها يبطل ما كانت القيادة الجديدة تتباهى به من إطلاق للحريات العامة، ويخضع المواطنين لقدر من الردع يخرجهم من علاقة يريد التشدد لها أن تكون ثنائية: حدها الأول أمريكا، والثاني النظام الأمني، الذي بلغ حدا من البلبلة جعله يحول معركته مع الخارج إلى معركة داخلية أيضا.
احتمال ثان استراتيجي، خارجي المدخل، يأخذ شكل توجه عام يراد به توحيد السلطة وتعزيزها في مواجهة الآخر، أينما كان. في هذا الاحتمال، لا تكون زيارة بشار الأسد إلى إيران مجرد خطوة أرادت تنشيط غطاء خارجي صديق يمكن أن يقوي النظام تجاه تطورات إقليمية مهددة، بل هي كذلك تذكير للعالم بوجود خارج تستطيع السلطة الاستقواء به، يؤكد دوره أن دمشق ليست معزولة أو مكشوفة إقليميا ودوليا، وأنها جزء من تكوين إقليمي بوسعه خوض مواجهات محسوبة، خاصة في العراق، حيث أمريكا في مأزق جدي، فلا خوف إن شاركت سوريا في محاصرتها وخنقها، ما دامت هزيمتها ممكنة، وما دام وقوعها سيقلب المعادلات الراهنة وسيمثل انتصارا حاسما للحلف السوري / الإيراني. في هذا الاحتمال، الاستراتيجي، ليس من مصلحة سوريا ترك أمريكا تفلت من الفخ العراقي، مهما كان الثمن الذي يتطلبه إبقاؤها فيه، ولا يجوز لقيادتها تجاهل نتائج انتصارها المحتمل على الواقع الدولي والإقليمي، وموقعها من نظم وبلدان وثروات المنطقة، وعلى مكانتها في نظام عالمي جديد سيكون للعروبة والإسلام - دمشق وطهران -، دور كبير في امتداده الآسيوي والأوروبي، قيامه أعظم حدث في تاريخ العالم منذ انتهاء العصر الوسيط.يعتمد الاحتمالان على فرضيات منها ان سوريا وإيران في وضع يمكنهما من رسم وتنفيذ استراتيجيات وتكتيكات هجومية ضد أمريكا مدعومة أوروبيا، وأن واشنطن ستسمح لهما بإلحاق هزيمة بها في العراق، ستقضي على نظامها العالمي الجديد وستضعفها كثيرا كقوة عظمى وحيدة، وستجعل إمبراطوريتها أقصر إمبراطوريات التاريخ عمرا. ومنها أن التشدد الأمني، الذي ضبط طيلة نيف وثلاثين عاما الوضع السوري - والإيراني يصلح لحسم صراعات دولية تتعين بعلاقات قوة تتجاوز كثيرا قوة أية سلطة أو دولة محلية، مهما بلغ تفردها بأوضاع بلدها الداخلية وأحكمت قبضتها على مواطنيها. ومنها أنه يمكن قهر قوة عظمى بالأدوات والوسائل التي تعتمد لإركاع شعب فقير ومجتمع ضعيف، وأن تشدد الضعفاء يستطيع حل مشكلاتهم، مع أنه ليس غير هروب إلى الأمام يمليه عجزهم عن حل أزمات بلدانهم الداخلية والخارجية، وضعف نظمهم، الذي يراكم ويفاقم مشكلاتها ويؤدي إلى تقويض قدرتها على ممارسة سياسة مواجهة تستطيع كبح خارج متفوق وعدواني، ومنها، أخيرا، أن سياسة حافة الهاوية ليست، في نهاية المطاف، غير الخطأ الأخير، الذي يبين كم يفتقر الضعفاء إلى معرفة العالم وأوطانهم، وكم يبتعد بهم التشدد عن السياسات الصائبة
------------------------------------------------------