Sonntag, 24. Juni 2007

حمص بؤرة للتلوث البيئي .. شركة الأسمدة تعترف بالانبعاثات وتشير الى جهات أخرى ملوثة!! .. المحافظ يطلب ايقاف المعمل والشركة ترد ليس من صلاحيتنا

حمص بؤرة للتلوث البيئي .. شركة الأسمدة تعترف بالانبعاثات وتشير الى جهات أخرى ملوثة!! .. المحافظ يطلب ايقاف المعمل والشركة ترد ليس من صلاحيتنا
دمشق صحيفة تشرين تحقيقات الأحد 24 حزيران 2007 سناء يعقوب مياه ملوثة جرثومياً.. سموم سحب من الروائح الكريهة والغبار.. وأذيات صحية.. نشرت السرطانات وشوهت وخربت الجينات الوراثية والخلايا في الانسان...وزرعت الأمراض في الصدور.. والوزمات الرئوية وماذا بقي بعد..؟!!
حمص تئن وتشكو كثرة مصائبها.. ولم يبق إلا اعلانها منطقة منكوبة أو بؤرة للتلوث البيئي!! ‏
فعلاً ماحدث ويحدث مصيبة، محافظة بأكملها يحاصرها التلوث والمضحك المبكي ان هذا الواقع ليس وليد اليوم وانما عمره قد يصل الى ثلاثين عاماً وأكثر.. ‏
فخلال هذه السنوات بقيت مشكلة قطينة والقرى المجاورة لمعامل الأسمدة في حمص حاضرة دائماً على طاولة البحث.. وطوال هذه الأعوام شكلت لجان وصدرت قرارات وتعاميم وأجريت أبحاث ومع ذلك بقي الواقع كما هو لم يتغير بل ازداد تلوثاً.. وكأن قدر حمص أن تبقى مع التلوث ومع اجراءات تصدر ولاتنفذ!! ‏
لماذا الآن؟

لأول مرة تتناول الوسائل الاعلامية كافة قضية واحدة لأن الأمر لايمكن السكوت عليه ولأن سحب التلوث والغازات أصابت في الصميم السكان والأطفال. ‏
ولأول مرة يبادر أحد المسؤولين الى توجيه أصابع الاتهام مباشرة وتحميل المسؤولية واقتراح ايقاف معمل السوبر فوسفات الملوث والتحقيق فيما حدث بعد أن كان التطنيش سيد المواقف وهذه تحسب لمصلحة السيد المحافظ ومبادرته الفورية واستجابته لشكوى الناس. ‏
فالموضوع حالياً أصبح جدياً بالرغم من قدمه ولكن ماأثاره هو حالات التسمم والاغماء الذي أصاب سكان وأطفال قرية قطينة نتيجة تأثرهم بغازات سامة وهو ما اعترفت به ادارة الشركة واقرارها بوجود انبعاثات غازية من بعض الأقسام كقسم حمض الكبريت. ‏
وهكذا اجتماعات مستمرة... ولجان مشكلة.. وحلول مكررة.. واجراءات غائبة..!! وأهالي قطينة وغيرها من القرى المحيطة بالمعامل لم تعد هذه الاجتماعات تشفي غليلهم وتحمي صحتهم وأرواحهم ويطالبون وهذا حقهم بحلول سريعة وفورية لمشكلتهم.

ولكن الملاحظ أن معامل الأسمدة في حمص ليست وحدها الملوثة فالمشكلة أكبر من ذلك ووصلت الى المصفاة وتلويثها للهواء والتسربات الناتجة عنها من أبخرة وغازات وروائح وغبار وكذلك شركة السكر وارتفاع قيم الملوثات الصادرة عنها ولاننسى الرحبة العسكرية وماتصرفه من مياه ملوثة بالزيوت والشحوم والمركبات الكيميائية والمعادن الثقيلة وتلويثها للمياه الجوفية. ‏
وطبعاً لمعامل القطاع الخاص سواء كانت مجابل الاسفلت أو منشآت الرخام ومعاصر الزيتون دور هام في التلوث. ‏
أما المسلخ البلدي فوضعه غير سليم حيث يصب مياهه الملوثة في نهر العاصي مطلقاً الروائح ومبعثراً النفايات حول المسلخ وداخل النهر.. ولمحطة المعالجة قصص وحكايات وللأسف القائمة تطول والدراسات والأرقام تتفاوت بين جهة وأخرى.. وكذلك التحاليل البيئية وهذا مستغرب!! ‏
ولأن المسألة قديمة جديدة ولأن التلوث مستمر ولايمكن لأحد أن يضمن مايمكن أن يحدث مستقبلاً وسنعرض الواقع البيئي لحمص بداية من تقرير مديرية البيئة اضافة الى رأي الشركة العامة للأسمدة وتأكيدها أنها ليست الوحيدة المتهمة..

الشركة العامة للأسمدة
يتبع للشركة العامة للأسمدة ثلاثة معامل لانتاج الأسمدة وهي معمل سماد الكالنترو وبدأ انتاجه عام 1972 ومعمل الأمونيا وبدأ انتاجه عام 1980 ومعمل السماد الفوسفاتي بدأ انتاجه عام 1980. ‏
تناول التقرير البيئي الصادر عن مديرية بيئة حمص الملوثات الصادرة عن الشركة.. فبالنسبة لملوثات الهواء لاتتوفر لدى الشركة أية تجهيزات لقياس تلوث الهواء وعند اجراء القياسات يجب أن تراعى الظروف المناخية السائدة من سرعة رياح واتجاهها ودرجة الحرارة والرطوبة اضافة الى ظروف التشغيل الفعلي للأقسام الموجودة في معامل الشركة والتسرب من خطوط الانتاج.. أما بالنسبة لملوثات المياه فيلاحظ في أغلب الأحيان مخالفات واضحة لتراكيز الملوثات المسموح برميها الى نهر العاصي وبحيرة قطينة وخاصة المياه الملوثة الصادرة عن صناعة الأسمدة الفوسفاتية. ‏
وفيما يتعلق بوحدة معالجة مياه الصرف الصحي فهي متوقفة عن العمل منذ عدة سنوات مايؤدي الى تسرب مياه الصرف عبر الأراضي الزراعية مؤدياً الى تلوث جرثومي للمياه الجوفية. ‏
وفي مسألة التلوث الغازي هناك التلوث بالغبار الذي ينتج خلال مراحل انتاج السماد والتلوث بالأكاسيد الآزوتية وبالمركبات الفلورية. ‏
أما الآثار الصحية للغازات الملوثة على صحة الانسان ومنها الفلور وهو من أكثر التأثيرات السمية التي تظهر أذيات وتشوهات للهيكل العظمي كما تؤدي التراكيز المرتفعة من الفلور الى خلل كبير في وظائف الكلى وتهيج الجهاز التنفسي وربما الى السرطانات باعتبار أن الفلور يؤدي الى تخريب الجينات الوراثية لدى الانسان وتشويه في الخلايا ولايقتصر وصول الفلور الى الانسان عن طريق الهواء ويمكن أن يصل عن طريق غذائه بشقيه الحيواني والنباتي باعتبار أن الفلور مادة تتراكم في النبات الذي ينمو في ترب ملوثة بالفلور بالقرب من صناعة الأسمدة الفوسفاتية. ‏
ولغاز ثاني أكسيد الكبريت رائحة مميزة مزعجة مهيجة لأعضاء الجهاز التنفسي ومثيرة للسعال الحاد وخاصة عندما يزداد تركيزه ويصيب العيون بأذى شديد قد يصل حتى فقدان البصر ويحرق الجلد. ‏
ولأكاسيد النتروجين تأثيراتها على الجهاز التنفسي وقد يصبح قاتلاً للانسان والحيوان اذا أصبح تركيزه في الجو عالياً والتعرض بشكل دائم لأكاسيد النتروجين يؤدي الى أمراض صدرية خطيرة. ‏
واقع التلوث المزمن ‏
يؤكد التقرير البيئي حول واقع صرف الملوثات على بحيرة قطينة تدفق المياه الحمضية غير المعدلة في معظم الأوقات من خلال خط الصبيب الجنوبي وتشير التحاليل الى انخفاض واضح في رقم الحموضة الـ PH وارتفاع كبير في شوارد الكبريتات والفوسفات والفلور ويعود السبب الى اهتراء شبكة المياه الملوثة داخل معمل السماد الفوسفاتي وعدم اصلاحها والمضخات التي تقوم بضخ المياه الحمضية المعدلة بالكلس الى أحواض الترقيد في منطقة الوعر وضعها سيئ جداً، حيث لاتوجد في معظم الأوقات سوى مضخة واحدة من أصل ثلاث مضخات وان أي توقف لهذه المضخة عن العمل وعدم جاهزية المضخات الاحتياطية سيؤدي حتماً الى تدفق كميات كبيرة من المياه الملوثة الى بحيرة قطينة. ‏
ولعل المشكلة الكبيرة تكمن في قسم حمض الكبريت والمشكلات الفنية التي يعاني منها فتراكيز حمض الكبريت المنطلقة من هذا المعمل تصل أحياناً الى قيم عالية جداً، وفي حال كان اتجاه الهواء باتجاه قرية قطينة يكون الوضع بالنسبة للأهالي وللبيئة بمكوناتها صعباً ومرعباً، وهذا يحصل كثيراً حيث تختفي القرية وسط دخان كثيف من الملوثات. ‏
ربما هذا أهم ماجاء في التقرير البيئي عن واقع ملوثات الشركة العامة للأسمدة والأمر لايقتصر فقط هنا فالملوثات كثيرة في حمص ومنها الصادرة عن مصفاة حمص وشركة السكر وشركة الوليد للغزل والنسيج والشركة العامة لعصير العنب في زيدل ـ وشركة ألبان حمص ـ والشركة العامة للغزل والنسيج والصباغة ـ وغيرها الكثير... ‏
مصفاة حمص
باشرت الشركة العامة لمصفاة حمص عملها عام 1959 وهناك مصادر عديدة للتلوث الناجم عنها ومن مصادر تلوث المياه تداخل شبكات التصريف للمياه المطرية والصرف الصحي والصناعي وهذا يؤدي الى زيادة كمية المياه الداخلة لمحطة معالجة المياه خاصة في الشتاء وارتفاع نسبة الزيوت في المياه الملوثة الواردة الى المحطة مايؤثر سلباً على الحوض البيولوجي في وحدة المعالجة ويؤدي الى تعطيل عمل البكتريا وينتج عن محطة معالجة المياه الملوثة 168 طناً/يوم من مادة السلدج والتي تلقى في رامات قرب المصفاة مسببة تلوث التربة والمياه. ‏
أما مصادر تلوث الهواء فقد تبين وجود تسربات أبخرة المواد العضوية الطيارة ومنها بنزين تولونين ـ ايتيل البنزين، والغازات من الصمامات والمضخات والضواغط كذلك انتشار روائح واخزة من الأحواض المكشوفة المخصصة لفصل الزيت عن الماء. ‏
وتتصاعد من دارة الكونيش أبخرة خفيفة من مركبات كبريتية اضافة الى أبخرة ثقيلة من مركبات حلقية وهذا يسبب ازعاجاً لمدينة حمص مع ضررها على العاملين. ‏
اضافة الى الغبار المتصاعد من المصفاة والمواد الهيدروكربونية المنطلقة الى الجو، والغازات والروائح المنتشرة في خزانات النفط ومشتقاته وغازات أول أكسيد الكربون وحمض الكبريت. ‏
أما الفضلات الصلبة فهناك الفحم الناتج عن وحدة التفحيم والذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، ونواتج تنظيف الخزانات والزيوت المستهلكة من زيوت سيارات وزيوت ضواغط ومخلفات العمليات الانتاجية ورامات تجميع السلدج واسطوانات بعض المواد مثل الكلور والأمونيا. ‏
وكان التقرير البيئي قد أكد ان مشروع تحسين الواقع البيئي لوحدات المصفاة يؤدي الى التخفيف من نسبة التلوث ولكن لن يؤدي الى انهائه وان قسماً كبيراً من تلوث الهواء والماء الذي مصدره المصفاة يعود الى الاهمال وعدم المراقبة وقد اتخذ قرار اعادة تأهيل المصفاة عام 2001 بكلفة قدرها 100 مليون دولار وعدل المشروع لتوسيعه ليكون أكثر شمولية بكلفة قدرها 590 مليون دولار عام 2003 وللملوثات تأثيرات عديدة منها أكاسيد الآزوت وتسبب التهاب أنسجة الرئة، واستنشاقها لفترات طويلة يسبب شلل الجملة العصبية. ‏
وأكاسيد الكبريت تسبب تخرشاً للأغشية المخاطية وفي حال ازدياد تركيزه يخرش جهاز التنفس ويصيب بنوبات سعال وفي حال أصبح التركيز أعلى يصبح خطراً على حياة الانسان وأكاسيد الكربون يحول استنشاقها دون وصول الأوكسجين الى الخلايا والأنسجة. ‏
أما الهيدروكربونات العطرية فهي مادة مسممة وعامل مسرطن وهي كمواد مهيجة للأغشية المخاطية تسبب الوزمات الرئوية ونزف الجهاز التنفسي. ‏
شركة سكر حمص
من أهم ملوثات الشركة ملوثات غازية ناتجة عن احتراق الفيول في قسم المراجل ومنصرفات سائلة وتقوم الشركة العامة للصرف الصحي بإجراء التحاليل لمنصرفات شركة السكر ونتيجتها ارتفاع في قيم مؤشرات هذه المنصرفات السائلة عن الحدود القصوى المسموح بصرفها للشبكة العامة للصرف الصحي فالخلل في عملية التنقية البيولوجية لمنصرفات الشركة في محطة المعالجة ناتج عن الارتفاع الكبير في قيم الملوثات المنصرفة عن شركة السكر ووجود مركبات الفيوزيل الناتجة عن عملية التقطير في معمل الكحول. ‏
الرحبة ‏
ينتج عن الرحبة مياه صناعية ملوثة بالزيوت والشحوم والمركبات الكيميائية والمعادن الثقيلة اضافة الى الصرف الصحي وهناك ملاحظات حول محطة معالجة المياه الملوثة في الرحبة وهي أن أرضيات أحواض التهوية غير كتيمة اطلاقاً كونها ترابية وهي تقوم بتسريب المياه المتجمعة في أحواض التهوية الى المياه الجوفية. ‏
وهذا يؤدي الى تلويث المياه الجوفية وربما تسرب الى البحيرة عبر ميول طبقات التربة من موقع هذه الأحواض الى البحيرة. ‏
معامل القطاع الخاص
باعتبار حمص تقع وسط سورية فقد تركزت فيها صناعات كبيرة ومتوسطة وصغيرة وأعطيت هذه الصناعات تراخيص مؤقتة في وقت لم يكن فيه للمعايير البيئية أي اعتبار ما سبب بعض المشكلات البيئية. ‏
والمشكلات لم تنته! ‏
بعد أن تفاقمت مشكلة مجابل الاسفلت بحمص وأدت الى تلوث في المياه الجوفية ورمي المخلفات الصلبة بشكل عشوائي وتلوث الهواء نتيجة الغبار الصادر عن هذه الصناعة تم تجميع هذه المجابل في منطقة واحدة بعيدة عن مركز المدينة ليسهل التحكم بها ومراقبتها ومع ذلك بقيت النتائج دون الطموحات بسبب تدني كفاءة الفلاتر. ‏
أما ماينتج عن منشآت قص وجلي الرخام والبلاط فإنه يرمى بشكل عشوائي في حمص ما يؤدي الى تلوث المياه الجوفية والتربة. ‏
وهناك مشكلات ناتجة عن الصناعات الغذائية مثل معامل الألبان والأجبان وصناعة الزيوت النباتية وتلويثها للمياه الجوفية والآبار اضافة الى تملح التربة وموت الأشجار في المناطق المحيطة بهذه المعامل. ‏
أما المشكلات الناتجة عن بعض الصناعات الكيميائية فهي خروج الأراضي الزراعية من الخدمة وتلوث الآبار والمياه الجوفية وتلوث الهواء بالمناطق المحيطة بالمعامل. ‏
ويمكن القول اذاً :إن معظم منشآت القطاع الخاص تفتقر الى وجود محطات معالجة لمنصرفاتها وان وجدت فهي تعمل دون الكفاءة المطلوبة. ‏
وفيما يتعلق بمعاصر الزيتون تنتشر بصورة عشوائية في مناطق مختلفة وخاصة قرب مناطق زراعة الزيتون وتقسم الملوثات الناجمة عن معاصر الزيتون الى مياه الجفت وهي مياه شديدة التلوث بالمركبات العضوية والتي تؤدي الى انتشار الروائح الكريهة وتلوث المياه الجوفية اضافة الى المخلفات الصلبة أو مايدعى بالبيرين. ‏
وقد شكلت لجان وصدرت تعاميم لمعالجة مشكلة معاصر الزيتون ومع ذلك بقي الوضع على ماهو عليه من تلوث كما تم الزام أصحاب المعاصر بعمل حفر بيتونية لتجميع مياه الجفت الناتجة عن المعصرة ريثما يتم الوصول الى انشاء محطات معالجة ولم يتم الالتزام بهذا المقترح. ‏
وبالنسبة للتلوث الناتج عن المسلخ البلدي في حمص هناك تفاوت في مستوى النظافة والروائح، والمياه الملوثة تصب في نهر العاصي اضافة الى وجود نفايات صلبة حول حرم المسلخ وداخل النهر فالواقع البيئي غير سليم وهناك تلوث في المياه والهواء والأرض والروائح الكريهة. ‏
أما واقع الصرف الصحي لمدينة حمص والمياه الناتجة عن التجمعات الصناعية الواقعة ضمن المخطط التنظيمي لمدينة حمص في محطة المعالجة /الدوير/ فتعاني محطة المعالجة من صعوبات نتيجة انخفاض استهلاك الفرد من المياه ما أدى الى ارتفاع نسبة الملوثات الداخلة الى المحطة وكذلك ارتفاع تركيز الملوثات الصناعية المنصرفة الى شبكة المجاري عن الحدود المسموح بها. أما المشكلة الأكبر فهي التخلص من الحمأة الناتجة عنها وماينتج عنها من مشكلات وروائح ضارة. ‏
ويبقى التلوث الصادر عن عوادم السيارات و تسعى مديرية شؤون البيئة في حمص للحد من التلوث الغازي الصادر عن عوادم السيارات وآثاره السلبية على صحة الانسان والبيئة من خلال جولات ميدانية في المحافظة وأخذ أرقام السيارات المخالفة منذ بداية عام 2003 وذلك لمعالجة أداء المحرك بما يضمن سلامة البيئة والصحة. ‏
الشركة العامة للأسمدة وفي ردها على التقرير البيئي أكدت الغالبية العظمى من النقاط الواردة.. أما المعلومات التي قدمها طبيب الشركة حول الآثار الصحية للغازات على صحة الانسان فإنها لم تلحظ أية حالة من حالات الاصابة بالفلور كتشخيص مرضي لدى العاملين في الشركة وأهم معالم الاصابة كانت ترقط الأسنان وتآكل أربطة المفاصل كما أن الدراسات حول سمية الفلور تناولت استهلاكه عن طريق الجهاز الهضمي ومع المياه ولم تتعرض الدراسات لحالات استنشاق الفلور بالشكل الغازي وحول تأثير حمض الكبريت وأكاسيد النتروجين لم يلاحظ الطبيب أية منعكسات على صحة العاملين. ‏
الشركة ترد...!! ‏
بناءً على التقرير النهائي للجنة المشكلة بالقرار رقم /65/ تاريخ 29/2/2004 والصادر عن السيد رئيس مجلس الشعب ومهمتها دراسة الأضرار الناتجة عن التلوث البيئي من جراء عمل الشركة العامة للأسمدة في حمص ردت الشركة بأن التلوث البيئي للبحيرة ونهر العاصي والجوار ناتج عن عدة منشآت صناعية متقاربة (قطاع عام ـ قطاع خاص) ومن أهمها الشركة العامة للأسمدة (معمل السماد الفوسفاتي) والرحبة في قطينة والشركة العامة لمصفاة حمص والقطاع الخاص من معامل بوظة ومعامل علف الدواجن وغيرها. ‏
وتم التعاقد مع هيئة الطاقة الذرية لاجراء مسح بيئي شامل للمنطقة المحيطة بالشركة ولفترة تسعة أشهر لمعرفة كافة الملوثات الغازية والقيم الحقيقية لها، كما استقدمت الشركة رئيس معهد الأبحاث البيئية في جامعة Leobon النمساوية الذي درس واقع الشركة وقدم تقريره عنها. ‏
هيئة الطاقة الذرية وبناء على طلب الشركة العامة للأسمدة قدمت تقريرها حول تقييم أثر معامل الشركة على العاملين والبيئة المجاورة وذلك في الشهر الثالث من عام 2005 وأكد التقرير أن قياسات ملوثات الهواء داخل أقسام معامل الشركة العامة للأسمدة معظمها تقع دون الحدود المسموح بها مع وجود ارتفاع طفيف في تراكيز الكبريت والأمونيا في قسم انتاج حمض الكبريت والكالنترو اضافة الى ارتفاع تراكيز الغبار في حرم المعامل. ‏
كما دلت النتائج للعينات البيئية المختلفة التي جمعت من المناطق المجاورة للمعامل (المباركية ـ قطينة ـ تل الشور) على وجود ارتفاع طفيف في تراكيز الكادميوم والفلور في بعض العينات النباتية والتربة الزراعية التي جمعت من قطينة المباركية أما تراكيز الكادميوم والفلور فهي مرتفعة في المناطق القريبة من سور المعامل. ‏
ملوثات صناعة الفوسفات ‏
تعد الصناعة الفوسفاتية من مرحلة الاستخراج الى مرحلة تصنيع المركبات الفوسفاتية واستخداماتها احدى المصادر الهامة لتلويث البيئة السورية ومن أهم الملوثات :العوالق الهوائية الناجمة عن عمليات النقل والتفريغ والانتاج في مناطق مناجم الفوسفات وتخزينها وتصديرها ومعامل الأسمدة الفوسفاتية وتؤثر هذه العوالق بشكل مباشر في القرى المجاورة المأهولة بالسكان والغطاء النباتي المحيط. ‏
وتختلف نوعية الانبعاثات وكمياتها تبعاً للعمليات الفيزيائية والكيميائية المستخدمة في عملية التصنيع وطبيعة المادة الخام وماتحويه من مركبات سامة وتشمل الانبعاثات الصادرة عن تصنيع حمض الفوسفور والناجمة عن تصنيع أحادي وثلاثي سوبر فوسفات والانبعاثات الناجمة عن تصنيع الأسمدة متعددة المغذيات. ‏
ونظراً للأثر البيئي والصحي لهذه الصناعة وقعت الشركة عقداً مع هيئة الطاقة الذرية السورية لاجراء دراسة لملوثات البيئة المجاورة للشركة حيث تقع معامل الأسمدة الفوسفاتية والآزوتية بالقرب من بلدة قطينة في منطقة زراعية مأهولة بالسكان وعلى ضفاف بحيرة قطينة وجرى قياس مستويات العوالق الهوائية والغازات المختلفة داخل حرم معمل الأسمدة وقياس مستويات الضجيج ضمن أقسام المعمل وتقييم الآثار الناجمة عن المنبعثات المنطلقة من الشركة العامة للأسمدة على القرى المجاورة. ‏
ودلت نتائج تراكيز الملوثات في العوالق الهوائية ضمن حرم المعمل على ارتفاع نسب الفوسفات في العوالق وكذلك في المناطق المجاورة. ‏
كما يعتبر الضجيج من الملوثات الهامة في بيئة المعمل. ‏
وتنتقل الملوثات الناجمة عن الصناعة الفوسفاتية الى البيئة المجاورة إما عن طريق سقوط الغبار والعوالق الهوائية المحملة بالملوثات على التربة والنباتات الورقية وري المزروعات بمياه ملوثة نتيجة رمي النفايات السائلة في مصادر المياه كالأنهار والبحيرات أوغسل الملوثات من النفايات الصلبة كالفوسفوجبسوم وانتقالها الى المياه السطحية والجوفية ولوحظ أن بعض المزروعات تروى بمياه بحيرة قطينة ونهر العاصي والمتأثرة بالصناعة الفوسفاتية أما تراكيز الكادميوم والفلور فلوحظ أن أعلى التراكيز بالقرب من الجهة الشرقية والجنوبية الشرقية للمعمل. ‏
الرأي الطبي للشركة ‏
أكد طبيب الشركة ونتيجة لفحص عمال المعامل الثلاثة لشركة الأسمدة لعام 2003 ـ 2004 أن التهاب البلعوم والأغشية المخاطية هو أكثر الأمراض انتشاراً في الشركة وأقل ماتكون عليه في معمل الكالنترو وتتضاعف في معمل الأمونيا وتشمل الأذيات التنفسية (الربو ـ ايجابية الصورة الشعاعية ـ اضافة الى السعال والزلة التنفسية والقشع والألم الصدري والنسب متقاربة في المعامل الثلاثة). ‏
ولوحظت زيادة نسبة الآفات القلبية والوعائية في معمل الكالنترو وبشكل ملحوظ عن باقي المعامل وتشمل الآفات القلبية احتشاء العضلة القلبية وارتفاع التوتر الشرياني وقثطرة قلبية ايجابية. ‏
كما ترتفع نسبة نقص السمع في معمل الأمونيا يوريا ويعزا ذلك الى الضجيج وفيما يخص الآلام العظمية والمفصلية تشكل حوالي 3،14% ويلاحظ زيادتها في معمل سماد السوبر فوسفات وفي معمل الكالنترو.

وتمت معايرة الفلور في بول /164/ عاملاً في الشركة بالتعاون مع مخبر السموم في وزارة الصحة من معمل سماد السوبر فوسفات ولوحظ أن 71 عاملاً تجاوزت قيمة الفلور لديهم في البول 5،0 ملغ/ليتر ولايمكن أن تندرج هذه الفئة تحت بند تسمم بالفلور كون حدود التعرض المهني هي 4 ـ 5 ملغ/ليتر. ‏
ولاتزال العلاقة بين مقدار الفلور الحيوي في الجسم والأعراض والعلامات السريرية غير واضحة. ‏
كما تم احصاء الاصابات السرطانية في الشركة عام 1990 وبلغت /47/ حالة منها سرطانات الرئة والدم والجهاز الهضمي وسرطان العظام والخصية والجلدية والحنجرة وسرطان درق وسرطان البلعوم الأنفي والثدي.. ‏
تحري الفلور ‏
في عام 2000 اشتكى الأهالي القاطنين في المناطق القريبة من معمل السماد الآزوتي من تسمم بمادة الفلور المنطلقة من مداخن المعمل وعلمت مديرية صحة دمشق أن هناك حوالي 4000 عامل يعانون من أعراض تتراوح مابين ترقق العظام ـ وأعراض قلبية ـ نقص تكلس ـ آلام مفصلية علماً أنه لايوجد حول المعمل أثر للحياة من حيوان ونبات وقام مخبر السموم بالاجراءات اللازمة لأخذ العينات ومراسلة منظمة الصحة العالمية حول التراكيز الطبيعية المسموح بها والسامة المعتمدة لعينة البول والمياه اضافة الى مسح المناطق المحيطة بالمعمل. ‏
ودلت معظم النتائج على أن التركيز المرتفع يقع ضمن المباركية وكمام والمعمل وقطينة وهي المناطق الأقرب الى المعمل أما نسبة الحالات المرضية لعمال المعمل فكانت عالية ففي عام 2004 كانت النسبة 3،43%. ‏
وفي عام 2001 ارسلت عينات عشوائية الى جامعة ميونخ لتحليلها وفي عام 2002 تم الاشتراك ببرنامج ترابط لضبط جودة التحاليل المخبرية مع هيئة الطاقة الذرية وكانت النتائج مطابقة
. ‏
وبعد... ‏
حلول كثيرة تطرح وهي أساساً ليست جديدة ومنها نقل المعامل الملوثة وتوجيه الانذارات للشركات الملوثة سواء القطاع العام أو الخاص والعمل على تأهيل محطة المعالجة وغيرها الكثير.. ومايهم الناس فعلاً أن لاتبقى الاجراءات وكالعادة على الورق.. خوفاً من تكرار ماحدث في قطينة وضماناً لحياة وصحة ‏
S.Yakoob@mail.sy ">الناس. ‏
------------------------------------


الزاوية الصحية .. لاتزال أسبابه غير معروفة.. لكن العوامل البيئية قد تؤهب للإصابة بالسرطان
دمشق صحيفة تشرين محليات الأحد 24 حزيران 2007 السرطان هذا المرض المرعب، الذي يهتز لسماع اسمه كل الناس، حتى الأطباء منهم.. والذي أصبح منتشرا في كل بقاع الارض، وكل يوم نسمع عن اصابة قريب او صديق.. ماذا عنه، ولماذا يصاب به انسان دون آخر، وهل هناك وسيلة للوقاية او الشفاء من هذا المرض.
عن تلك الاسئلة أجابنا الدكتور فيصل أبو النعاج الاختصاصي بالأمراض الداخلية وأمراض الدم قائلاً: ‏
السرطان مجموعة من الامراض، وليست مرضا واحدا حيث هناك اكثر من مئتي مرض تختلف عن بعضها.. والسرطان له صفات وأعراض مختلفة، حسب العضو او الجهاز المصاب، وتجمع هذه الانواع صفة واحدة وهي التكاثر الفوضوي للخلايا المصابة به ودون حدود، حيث لا تخضع لمراقبة او سيطرة أي جهة كانت من الجسم. ‏

متى يبدأ هذا التكاثر ولماذا يحدث؟ ‏
لا أحد يعرف ذلك تماما، والطب لايزال يغوص في أسرار هذا المرض الخبيث.. وان الطرق الحديثة لدراسة علم الاحياء الجزيئي للسرطان والاكتشافات الحديثة في علم المورثات وتحليل التبدلات في DNA الموجودة في الخلايا العادية والسرطانية جعلا فهم آلية حدوث السرطان أسهل بكثير. ‏
لقد قدر علماء الوبائيات ان 80 ـ 90% من السرطانات لدى الانسان تحدث بسبب عوامل بيئية، ولوحظ ان التعرض المباشر لمواد كيميائية معينة، او حمات راشحة، او عادات اجتماعية سيئة كاستنشاق التبغ، او بعض المواد السامة في الطبيعة، او العمل في بعض الصناعات، كلها اسباب مسرطنة لكن الاهمية النسبية لهذه العوامل المرضية تختلف من مكان لآخر.
مثلا استهلاك التبغ هو السبب تقريبا في 30% من وفيات السرطانات في أميركا الشمالية بينما وجد ان سرطانات الخلية الكبدية البدئي المترافق مع التهاب الكبد B مسؤولة عن 25% من وفيات السرطان بين الذكور في افريقيا وآسيا. ‏

معالجة السرطان: ‏
ان من يقرأ ويتابع يسمع كل يوم عن جديد في هذا المجال، بحيث اصبح الحديث عن معالجة السرطان كالحديث عن معالجة اي مرض آخر. ‏
هذا الكلام ضرباً من الخيال والمستحيل قبل حوالي ثلاثين سنة.. لقد اصبح المريض نفسه وأهل المريض اليوم يشاركون الطبيب في مناقشة الحالة والمرحلة التي وصل اليها المرض، وأفضل السبل لتطبيق العلاج المناسب للوصول الى أحسن النتائج والتي من ضمنها الشفاء التام في كثير من الاحوال، وخاصة في المراحل المبكرة من المرض. ‏

طرق العلاج: ‏
ان طرق العلاج متعددة فقد تكون جراحية او شعاعية او كيميائية او مشتركة.. والطبيب المختص هو الذي يقرر نوع العلاج الذي يراه فعالا ومفيدا وحسب المرحلة التي راجع فيها المريض. ‏

وختاماً.. ‏
كثير من من الحالات التي تم شفاؤها بشكل نهائي بفضل الوعي الصحي الجيد للمريض وأهله من جهة وخبرة الاطباء المعالجين وكفاءتهم من جهة اخرى.. ولاتزال النتائج في تطور مستمر ومتسارع نحو الافضل. ‏

---------------------------------------------





أيام المشاريع السورية ـ الأوروبية بحلب


حلب صحيفة تشرين الصفحة الاولى الأحد 24 حزيران 2007 أقيمت أمس في خان الشونة بحلب فعاليات أيام المشاريع السورية ـ الأوروبية وتضمنت معرضا لـ 45 مشروعا من مشاريع التعاون السوري ـ الأوروبي وما حققته هذه المشاريع في الفترة الماضية من انجازات في مجالات الصحة والتنمية الاجتماعية والإعلام والآثار والتطوير العمراني والاصلاح الاقتصادي والتحديث المؤسساتي وغيرها كما تم التركيز بشكل خاص على المشاريع الثقافية السورية ـ الأوروبية وفرص التعليم العالي المتوافرة للطلاب السوريين الراغبين بالدراسة في الدول الأوروبية، وقدم السيد فاسيلس بونتوسوغلو رئيس بعثة المفوضية الأوروبية في سورية تعريفا بأهداف هذه المشاريع مشيرا الى ان عرضها في حلب يهدف لتعريف المهتمين بأعمال وأنشطة الاتحاد الأوروبي التي ينفذها بالتعاون مع الجانب السوري، وتجدر الإشارة الى انه للعام الثاني على التوالي يتم عرض مشاريع التعاون السوري ـ الأوروبي على المهتمين والجمهور في سورية.

---------------------------------
ثقافة وأدب من سوريا

عبد المعين الملوحي بين الشك واليقين

كتابٌ يلقي الضوء على مرحلتين هامتين من حياة صاحب قصيدتي بهيرة و ورود
الاحد 29/4/2007- العروبةفي كتابه الذي صدر مؤخراً عن دار الارشاد للنشر والذي حمل عنوان » عبد المعين الملوحي بين
الشك واليقين « استطاع الأديب محمد غازي التدمري أن يلج في عوالم الملوحي , ويسبر أغواره النفسية باحثاً ومتقصياً في إبداع هذا الرجل الذي عاش حياة ثائرة وعاصفة , ومتمردة ومغمسة بالألم والأحزان 000 والدخول في عالم الأستاذ الملوحي ليس هيناً بالمعنى الدقيق للكلمة 000 إنه يحتاج إلى مغامر من الدرجة الأولى 000 مغامر يتقن فن الغوص ليستطيع التقاط الدررمن خضم هذا البحر الهادر المائج , والذي يتناوبه المد والجزر 000 وقد استطاع الأستاذ التدمري ببراعة الكاتب الحاذق والدارس المتمرس أن يسلط الضوء على مجموعة المتناقضات التي شكلت مرحلتين متباينتين من حياة الملوحي أولها : مرحلة الشك والإلحاد , وثانيها مرحلة الايمان المشرق .‏
ولعل مازاد الكتاب بهاءً إدخال قصيدتي » بهيرة وورود« بنصيهما الكاملين إلى الكتاب 000 وهاتان القصيدتان كانتا قد أثارتا جدلاً كبيراً في الأوساط الثقافية والأدبية يوم نشرهما الأستاذ الملوحي عام 1947 » بهيرة« و1970» ورود« وقال فيهما : من يدري أهاتان القصيدتان هدية ميت لحي ? أم هدية حي لميت ?‏
في توطئة الكتاب يقول خليل توفيق موسى : » كان الملوحي رجلاً متفرداً ومتميزاً في كل شيء لذلك كان الاقتراب من عالمه الفكري - من وجهة نظري - أمراً ليس فيه يسرٌ أو سهولة ,فقد تسدّ الرهبة من المشقة والمكابدة عليك كل طريق , فإذا اقهرت نفسك وأذللت عنانك , واقتربت من فكر هذا الرجل وجدت أمامك دروباً محفوفة بالتيه والغموض , ووقفت على شعاب لا توحي إلا بالتناقض والتضاد « وفي المقدمة التي كتبها الأستاذ مظهر الحجي لهذا الكتاب قال :‏
» لقد استطاع التدمري أن يرصد التطورات النفسية والفكرية التي مرت بها حياة الملوحي من خلال شعره , فأظهر إ لحاده, ثم تأرجحه بين الشك واليقين , ثم إيمانه العميق وهو المادي الماركسي النشأة وهنا تجلت عظمة النفس الانسانية التي تحتوي المتناقضات الكبيرة , إذا كان حاملها بين جنبيه كبيراً , عندها لن يكون إنساناً فرداً بل عالماً من الانسانية الرحبة , وذلك هو » عبد المعين الملوحي « الانسان الحق 0‏
وفي التمهيد للكتاب» بقلم عبد المعين الملوحي «قال: استمعت إلى محاضرة الأستاذ » محمد غازي التدمري« التي ألقاها في المركز الثقافي العربي في المزة يوم الاثنين 10 أيار 1999 000 كانت المحاضرة ممتازة ولعلها أكثر الأبحاث والمقالات التي كتبها الأدباء عني جدية ودقة واستفاضة او تتبعاً لمراحل حياتي وألوان شعري 0لقد شدت المحاضرة أسماع الحاضرين إليها , لأنهم وجدوني شيطاناً في لباس أنسي , وكانوا يظنوني أنسياً وكفى , وذكرتني بحوادث في حياتي نسيتها , وبقصائد وأشعار غابت عني 000الخ‏
أما موضوعات الكتاب الأساسيه فقد ضمت البيئة والنشأة , ثم أزمة الصراع بين الداخل والخارج , ودوافع الشك , وعودة الضال , وفي رحاب الانسانية ثم الخاتمة وبطاقة تعريف بالملوحي 000 إضافة إلى قصيدتي بهيرة وورود0‏
في حديثه عن بيئة الشاعر ونشأته ذكر مؤلف الكتاب أنّ الملوحي ولد عام 1917 في أسرة متدينة محافظة ., تأوي الثوار في أحيان كثيرة وقد درس في المدارس الثانوية ونال شهادتها بفرعيها الأدبي والفلسفي في دمشق عام 1938 ثم دار المعلمين الابتدائية عام ,1941 ودار المعلمين العليا عام 1943 ثم اجازة الآداب من القاهرة عام 1945 كما قرأ الأدب الغربي عن اللغة الفرنسية التي أتقنها وبقي في تواصل دائم مع القلم والكتاب حتى ساعة رحيله يوم الحادي والعشرين من آذار عام 2006‏
وتحت عنوان أزمة الصراع بين الخارج والداخل رصد التدمري المآسي التي ألمت بالبلاد والتي هزت وجدان أستاذنا الملوحي الذي عبر عنها بكل مصداقية , كما تنبأ بما سيكون عليه شعره من كآبة ونضال فقال:‏
مافيك ياديوان شعري بسمة‏
بل أنت قطرُ دم ونقع جهاد‏
والحقيقة أن المآسي التي أثقلت عمره الزمني تمتد إلى ماقبل ولادته حيث خلفت الحرب العالمية الأولى الجوع والفقر وشظف العيش وظهور طبقتين في المجتمع طبقة غنية جداً وطبقة فقيرة لاتجد لقمة عيشها , وأكثر ماكان يعانيه في المدرسة استطالة رفاقه الأغنياء عليه رغم أنه كان الأكثر ذكاءً بينهم وهذه المعاملة هي التي دفعت به ليكون منا ضلاً عنيداً يقول:» إني عدولدود للطبقية والعنصرية في المجتمعات , إني عدو لدود لكل ألوان الاستغلال والاستثمار , وستهبط هذه العداوة معي إلى القبر , ولكنني واثق أنّ الانسانية ستنتصر على أعداء الانسانية000‏
لهذا لم يكتف بتبني الموقف الماركسي , والمجاهرة به تنظيراً وقولاً , وإنما حاول أن يطبقه من خلال ترجمته للعديد من الآداب الماركسية إضافة إلى المؤلفات النفسية التي تبحث في أعماق النفس المتمردة مثل » في سردابي « للكاتب الروسي » دوستويفسكي« فدرس أدب الصين وشعرها , وأرخ للأدب الفيتنامي , وترجم » داغستان بلدي « للشاعر الداغستاني‏
رسول حمزاتوف وهكذا نجد أن ترجمانه إلى اللغة العربية لم تخرج جميعها عن الأدب الواقعي الإشتراكي 0وكان حلمه أن يرى أمته موحدة تحت ظلال علم واحد يخفق في سماء العروبة إذ كتب سنة 1941 على مصور البلاد العربية :‏
وطنٌ واحد لنا عربي العلا والفخار من أسمائه‏
جبلت أرضه من المجد والجو دوشعّت أنواره في سمائه‏
أما دوافع الشك التي اعترته فهي بدءاً من أحزان الوطن وانتهاء بفجيعته بزوجته بهيرة التي اغتالها العضال وهي عروس لعام, وأم لثلاثة أشهر والتي كتب قصيدة دلت على إلحاده 0‏
لقد حطم موت زوجته بهيرة نفسه ومزقها إلى أشلاء تناثرت هنا وهناك وضاعت على شواطىء الحزن الجريح 00 ولكن رغم تطرفه الشديد في قصيدته»بهيرة « فقد عاد إلى الإيمان وهو على شاطىء الأربعين وظهر ذلك جلياً واضحاً في قصيدته في رثاء ابنته »ورود«:‏
آمنتُ بالله العظيم وعشتُ للألم العظيم‏
آمنتُ أني ذرة في ملكه الرحب القديم‏
آمنتُ أني لا أريد الربح أو أخشى الخسارة‏
آمنتُ إيمان الهدى وتركت للناس التجارة‏
كم قلتَ لي مهلاً, ولكن عكفتُ على الذنوبِ‏
لم أُقضِ بالورع الشباب ولم يوقرني مشيبي‏
ورغم الجرح الذي أصابه لفقد ابنته ورغم الآلام فقد وقف موقفاً يدل دلالة واضحة على إيمانه يقول في قصيدته الشهيرة »على شاطىء الأربعين« :‏
نظرت إليء الأربعون وكاد عودي الصلد يكسر‏
فوقفت أنظر للسماء منادياً : الله أكبر‏
ويتابع في القصيدة قائلاً:‏
رحماك ربي طالما أسرفت في شكي وجهلي‏
رحماك ربي طالما قطعت بالشهوات ليلي‏
يارب عفوك عن أثيم جاء يرجو منك عفواً‏
أني لأطمح في رضاك أرى به أمناً وسلوى‏
إني مشيت موزعا نصف الطريق إلى ضريحي‏
أترى سأمشي نصفها الثاني بأحمد والمسيح ?‏
وينطلق إلى رحاب الانسانية ليبث عواطفه وقيمه ناسيا جراحه وأحزانه ولوعة الثكل مستشرفا انتصار الانسان وتحرر الشعوب العربية ضمن موكب إنساني موحد:‏
النصر يا ولدي لنا ولو أننا كنا الضحايا‏
ولنا غد وجماله ولو أننا عشنا رعايا‏
هو للشعوب عزيزة - لالي - ولا لك يا صغيرة‏
هو للصفا - وكنت فيهم وردة قطفت نضيره‏
وعندما يرى خارطة الوطن العربي المجزأ يشعر أن قلبه ممزق كهذه الخريطة فينادي بصوت مخنوق أما من سبيل لتوحيد العرب :‏
يا بلادا أوجعت مأساتها‏
عربيا أرضه تلقى الحظوبا‏
جرحها جرحي وجرحي جرحها‏
أبعيداً كنت أم قريبا‏
والحديث هنا يطول عن إنسانية الملوحي ولا مجال للتفصيل فمن أراد الاستزادة عليه ان يقرأ الكتاب .. ويختم التدمري دراسته قائلا«:‏
» وخلاصة اقول : في شعر عبد المعين الملوحي التقليدي تفاجئك روح المتنبي , وفي تجاربه المتجددة تتمدد أنفاس بابلونيرودا , وفي نثره نلمح فصاحة الجاحظ وبيانه وفي ترجماته روح الاديب العربي الملتزم بقضايا أمته , حيث , لم يترجم من آداب الشعوب الاخرى إلا ما تلاءم مع طبيعة المرحلة التي تخوضها أمته العربية «‏
* نجاح حلاس‏

------------------------



ثقافة ومجتمع
الدين والدولة في ألمانيا: فصل نسبي وتأثير غير مباشر للكنيسة
: الدستور الألماني
يعد الفصل بين الدين والدولة أحد أهم الركائز الأساسية للنظام السياسي الألماني. ورغم الفصل بينهما، إلا أن الكنيسة تلعب دوراً غير مباشر في صياغة القرار السياسي عبر تأثيرها على الأحزاب السياسية وتوجهات الرأي العام.

ساهم التطور السياسي والاجتماعي في تحديد طبيعة علاقة الدين بالدولة في عصرنا الحالي. ومع مرور الوقت تبلورت في معظم الدول الأوروبية نظماً سياسية ترتكز على قيم الحرية والديمقراطية واحترام حقوق المواطن، والتي غالبا ما اصطدمت بسلطة الكنيسة التي حاولت دائما لعب دور مهيمن في منظومة صناعة القرار السياسي. وفي الوقت الذي تمكنت بعض الدول في أوروبا من أن تمضى قدماً نحو تثبيت مبادئ الديمقراطية المرتكزة على الفصل التام بين الدولة والدين كما هو الحال في فرنسا، نجد دولاً أخرى لا تزال تسير بخطى وئيدة من أجل جعل السلطة الدينية بعيدة عن الصلاحيات السياسية. وفيما يتعلق بألمانيا فإن الدستور ينظم العلاقة بين الدين والعمل السياسي بشكل غير صارم مما يفتح مجالاً للجدل حامي الوطيس على المستوى الأخلاقي والاجتماعي الذي طالما تكون الكنيسة طرفاً رئيسيا فيه.

: اجتماع أساقفة ألمانيا

تشكل ألمانيا مثالاً وسطياً للعلاقة المثيرة للجدل بين الدين والدولة. الدستور الألماني المعادي للفاشية والقائم علي ضمان الحرية والديمقراطية يتعاطى بصورة متوازنة مع دور الديانة المسيحية كمرجعية قيمية وأخلاقية، إلا انه يرفض التدخل المباشر للمؤسسات الدينية في العملية السياسية الألمانية. تأثير الدين غير المباشر على السياسة الألمانية يمر عبر الدور الذي يلعبه الدين في عملية اتخاذ القرار السياسي. فممثلو الكنائس على سبيل المثال يحاولون من داخل المنظومة الحزبية إقناع الأحزاب القريبة منهم فكرياً وسياسياً بتبني تصوراتهم، لأن الدستور الألماني يضمن للأحزاب السياسية الأولوية العليا في "صياغة إرادة الشعب". كما أنه يمكن للقوى الدينية كونها جزءاً من قوى المجتمع المدني التأثير على الرأي العام ودفعه إلى تأييد موقف معين مما يضمن لهذه القوى تأثيراً فاعلاً على العملية السياسية الديمقراطية.

وللكنيسة في ألمانيا من السلطات الرمزية والمادية ما يجعلها في بعض الأحيان تتدخل في أمور عديدة تهم الرأي العام. وإن اضطرت الكنيسة الكاثوليكية إلى وقف حملتها حول دور المرأة في المجتمع، نجدها بالمقابل لا تزال تقحم نفسها في قضايا مهمة كالإجهاض و إشكالية التعامل مع المثليين الجنسيين، كما أنها لا زالت تشرف مباشرة على عدد من القطاعات الحيوية كالمستشفيات ورياض الأطفال. وهناك أيضا شكل آخر من تشابك العلاقة بين الدولة والدين، إذ تعمل مصالح وزارة المالية على خصم ضرائب مباشرة من مرتبات العاملين المنتمين للمذهبين الكاثوليكي والبروتسانتي لصالح الكنيسة، كما تعد الكنيسة أحد أهم أرباب العمل في ألمانيا، وذلك من خلال إشرافها على قطاع واسع من الخدمات الاجتماعية.


تراجع دور الدين

: للدين تأثير جلي على الرأي العام

تتبنى معظم الدول الأوروبية مبدأ فصل الدين عن الدولة، وإن كان ذلك بشكل متباين حسب التطور الاجتماعي الذي شهدته كل دولة على حدا. وتعد فرنسا من أولى الدول، التي ينص دستورها صراحة على مبدأ الفصل بين الدين والدولة، وذلك منذ سنة 1905، حيث أنهى هذا الدستور عقوداً من الصراع الثقافي في فرنسا. وأصبح الفصل بين الدين والدولة بمثابة حجر الأساس، الذي تقوم عليه "اللائكية" الفرنسية. ولقد كانت اللائكية الفرنسية نموذجاً يحتذى به في بداية ومنتصف القرن المنصرم لبعض الدول كتركيا وتونس، غير أن ألمانيا هي الأخرى شهدت أحداثا كان هدفها الحد من سلطة الكنيسة. في هذا السياق يرى المؤرخ الألماني ميشائيل باسه، المهتم بقضايا الدين أن المحاولات الأولى لألمانيا للتحرر من سلطة الكنيسة بدأت في أواخر القرن التاسع عشر، إلا أن أنصار الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية تحركوا بقوة آنذاك ضد فصل الدين عن الدولة، خصوصاً ضد منع تدريس الديانة المسيحية في المدارس. وحتى اليوم مازالت التربية الدينية تدرس كمادة اختيارية في المدارس الألمانية وتخضع مباشرة لسلطة الكنيسة من حيث المواضيع والمناهج الدراسية.

المهاجرون المسلمون في ألمانيا


حصة التربية الإسلامية في أحد المدارس الألمانية

وأدى تزايد أعداد المهاجرين المسلمين في ألمانيا (3 مليون نسمة) إلى مطالبة عدد من المهتمين بقضايا الهجرة بضرورة اعتماد الدين الإسلامي كبوابة أساسية لاندماج المهاجرين في المجتمع الألماني، وهكذا تم البدء في تدريس التربية الدينية الإسلامية في المدارس الألمانية على سبيل التجربة. وقامت الكنيسة في ألمانيا بجهود كبيرة لكي يحصل أبناء المهاجرين المسلمين على حق تعلم مبادئ الدين الإسلامي، مما جعل عدداً من المراقبين يتساءلون عن حقيقة موقف الكنيسة من الديانات الأخرى. وذهب البعض إلى أن هذه الجهود ما هي في الحقيقة إلا دفاع عن دروس التربية الدينية المسيحية، التي تشرف الكنيسة عليها في المدارس الألمانية، حيث أن الإقبال عن هذه الدروس يشهد في الآونة الأخيرة تراجعاً كبيراً، خصوصا أن ارتباط الألمان بالدين عموماً والكنيسة على وجه الخصوص لم يعد كما كان في الماضي، إذ يصل عدد الألمان المنتمين للكنيسة سواء الكاثوليكية أو البروتستانتية حوالي 60 بالمائة، أما أولئك الذين لا ينتمون لأي جماعة دينية فيشكلون حوالي 30 بالمائة من المواطنين الألمان.

دويتشه فيلّه

----------------------------------------


إعلان مقتل الدكتور علي رواية ترصد الحالة المعيشية والوضع الاقتصادي لحملة الشهادات العليا
الثلاثاء 5/6/2007هكذا وبدون مقدمات بدأ الدكتور نزيه بدور روايته » إعلان مقتل الدكتور علي « بطريقة الخطف
إلى
الخلف ليرسم لقارئه مأساوية مشهد عودة الجسد المسجّى إلى أرض الوطن الذي ذهب ضحية إمرأة مخمورة تقود سيارة بسرعة جنونية في ليبيا وقبل أن يداوم يوماً واحداً في إحدى جامعاتها :‏
» أسدلت العتمة بعضاً من ستائرها الحزينة 0000 لملمت الشمس بخجل بقايا أشعتها المتناثرة فوق وجه البحر الأزرق الغاضب مودعة ذاك التابوت الكالح اللون والمستلقي على ظهر سيارة عتيقة , ضاق صدر الساحة الصغيرة حيث سجي جثمان الدكتور علي سعيد وحيداً 00‏
إنها العودة التي لا بد منها 0000 العودة إلى الوطن الأم حيث مرابع الطفولة 000 إلى الوطن المزروع في خلايا أبنائه الذين ما تركوا أرضه إلا لظروف العيش القاسية والرواتب الضئيلة التي لا تكفي متطلبات أسرة صغيرة كأسرة الدكتور علي الحاصل على دكتوراه في الرياضيات من إحدى جامعات لينغراد 0‏
لقد استطاع الروائي نزيه بدور وببراعة من يلم بكل التفاصيل الحياتية والمعيشية والنفسية لهؤلاء الذين شقوا طرق حياتهم رغم ظروف الفقر التي عاشوها , واستطاعوا بدأبهم ومثابرتهم أن يحصلوا على شهادات عليا تؤهلهم أن يكونوا من أعضاء الهيئة التدريسية في جامعات القطر التي أوفدتهم 000 استطاع أن يصوغ فصول روايته بكل تقنية راصداً مشكلة ضعف الرواتب التي أجبرت هؤلاء لمراجعة سفارات البلدان العربية الأخرى للحصول على قبول في إحدى جامعاتها التي تعطي للأستاذ مرتباً يقيه شر العوز ويساعده في شراء منزل وسيارة والحياة بشكل يليق بمكانته العلمية 0‏
ولا ندري لماذا اختار الدكتور علي سعيد » ليبيا « لتكون المكان الجديد لعمله رغم أنّ هناك إغراءات أكثر تعطى في دول الخليج مثلاً ?!‏
كما استطاع الروائي الدكتور نزيه بدور وهو الأستاذ الجامعي في كلية الهندسة المدنية بجامعة البعث أن يلتقط بكاميرته الروائية صوراً مؤثرة لطفولة » علي سعيد« أو كما كانوا يلقبونه ب¯ » علوشة « وهو ابن العسكري سعيد سعيد الذي هرب من قرى الجرد , وضيع البلوط ليتطوع في الجيش مستجيراً من رمضاء الفقر بدخان حرائق حروب التاريخ العربي الحديث 0000 كما استطاع أيضاً نقل صورة واضحة عن أمه » فرحة« زوجة العسكري الغارق في الحروب التي غادرت مع أولادها القنيطرة في حرب 1967 تاركة ثيابها وثياب أولادها وأثاث الغرفة المستأجرة في تلك المدينة والمؤلف من سرير حديدي كبير وحصيرة قش رمادية , وبعض البسط الصوفية , ولم يعد بإمكان الطفل علوشة أن يرى المناطق التي كان يراها بصحبة والده الذي يأخذه معه في السيارة العسكرية الكبيرة 00 لهذا فقد قرر عندما سيكبر أن يصبح جندياً ليدافع عن الوطن 0000 لكن كما يبدو أن الوطن كان بحاجة إلى عقله العلمي المتفتح لهذا فقد درس بعد حصوله على الثانوية الرياضيات التي برع فيها 000‏
وكم كانت عدسة الروائي نزيه بدور دقيقة في رسمه للشخصيات من الداخل والخارج فأم علي امرأة سمراء نحيلة , شاحبة اللون , تفيض حناناً على أولادها , لا تهتم بالموضة ولا بزيارة الخياطات فهي تقضي فصل الشتاء مرتدية كنزة عسكرية صوفية خضراء من ألبسة زوجها , وتستخدم البطانيات العسكرية لتغطي أولادها بعد أن يصطفوا على الفراش مثل لفافات السجائر 000 وكيف أجبر الفقر الوالد لتقديم قطع من القماش العسكري لأولاده الذين أصبحوا في المرحلة الثانوية لتكون اللباس المدرسي لهم , بينما يقضي هو سنة أخرى في بذلته القديمة 0‏
وبما أنّ الأب عاشق للعلم وقد أحبه من خلال من التقاهم في الجيش من حملة الشهادات الجامعية 000 فقد شجع أولاده على التعلم وكم كان يتمنى لابنه علي أن يصبح ضابطاً في الجيش , لكن كما يبدو وأن الحروب التي مرَّ بها وخصوصاً حرب النكسة جعلته يصرف النظر عن هذه الفكرة ويشجعه أن يصبح طبيباً لكن علي كان يميل للرياضيات لهذا فقد درس هذا الفرع وبرع فيه 000 كما درس اثنان آخران من أبنائه الطب 0‏
ويستطرد نزيه بدور في تصوير عودة الدكتور علي سعيد من لينغراد برفقة إمرأة شقراء , نحيفة رقيقة , جذابة صبورة تحملت معه الكثير من شظف العيش في أرض الوطن اسمها » ناتاشا« وابنتها الصغيرة » ماشا « ولم ينس أثناء عرضه للظروف المعيشية القاسية التي عانى منها الدكتور علي وخصوصاً أثناء خدمة العلم أن يرصد مأساة أخويه الطبيبين اللذين تخرجا ن الجامعة ولم يعملا وبقي الأب المتقاعد الذي حول إحدى غرف المنزل إلى حانوت صغير يصرف عليهما ويؤمن لهما ثمن السجائر يقول الأب :‏
» يا إلهي في البيت طبيبان وليس في جيب أحدهما ثمن باكيت دخان , والله لو ربيت دجاجة بيّاضة أفضل منهما 000 إنهما يقضيان أوقاتهما يشربون المتة ويلعبون الورق ثم يتنهد ويقول:‏
- لو كان عندي إمكانية مالية لاشتريت لهما عيادة !!0‏
حتى أنه في لحظات اليأس القاتل يتمنى لو درسا في معهد متوسط ملتزم كي يحصلا على وظيفة 0‏
ويعود ثانية إلى الدكتورعلي الذي أنهى الخدمة الإلزامية والتحق بالجامعة ليبين لنا أن الراتب الضعيف الذي يتقاضاه لا يمكن أن يكفي لمصاريف أسرته الصغيرة وكيف أنّ وعود زيادة المرتب المنتظرة » مائة بالمائة « قد تأخرت وليس لها على ما يبدو وعد محدد لذا لا بدّ من السفر 000 السفر الذي سيكون سبب موته 000 السفر الذي تحقق بعد عناء طويل من مراجعة السفارات وأخذ الموافقات , واستدانة المال والإستعاضة عن السفر بالطائرة بالنقل البري للتخفيف من الأعباء المادية والوصول إلى جامعة في قلب الصحراء الليبية ثم الهروب من الحر إلى جامعة تقع في المناطق الساحلية , والتقائه بأشخاص من العراق مثل » مهدي « ومن مصر » حسنين « ومن الجزائر »بلعيد « وصدمته بموقف مهدي البصري الطائفي وطموحه في قيام كيان طائفي في جنوب العراق 00 وكما يبدو من خلال الرواية أنّ الموقف السوري هو الأكثر تشبثاً بالقومية العربية وهذا واضح في حديث المهندس عمر من ريف ادلب وزوجته عائشة اللذين أحسنا ضيافة علي 000 وكان لعمر الشرف بتشييع الدكتور علي وجمع مبلغ من المال يكفي تكاليف نقل الجثمان إلى الوطن الأم 0‏
واختتم روايته بتصوير المجهول المنتظر لأسرة الدكتور علي قائلاً :‏
» لم تكن ماشا « تعي ما حصل لوالدها ,كما لم تكن أمها تعرف ما ينتظرها , وقد غادرت بلدها فور تخرجها من الجامعة ولم تحصل على عمل هناك , والآن بعد كل هذه السنوات أصبح ذلك مستحيلاً خاصة بعد أن توفي آخر من بقي لها في »روسيا «والدتها 0‏
لغة الرواية جميلة , وجذابة , وقد استطاعت أن توصل الأفكار التي أرادها الروائي نزيه بدور معتمدة أسلوب الواقعية بإمتاع خاص 0‏
ويبدو وأن الإشارة إلى أنّ موت الدكتور علي كان معلناً منذ زمن طويل 000 منذ طفولته , مروراً بدراسته في روسيا عندما أشاروا عليه حمل بعض المواد المهربة لبيعها هناك ورفضه ذلك 000 ثم الاذلال الذي لاقاه على أبواب السفارات العربية 00 و000 و000 وأخيراً موته المجاني بحادث سير مؤسف نتيجة سكر امرأة تقود سيارة بسرعة جنونية أضفى على الرواية شيئاً من الجمالية لأن لها دلالات ذات معاني كثيرة 0‏
الرواية جديرة بالقراءة ونأمل للدكتور نزيه بدور المتابعة في كتابة الرواية لأته يمتلك لغة وحساً روائياً , وصوراً مشهدية تخدم الفعل الروائي , وتوصل الرسالة التي يود إيصالها بشكل لافت وجميل 0‏
العروبة -* نجاح حلاس‏


------------------------------------





أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

يسعى هذا الموقع إلى نشر مساهمات الكتاب في مختلف المواضيع التي تهم المواطن السوري ويأمل أن يكون جسراً بين الداخل والخارج وأن يساهم في حوار وطني يلتزم باحترام الرأي الآخر ويلتزم القيم الوطنية والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان ونتمنى أن يساهم الرفاق والأصدقاء في إغناء هذا الموقع والتواصل معه وشكراً.


المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها فقط


يرجى المراسلة على العنوان التالي

bayad53@gmail.com



Blog-Archiv

منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا