Donnerstag, 15. Mai 2008



في الذكرى الستين على النكبة



- المسألة الفلسطينية، الصراع العربي- الإسرائيلي: سبب رئيس للحالة العربية.

في هذا الزمن الذي وصلنا فيه، نحن العرب، إلى أشد حالات تفككنا وانحطاطنا، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على أن تفرض علينا مشاريع "تسوية" مع عدونا الإسرائيلي تسميها "سلاماً". لا نعتقد أن أحداً يجادل في أن هذه المشاريع أقرب إلى الاستسلام منها إلى السلام.
وأياً كان المآل الذي سوف تنتهي إليه المشاريع المطروحة، ومن أجل الحفاظ على الحقائق التاريخية للصراع، يتعين علينا أن نبقي في ذاكرتنا وفي ثقافتنا على حقيقة موضوعية مفادها أن "دولة إسرائيل" وليدة لـ (الحركة الصهيونية) التي انطلقت في نهايات القرن التاسع عشر. وأن هذه الحركة كما دل عليها تاريخها طوال قرن من الزمان، هي حركة عدوان على العرب، طالت الشعب العربي الفلسطيني في وجوده فوق أرضه، وتعمل دون هوادة على حرمانه من التعبير عن حقيقته الوطنية، وتسعى إلى محو شخصيته وثقافته أيضاً. وتطال الشعوب العربية بأسرها في حاضرها وفي تطلعها إلى بناء مستقبلها.
كانت (الحركة الصهيونية) تمثل في البداية تياراً أقلوياً بين يهود العالم. وهو التيار الذي اختار التحالف العضوي مع القوى الاستعمارية الطامحة إلى الهيمنة على المنطقة العربية، وعمل على وضع نفسه في خدمة هذه القوى. و"دولة إسرائيل"، وليدة هذه الحركة في منتصف القرن الماضي، هي، بالتالي، الذراع الضاربة للغرب الإمبريالي. إنها حاجة إمبريالية واستثمار إمبريالي. لم يكن بمقدورها أن تكون موجودة، ثم أن تتطور وتواجه العرب وتنتصر عليهم طوال السنوات الخمسين المنصرمة، لو لم يكن الأمر كذلك. تغيرت الدول الداعمة لها – من بريطانيا إلى أمريكا بعد فترة فرنسية قصيرة – لكن الأهداف لم تتغير: حراسة التجزئة والتأخر العربيين، ومن ثم إدامة التبعية، والتصدي للمشاريع الوطنية الجدية وللتوجهات الوحدوية وبالطبع تحرير الغرب من المسألة اليهودية وتبعاتها، وتحريره من عقدة الذنب تجاه اليهود تاريخياً.

العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956، بعد تأميم قناة السويس، كان الحرب الأولى التي شهدتها المنطقة بعد نكبة فلسطين وقيام "دولة إسرائيل" في عام 1948. لقد كانت إسرائيل أحد الأطراف التي شاركت في هذا العدوان (إلى جانب بريطانيا وفرنسا). صحيح أن هذا العدوان قد اندحر دون أن يحقق أهدافه، لكنه شكل المحطة التي انتقلت فيها إسرائيل من الرعاية الأوروبية، البريطانية على وجه الخصوص، إلى الرعاية الأمريكية. وفي ظل هذه الرعاية، شهد الصراع العربي- الإسرائيلي في النصف الثاني من القرن الماضي حربين كبيرتين، لم تفصل بينهما أكثر من ست سنوات (1967، 1973). وفضلاً عما آلت إليه هاتان الحربان من توسع إسرائيل باتجاه الشرق واحتلالها كامل الأراضي الفلسطينية، وفرض احتلالها على مساحات واسعة من الأراضي العربية في كل من مصر وسوريا، فقد كان لهما أيضاً انعكاس سلبي على الوضع العربي في جوانبه كافة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، عمل على تعميق مسار تدهوره وانحداره.
لكن الأخطر من كل هذا أن إسرائيل تمكنت بعد هاتين الحربين من تحقيق أول اختراق كبير في صراعها مع العرب عندما تحقق لها تحييد مصر، الدولة العربية الأكبر، وإخراجها من دائرة الصراع اثر الاتفاقات التي وقعتها معها في كمب ديفيد عام 1978 بعد زيارة السادات الشهيرة إلى إسرائيل عام 1977، ومن ثم، معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية في آذار 1979.
قد شكلت المعاهدة المذكورة اتفاقاً تعاقدياً منفرداً أتاح لمصر استعادة كامل أراضيها التي احتلت في عام 1967 بعد أن اعترفت رسمياً بـ "الدولة العبرية" ووافقت على تطبيع علاقاتها معها.
لكن المستوى الذي وصل إليه التدهور على الصعيد العربي العام، وعلى الصعيد القطري الخاص، أوجد نمطاً من "التسوية" الواقعية، جعل إسرائيل ترفض حتى هذا اليوم توقيع اتفاق تعاقدي مماثل مع أي طرف عربي آخر في هذا الصراع.




لكن هل يعني هذا أننا، نحن العرب، عاجزون عن التعامل مع هذه الوقائع؟ وأن ليس بمقدورنا سوى الانصياع لها والخضوع لنتائجها؟
وهل يعني هذا أن لا تكون لدينا رؤيتنا للسلام، وأن لا تكون لدينا برامجنا لتسوية سياسية تنطلق من رؤيتنا لتاريخية هذا الصراع بعد هذا الذي وصلنا إليه بعد قرن من الزمان؟ هنالك محاولات الآن للإجابة عن هذا السؤال، منها تلك التي تطرح أن الحلّ الاستراتيجي السلمي قد يؤمّنه قيام دولة واحدة ثنائية القومية، على أساس ديموقراطي وعلماني. ولكن الوقائع على الأرض، تجعل من هذا الحلّ أمراً بعيد المنال، في الزمن الراهن على الأقل. ومن تلك المحاولات أيضا البحثً في أن حلّ إشكالية مسار التقدّم والديمقراطية في المستوى القومي، هو طريق السلام العادل للقضية الفلسطينية.
لكن، في منطق الأمور، هناك تسوية سياسية وهناك أخرى. هناك تسوية سياسية تكون فشلاً جزئياً لإسرائيل بدفعها إلى الانسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة بعد عام 1967، إثباتاً لعجزها عن التوسع حتى بعد انتصارات هائلة. وهناك تسوية سياسية معاكسة، توسع إسرائيل إقليمياً وترفعها سياسياً وتفتح لها أبواب التوسع الاقتصادي وتذل العرب وتدفع بهم إلى التمزق والسقوط.
في منطق الأمور أيضاً، ينبغي أن ندفع عنا الخيار الثاني. لكن كيف نقبض على الخيار الأول في هذه المرحلة العصيبة من تاريخنا ونحن على ما نحن عليه؟
إن من أولى مستلزمات هذا الخيار توفير شرطه العربي اللازم، لكن المضيع
.
لقد نجحت انتفاضة شعبنا الفلسطيني الأولى، التي تميزت بكفاحيتها العالية وأدائها المتميز، بإلحاق ضرر بالغ بإسرائيل وبكشف الغطاء عن حقيقتها العنصرية البغيضة وممارساتها البربرية البشعة أمام الرأي العام العالمي، وبتعريضها لعزلة قلما شهدها تاريخ صراعنا معها. ونجحت أيضاً في إظهار الوجه الحقيقي للإنسان الفلسطيني ونضاله البطولي الذي شوهته الدعاية الإسرائيلية خلال سنوات طوال.
لكن غياب الشرط العربي أسهم في إغلاق الأبواب التي فتحتها تلك الانتفاضة، ومكن إسرائيل من الاستفراد بالشعب الفلسطيني والتنكيل به بصورة غير مسبوقة. ومن نافل القول أن غياب هذا الشرط لعب دوراً كبيراً في عسكرة الانتفاضة الثانية.
صحيح، في هذا السياق، تأكيد موقف نعتبره مبدئياً وبديهياً، وهو أن الكفاح عموماً، بما فيه الكفاح المسلّح والاستشهاد في سبيل تحرير الوطن المحتل، ليس أمراً مشروعاً وحسب، بل هو ضرورة وحاجة وطنية وإنسانية معاً. وهو موقف يتطلّب إثراء ثقافة الاستعداد للتضحية وإبراز مضامينها الإنسانية النبيلة. لكن من الصحيح أيضاً أن الجهاد، والاستشهاد نفسه، وسيلة لتحقيق أهداف سامية (حضارية، وطنية، وإنسانية). وهو وسيلة من وسائل أخرى، (ثقافية، سياسية، واجتماعية) تخدم مشروعاً سياسياً محدداً وواضحاً، الأمر الذي يعني إخضاعه لمراجعة نقدية دائمة على ضوء الوقائع وموازين القوى القائمة والمتحولة، والأهم من ذلك على ضوء نتائجه المحتملة، وعلى ضوء فاعليته وجدواه أيضاً. هذا يحتم علينا أن لا يتحول الاستشهاد إلى هدف لذاته، كي لا يصير تمجيداًُ للموت من أجل الموت
.
إن خطر الانزلاق من ثقافة الجهاد والاستعداد للتضحية حتى الاستشهاد المرتبطة بالمشروع الوطني، إلى "ثقافة الموت" المرتبطة بهيمنة مشاعر اليأس والإحباط والعجز والانعزال - التي عززتها سياسات الأنظمة العربية وإيديولوجياتها بقوة كذلك-، يهدّد المشروع الفلسطيني برمته، ويوفّر للبنية العسكرية الإسرائيلية خيارات لم تكن متاحة لها من قبل. ويساعد إسرائيل، كما تؤكد الوقائع من جديد، بخاصة بعد الحادي عشر من أيلول 2001، ورغم كلّ بربريتها، على تصوير نفسها في موقع الضحية لدى أوساط واسعة للرأي العام العالمي، وعلى تصوير الكفاح الوطني الفلسطيني، على أنه شكل من أشكال الإرهاب.
صحيح أن خيار التوحيد القومي ليس راهناً وليس منظوراً أيضاً لكن المصلحة الوطنية والقومية لجميع الأطراف العربية تقتضي العمل على توفير المداخل اللازمة لبناء موقف عربي موحد يضمن لنا القدرة على التدخل في صوغ الوقائع القائمة، ورسم سياسات عربية موحدة تجاه القضايا الكبرى. وفي أساس هذه المداخل، العمل في سبيل وقف مسار التدهور الذي يتتابع ويتعمق منذ هزيمة حزيران وتصفية العلاقات العربية من الخلافات التي حولتها سياسات الطبقات الحاكمة ومصالحها الضيقة إلى تناقضات عدائية يمكن أن يهدد استمرارها جميع أطرافها. ولكنّ تاريخ علاقة الأنظمة العربية بالصراع العربي الإسرائيلي، لا يبعث على التفاؤل بهذا المجال. تلك الأنظمة، ومنذ البداية، أسهمت في تدعيم أسس إسرائيل، منذ ساعدت على دفع اليهود العرب للهجرة إليها، ثمّ عاشت مستقرّة سعيدة تحت تهديد الشعوب بالخطر الجاثم على الحدود، وبحالة الطوارئ المعلنة عقوداً من السنين من أجل التحرير، من دون تحرير ولا تنمية ولا تقدّم في بناء الدولة الوطنية الحديثة، المستندة إلى حكم القانون والمواطنة وحقوق الإنسان والديمقراطية.
إن وقف مسار التدهور، على أية حال، هو شرط لازم أيضاً لمنع ظهور ثقافة الموت والحيلولة دون انتشارها في صراعنا مع العدو الإسرائيلي، ولضمان الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتوفير الدعم اللازم لكفاح شعبنا الفلسطيني ولحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، في هذه المحطة التاريخية من نضاله، على كامل الأراضي المحتلة في عام 1967 بما فيها القدس، وانسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية المحتلة.
لكنه شرط سوف يظل مضيعاً في ظل استمرار الأوضاع السائدة التي ورطنا بها استبداد حكامنا منذ زمن بعيد. هذا يعني أننا لم نصل إلى ما نحن عليه الآن فجأة
. نحن ندفع الآن ثمن مسار تدهورنا والعدو يقطف ثمار انتصاراته.ندفع بالجملة مستحقات الهزائم التي أنزلناها بأنفسنا، ويقبض عدونا ثمن التوظيف الذي وضعه في قهرنا. لذلك، من الطبيعي أن يندفع بعضنا من اليأس إلى الموت والخلاص السهل، ومن غير الطبيعي ألاّ تبادر قوى شعوبنا الحية إلى تعميم ثقافة الحياة والسلام، وقبول تحدّي العنصرية والإجرام والتطرّف الإسرائيليين والردّ عليه بمقاومة إيجابية فاعلة.
وفي حين تنزع إسرائيل نحو البحث عن سيل الخلاص من العيوب المصاحبة للتجربة الصهيونية، فإنها تعمل أيضاً على البحث عن السبل الكفيلة بإدامة توريطنا في أوضاعنا الراهنة.
بدون إصلاح هذه الأوضاع، والعمل على تغييرها، لن يكون أمامنا سوى متابعة مسار انحدارنا الذي يوصلنا إلى الخراب.
لقد حان وقت الحساب الإجمالي الذي يختتم قرناً من المواجهة ويبدأ بعهد جديد.


من موضوعات حزب الشعب
---------------------------------------------------


ستون عاما على النكبة الفلسطينية (*)
الدكتور عبدالله تركماني
شكلت نكبة فلسطين محطة سوداء في التاريخ العالمي المعاصر: فمن جهة، تم طرد الفلسطينيين من وطنهم وجُرّدوا من أملاكهم. ومن جهة ثانية، تشردوا في بقاع الأرض لمواجهة أصناف المعاناة والويلات كافة. ولعل كتاب " التطهير العرقي " للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، والذي دوّن فيه تاريخ وسياسة التطهير العرقي التي مارستها العصابات الصهيونية ضد أهالي البلدات الفلسطينية في العام 1948، يجعل المجتمع الدولي يتعامل مع إسرائيل كما تعامل مع دولة جنوب أفريقيا خلال فترة حكم " الأبارتهايد ".
ومما يؤسف له، فإن المشهد الفلسطيني الراهن يمثل نكبة جديدة، ويعبّر عن أزمة وطنية متعددة الأوجه، للعدو الإسرائيلي دور أساسي في خلقها وتعميقها ولكن للفلسطينيين مسؤولية أساسية فيما آل إليه هذا المشهد، وعليهم مواجهة هذه الأزمة، عبر آلية حوار وطني جدي يشارك فيه الكل ويتحمل مسؤولياته التاريخية والمصيرية تجاه شعبه. فعلى الفصائل الفلسطينية ألا تتحفنا فقط بمهرجانات وفعاليات النكبة، وما يرافقها من شعارات وخطب رنانة، بل عليها النهوض بالواقع الفلسطيني المؤلم والمأزوم. ولا يكون ذلك سوى بمراجعة شاملة لتحديد جوانب القصور والخطأ لمعالجتها، وتحمّل المسؤولية عما وقع من خطايا.
ومن جهة أخرى، فإن الفكر السياسي العربي بحاجة ماسة للتأسيس لوعي جديد وشامل للنكبة، لأسبابها ونتائجها كما لكيفية تجاوزها، وعيا يمكّننا من العودة للانخراط في التاريخ الواقعي، ولكنه لا يتأسس على النسيان وتغييب الذاكرة. خاصة بعد أن أحيل فعل النكبة، على الأغلب، إلى عملية مؤامرة على العرب، أو إلى جهود أطراف خارجية، أو إلى فرص أضاعها العرب. فعلى مدى السنوات الستين الماضية ونحن نحيي ذكرى النكبة، والإسرائيليون يحيون ما يسمونه بـ " الاستقلال "، هم يتقدمون ويزدادون توسعا وقوة، ونحن نتراجع ونزداد ضعفا وتفرقا، وتمر السنوات وتتكرر المشاهد عاما بعد عام، نكاد لا نتعلم شيئا ولا نبحث عن نقاط القوة والضعف، وظلت الخطابات.
وبالرغم من ذلك، لم تتمكن كل أدوات الضغط على العرب أن تجعل من إسرائيل كيانا مقبولا ومندمجا في المنطقة، فحالة العداء لم تسقط، والتطبيع لم يحصل، وحالة النسيان لم تتحقق. وما زاد من صعوبة الموقف بالنسبة للمشروع الصهيوني أنه أخفق في جذب الكم الأغلب من يهود العالم للعيش في فلسطين المحتلة، وجيش الاحتلال بات من النوع الذي يُقهر، وسقطت الدعاية الصهيونية التي حاولت إرهاب العرب والفلسطينيين بترويج مقولة التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي.
ولعل العلامة الأبرز في إمكانية استعادة الحقوق الفلسطينية هو فشل الصهاينة في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، فلقد تجذرت ثقافة الارتباط بالوطن من قبل أبناء الشعب الفلسطيني، ومثالها الصارخ فلسطينيو الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948، الذين أزعجوا المشروع الصهيوني بتمسكهم بالبقاء في فلسطين وعدم التخلي عنها.
كما ثمة تحليلات إسرائيلية تشير إلى أنّ إسرائيل تسير نحو الانشقاق، نتيجة التناقضات التي نشأت معها منذ قيامها، لاسيما بين المتدينين والعلمانيين، واليهود الشرقيين والغربيين، والقوميين المتعصبين والليبراليين.
ومما يؤسف له أنّ أغلب القوى الفلسطينية لم تدرك أنّ النجاح الكامل للمشروع الصهيوني لم يكتمل بعد، على رغم مضي ستة عقود من الزمن على وقوع النكبة، فمازال يواصل عدوانه على الشعب الفلسطيني، الذي لم يركع ولم يستسلم للوقائع التي حققتها إسرائيل وفرضتها نتائج النكبة المؤلمة، ومازال يخوض نضاله الدؤوب من أجل تحقيق أهدافه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
إنّ تاريخ المنطقة هو تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي ومتغيراته، هذا ما كان حتى اللحظة وما سيكون إلى مستقبل آت طويل نسبيا، فآليات ومسارات ونتائج هذا الصراع، في فصوله الجديدة وتوازناته، تؤسس للمستقبل على المدى المباشر والمتوسط والطويل.
لقد حان الوقت للانتهاء من آثار ستين عاما ثقيلة على العرب، إذ أصبح يتعين علينا أن نقف، بموضوعية وواقعية، أمام روح العصر شركاء فاعلين فيه لا متفرجين سلبيين عليه. إذ آن الأوان لكي يعكس العرب إمكانياتهم الحقيقية على سياساتهم، حتى لا يعود من جديد شبح ذلك الماضي الكئيب ليطل على الأمة من جديد، وكي يتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله وبناء دولته المستقلة القابلة للحياة، وعودة الجولان المحتل إلى سورية، واستكمال تحرير مزارع شبعا اللبنانية.
تونس في 11/5/2008 الدكتور عبدالله تركماني
كاتب وباحث سوري مقيم في تونس
(*) – نُشرت في صحيفة " الوقت " البحرينية – 15/5/2008

----------------------------------------------------------



علي محطة قطار سقط عن الخريطة

محمود درويش
عُشْبٌ، هواء يابس، شوك، وصبار
علي سلك الحديد. هناك شكل الشيء
في عبثية اللاشكل يمضغ ظِلَّهُ...
عدم هناك موثق.. ومطوَّقٌ بنقيضه
ويمامتان تحلقان
علي سقيفة غرفة مهجورة عند المحطةِ
والمحطةُ مثل وشم ذاب في جسد المكان
هناك ايضا سروتان نحيلتان كإبرتين طويلتين
تطرّزان سحابة صفراء ليمونيّةً
وهناك سائحةٌ تصوّر مشهدين:
الأوّلَ، الشمسَ التي افترشتْ سرير البحرِ
والثاني، خُلوَّ المقعدِ الخشبيِّ من كيس المسافرِ

(يضجر الذهب السماويُّ المنافقُ من صلابتهِ)

وقفتُ علي المحطة.. لا لأنتظر القطارَ
ولا عواطفيَ الخبيئةَ في جماليات شيء ما بعيدٍ،
بل لأعرف كيف جُنَّ البحرُ وانكسر المكانُ
كحجرة خزفية، ومتي ولدتُ وأين عشتُ،
وكيف هاجرتِ الطيورُ الي الجنوب او الشمال.
ألا تزال بقيتي تكفي لينتصر الخياليُّ الخفيفُ
علي فساد الواقعيِّ؟ ألا تزال غزالتي حُبلَي؟

(كبرنا. كم كبرنا، والطريق الي السماء طويلةٌ)

كان القطار يسير كالأفعي الوديعة من
بلاد الشام حتي مصر. كان صفيرُهُ
يخفي ثُغاءَ الماعزِ المبحوحَ عن نهم الذئاب.
كأنه وقت خرافي لتدريب الذئاب علي صداقتنا.
وكان دخانه يعلو علي نار القري المتفتّحات
الطالعات من الطبيعة كالشجيراتِ.

(الحياةُ بداهةٌ. وبيوتنا كقلوبنا مفتوحةُ الأبواب)

كنا طيبين وسُذَّجاً. قلنا: البلادُ بلادُنا
قلبُ الخريطة لن تصاب بأيَّ داءٍ خارجيٍّ.
والسماء كريمة معنا، ولا نتكلم الفصحي معاً
الا لماماً: في مواعيد الصلاة، وفي ليالي القَدْر.
حاضُرنا يسامرنا: معاً نحيا، وماضينا يُسلّينا:
اذا احتجتم إليّ رجعتُ . كنا طيبين وحالمين
فلم نر الغدَ يسرق الماضي.. طريدَتَهُ، ويرحلُ

(كان حاضرنا يُرَبِّي القمح واليقطين قبل هنيهة،
ويُرقِّصُ الوادي)

وقفتُ علي المحطة في الغروب: ألا تزال
هنالك امرأتان في امرأة تُلَمِّعُ فَخْذَهَا بالبرق؟
اسطوريتان ـ عدوّتان ـ صديقتان، وتوأمان
علي سطوح الريح. واحدةٌ تغازلني. وثانيةٌ
تقاتلني؟ وهل كَسَرَ الدمُ المسفوكُ سيفاً
واحداً لأقول: إنّ إلهتي الأولي معي؟

(صدَّقْتُ أغنيتي القديمةَ كي أكذّبَ واقعي)

كان القطار سفينةً بريةً ترسو.. وتحملنا
الي مدن الخيال الواقعية كلما احتجنا الي
اللعب البريء مع المصائر. للنوافذ في القطار
مكانةُ السحريِّ في العاديِّ: يركض كل شيء.
تركض الاشجار والافكار والامواج والابراج
تركض خلفنا. وروائح الليمون تركض. والهواء
وسائر الاشياء تركض، والحنين الي بعيد
غامضٍ، والقلب يركضُ.

(كلُّ شيءٍ كان مختلفاً ومؤتلفاً)
وقفتُ علي المحطة. كنت مهجوراً كغرفة حارس
الأوقات في تلك المحطة. كنتُ منهوباً يطل
علي خزائنه ويسأل نفسه: هل كان ذاك
العقلُ / ذاك الكنزُ لي؟ هل كان هذا
اللازورديُّ المبلَّلُ بالرطوبة والندي الليليِّ لي؟
هل كنتُ في يوم من الأيام تلميذَ الفراشة
في الهشاشة والجسارة تارة، وزميلها في
الاستعارة تارة؟ هل كنت في يوم من الايام
لي؟ هل تمرض الذكري معي وتُصابُ بالحُمَّي؟

(أري أثري علي حجر، فأحسب انه قَمَري
وأنشدُ واقفاً)

طللية اخري وأُُهلك ذكرياتي في الوقوف
علي المحطة. لا أحب الآن هذا العشب،
هذا اليابس المنسيّ، هذا اليائس العبثيَّ،
يكتب سيرة النسيان في هذا المكان الزئبقيِّ.
ولا أحب الأقحوان علي قبور الأنبياء.
ولا أحب خلاص ذاتي بالمجاز، ولو أرادتني
الكمنجةُ ان اكون صدي لذاتي. لا احب سوي
الرجوع الي حياتي، كي تكون نهايتي سرديةً لبدايتي.

(كدويّ أجراسٍ، هنا انكسر الزمان)

وقفتُ في الستين من جرحي. وقفتُ علي
المحطة، لا لأنتظر القطار ولا هتاف العائدين
من الجنوب الي السنابل، بل لأحفظ ساحل
الزيتون والليمون في تاريخ خارطتي. أهذا...
كل هذا للغياب وما تبقي من فُتات الغيب لي؟
هل مرَّ بي شبحي ولوّح من بعيد واختفي
وسألتُهُ: هل كلما ابتسم الغريبُ لنا وَحَيَّانا
ذبحنا للغريب غزالةً؟

(وقع الصدي مني ككوز صنوبرٍ)

لا شيء يرشدني الي نفسي سوي حدسي.
تبيض يمامتان شريدتان رسائلَ المنفي علي كتفيَّ،
ثم تحلقان علي ارتفاع شاحب. وتمرُّ سائحةٌ
وتسألني: أيمكن ان أصوّركَ احتراماً للحقيقة؟
قلت: ما المعني؟ فقالت لي: أيمكن ان أصوّرك
امتدادا للطبيعةِ؟ قلت: يمكنُ.. كل شيء ممكنٌ.
فَعِمِي مساءً، واتركيني الآن كي أخلو الي
الموت.. ونفسي!

(للحقيقة، ههنا وجه وحيدٌ واحدٌ
ولذا.. سأنشد:)

أنتَ أنتَ ولو خسرتَ. أنا وأنتَ اثنان
في الماضي، وفي الغد واحد. مَرَّ القطار
ولم نكن يَقِظَيْنِ، فانهض كاملاً متفائلاً،
لا تنتظر احداً سواك هنا. هنا سقط القطار
عن الخريطة عند منتصف الطريق الساحليِّ.
وشبَّت النيرانُ في قلب الخريطة، ثم اطفأها
الشتاء وقد تأخر. كم كبرنا كم كبرنا
قبل عودتنا الي أسمائنا الأولي:

(أقول لمن يراني عبر منظار علي بُرْجِ الحراسةِ:
لا أراكَ، ولا أراكََ )

أري مكاني كُلَّهُ حولي. أراني في المكان بكل
أعضائي وأسمائي. أري شجر النخيل ينقّح
الفصحي من الأخطاء في لغتي. أري عادات
زهر اللوز في تدريب أغنيتي علي فرح
فجائيٍّ . اري أثري وأتبعه. أري ظلي
وأرفعه من الوادي بملقط شعر كنعانية
ثكلي. أري ما لا يُري من جاذبيةِ
ما يسيل من الجمال الكامل المتكامل الكُليِّ
في أبد التلال، ولا اري قنّاصتي.

(ضيفاً علي نفسي أحلُّ )

هناك موتي يوقدون النار حول قبورهم.
وهناك احياءٌ يُعِدّون العشاء لضيفهم.
وهناك ما يكفي من الكلمات كي يعلو المجاز
علي الوقائع. كلما اغتمَّ المكانُ أضاءه
قمر نُحاسيٌّ وَوَسَّعَهُ. انا ضيف علي نفسي.
ستحرجني ضيافتها وتبهجني فأشرق بالكلام
وتشرق الكلمات بالدمع العصيّ. ويشرب الموتي
مع الأحياء نعناع الخلود، ولا يطيلون
الحديث عن القيامة

(لا قطار هناك، لا أحد سينتظر القطار)

بلادنا قَلْبُ الخريطة. قلبها المثقوبُ مثل القرش
في سوق الحديد. وآخر الركاب من احدي
جهات الشام حتي مصر لم يرجع ليدفع اجرة
القناص عن عمل اضافيٍّ كما يتوقع الغرباء.
لم يرجع ولم يحمل شهادة موته وحياته معه
لكي يتبين الفقهاء في علم القيامة أين موقعه
من الفردوس. كم كنا ملائكة وحمقي حين
صدقنا البيارق والخيول، وحين آمنّا بأن جناح
نسر سوف يرفعنا الي الأعلي!

(سمائي فكرةٌ. والأرض منفايَ المُفَضَّلُ)

كلُّ ما في الأمر اني لا اصدق غير حدسي.
للبراهين الحوار المستحيلُ. لقصة التكوين
تأويلُ الفلاسفة الطويلُ. لفكرتي عن عالمي
خَلَلٌ يسبّبه الرحيل. لجرحي الأبديِّ محكمة
بلا قاض حياديٍّ. يقول لي القضاة المنهكون
من الحقيقة: كل ما في الامر أن حوادث
الطرقات أمرٌ شائع. سقط القطار عن
الخريطة واحترقتَ بجمرة الماضي. وهذا لم
يكن غزواً!
ولكني اقول: وكل ما في الأمر اني
لا اصدّق غير حدسي



----------------------------------------------


يتماثل للشفاء من عمل جراحي والسلطات تستمر في اضطهاده !

رياض سيف:
الاربعاء/14/أيار/2008 النداء: www.damdec.org

كتب مراسل النداء :
تمّ نقل الأستاذ رياض سيف (رئيس هيئة الأمانة العامة لإعلان دمشق) من سجن عدرا في ريف دمشق بتاريخ 4/5/2008 ، إلى مشفى خاص في العاصمة تحت حراسة أمنية مشددة. حيث خضع لفحوصات قلبية ( من دون إجراء قثطرة لمتابعة وضع شرايينه، المعروف سابقا أنها مصابة بحالات انسداد )، قبل أن تُجرى له عملية تجريف للبروستات، وعلاج بطريقة الأمواج فوق الصوتية، في محاولة لمكافحة خطر السرطان الداهم والمنتشر. ثم أعيد إلى سجنه مباشرة بتاريخ 10/5/2008.
وكان مرض أ.سيف موضع دراسة من قبل إخصائيين أجانب اقترحوا ضرورة معالجته بطريقة مختلفة، كما قدموا إمكانات لها لا تتوفر داخل سورية، لكن منعه من السفر حال دون ذلك. ثم تعرّض للاعتقال بتاريخ 28/1/2008، وأحيل للتحقيق فوجهت إليه التهم برسم المحاكمة مع زملائه من قيادات إعلان دمشق كما هو معروف.
ومن المؤلم أن السلطات الأمنية تابعت سلوكها ضده، وهو مازال في وضع النقاهة، ولم يمض على خروجه من المشفى أكثر من يومين ، فأجبرته على المثول أمام القضاء في القصر العدلي بدمشق يوم الاثنين 12/5/2008، وفي دعوى مدنية تتعلق بخلاف مالي قديم مع قريب له.
وفي حين تابعت هيئات إعلان دمشق، وناشطيه والعديد من المهتمين، تلك الأخبار بقلق، ووجهوا للأستاذ سيف تهنئتهم بالسلامة كما تمنوا له دوام الصحة والعافية، فقد استنكروا جميعا المعاملة الفظة التي مازال يلقاها من قبل سلطات الأمن والسجن خصوصا، إذ تستمر التضييقات عليه، ومنها النوم على الأرض حتى بعد عمليته المذكورة.
ومن المعروف أن قضية الأستاذ سيف ورفاقه من معتقلي إعلان دمشق وفي مقدمتهم د. فداء الحوراني مازالت العنوان الأبرز لقضية الحرية والديمقراطية في سوريا، وذلك منذ بدء حملة الاعتقالات التي طاولتهم عشية الذكرى الستين لإعلان حقوق الإنسان العالمي في 10/12/2007.
هذا وقد أجمعت أوساط واسعة في الرأي العام المحلي والدولي على أن الإفراج عنهم وعن جميع معتقلي الرأي هو المدخل الأساس للإصلاح السوري المرتجى.



-----------------------------------------------



ثقافة ومجتمع 14.05.2008
مقاهي الشيشة في ألمانيا وقانون منع التدخين
تدخين الشيشة تحول إلى آخر صيحات الموضة لدى الشباب الألماني

أصبح تدخين الشيشة في ألمانيا موضة شائعة تلقى إقبالا متزايدا ليس من قبل المهاجرين ذوي الأصول العربية والتركية فحسب وإنما أيضا من قبل الشباب الألمان والأوروبيين. غير أن قانون منع التدخين أصاب مقاهي الشيشة في الصميم.

انتشر تدخين الشيشة في أوروبا في السنوات الأخيرة بين أوساط الشباب الأوروبي ليصبح بمثابة موضة، إذ فتحت قبل سنوات قليلة أولى مقاهي الشيشة في عدد من العواصم الأوروبية: في لندن وباريس وموسكو وبرلين. وفي ألمانيا أصبحت تدخين الشيشة في عدد بعض المدن جزءا لا يتجزأ من الحياة الليلية. وتحمل مقاهي الشيشة في العادة أسماء شرقية على غرار "علي بابا" و"سمارة" و"القافلة" أو أسماء مدن شرقية مثل "بيروت" أو "إسطنبول". كما أن أصحاب هذه المقاهي هم في العادة من أصول مهاجرة عربية أو تركية.
مقهى يشبه خيمة عربية في ألمانيا
لكن يبدو أن التيار القادم من الشرق قد هب على ألمانيا في وقت غير مناسب، إذ أن قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة كالمقاهي مثلا دخل إلى حيز التنفيذ منذ بداية السنة الجارية في عدد من الولايات الألمانية. أما في الولايات المتبقية على غرار ولاية شمال الراين واستفاليا وولاية برلين، فسيدخل قانون حظر التدخين حيز التنفيذ في غضون بعض الأسابيع في شهر يوليو/تموز القادم. ما دفع بعض أصحاب مقاهي الشيشة في ألمانيا الاحتجاج في ألمانيا وذلك خوفا من فقدان مورد رزقهم بين عشية وضحاها. ومن بينهم أبو هشام وهو سوري الأصل، الذي كان قد أفتتح قبل ست سنوات مقهى شيشة وأطلق عليه اسم النواعير تذكيرا بمسقط رأسه مدينة حماة السورية.

جزء من الوطن في أرض الغربة

ويقع مقهى النواعير في مكان هادئ على هضبة وسط مدينة بادغوديسبيرغ الواقعة على ضفاف نهر الراين في مدينة بون الألمانية. وتغطي نوافذ المقهى ستائر سميكة قرمزية اللون. أما على مدخل المقهى الضيق فقد عُلقت لافتة، كُتب عليها باللغتين العربية والألمانية: "يُمنع تدخين الشيشة لأقل من ثمانية عشر عاما". في حين نُصبت في مدخل مقهى النواعير واجهتين زجاجيتين مضاءتين، حيث يعرض عدد من الشيشات "الأرجيلات" بمختلف الأحجام والألوان وعلب من التبغ بمختلف النكهات والألوان.
عدد متزايد من البنات الألمانيات يبلن على تدخين الشيشة
انبعثت موسيقى عربية من جهاز تلفاز بشاشة مسطحة وكبيرة، مضفية جوا من الطرب، إضافة إلى روائح متنوعة كرائحة التفاح والمشمش والنعناع تعبق المقهى. وجابت سحب الدخان فضاء المقهى وعانق المصابيح الخافتة المعلقة في سقف المقهى. في حين ذكرت مخدات حمراء ومقاعد مريحة وزرابي مزركشة الزائر بخيمة بدو في قلب الصحراء العربية.

جلس عدد من رواد المقهى لارتشاف القهوة العربية من فناجين صغيرة، في حين شرب البعض الآخر كؤوس من الشاي الأخضر بالنعناع. اللافت أن غالبية رواد المقهى من الشباب الأوروبي، كالفتاة الأوكرانية أولغا التي أتت لمقهى النواعير لتدخن الشيشة لأول مرة في حياتها. لذلك أتى أبو هشام، صاحب المقهى، خصيصا ليشرح لها كيفية تدخين الشيشة.

على الطاولة المجاورة تجلس روزالين مع شقيقها الأصغر محمود. الشابة الكردية تعرف الشيشة منذ نعومة أظافرها خلال رحلاتها القصيرة إلى وطن الأصل سورية. وعلى الرغم من أن روزالين تمتلك في المنزل شيشة خاصة بها، إلا أنها تحرص على القدوم إلى مقهى النواعير مرتين في الشهر على الأقل. وتقول روزالين إن مقهى النواعير بأجوائها الشرقية تذكرها بوطنها سورية. أما شقيقها محمود فإنه يأتي إلى المقهى لملاقاة والتعرف على البنات، اللواتي اكتشفن موضة تدخين الشيشة على غرار الألمانية ناتالي، التي ولعت بتدخين الشيشة وبالموسيقى العربية.

وتتوافد الشابات الألمانيات على مقاهي الشيشة في ألمانيا، حيث تحولت هذه المحلات إلى مكان لتلاقي الشباب والتعارف بين بعضهم البعض. كما يفضل عدد من المسلمين الملتزمين الذهاب إلى مقاهي الشيشة بدلا عن الحانات أو الملاهي الليلية، فمقاهي الشيشة لا تقدم في العادة إلا مشروبات عربية أو تركية غير كحولية.

قانون منع التدخين يهدد وجود الشيشة في الحياة العامة في ألمانيا
حسب القانون الجديد فإنه سيحظر تدين الشيشة في كل الأماكن العامة المغلقة
غير أن هذا الإقبال تأثر بقانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة، الذي سيشمل أيضا مقاهي الشيشة في ألمانيا، وقد دخل بالفعل حيز التنفيذ في بعض الولايات الألمانية. أما بالنسبة لولاية شمال الراين واستفاليا فمن المنتظر أن يدخل قانون منع التدخين في بداية شهر يوليو/حزيران القادم حيز التنفيذ. وبعد هذا الأجل يتعين على المطاعم والمقاهي والأماكن العامة المغلقة الالتزام بحظر التدخين. بيد أنهم بإمكانهم إنشاء غرفة مغلقة ومنعزلة خاصة يُسمح فيها بالتدخين.

وعند مخالفة الحظر فإنه يتعين على أصحاب مقاهي الشيشة دفع غرامات مالية تقدر بخمسمائة يورو على الأقل. وهو أمر يؤرق أبو هشام، صاحب مقهى النواعير، الذي عبر عن استيائه من القانون الجديد. ويقول أبو هشام إن مقهى الشيشة مكان جُعل للتدخين وإن من يتردد على محله هم من المدخنين. وأضاف أبو هشام أنه عندما يقسم المقهى إلى مكان خاص للمدخنين وآخر لغير المدخنين فإنه سيفقد على الأقل نصف الزبائن. كما أن عددهم سيتراجع، الأمر الذي قد يدفعه إلى غلق المقهى

"الشيشة تحتوي على نفس المواد الضارة بالصحة"

ويأتي قانون منع التدخين بعد قرارات مشابهة اتخذت في إيطاليا ومالطا والنرويج وإسبانيا والسويد وبريطانيا وفرنسا. ويأتي هذا القانون نظرا للأضرار الصحية التي يسببها التدخين للمدخنين ولغير المدخنين الذين يستنشقون الدخان، فحسب المركز الألماني للتوعية الصحية فإن الشيشة تحتوي على نفس المواد الضارة بالصحة، التي يفرزها تدخين السيجارة، وبالتالي فإن الدخان المنبعث عند تدخين الشيشة يضر كذلك بغير المدخنين المتواجدين بالقرب من المدخنين. كما أن المواد المنبعثة من السيجارة أو التبغ المحترق تتسبب في التأثير سلبا على الجهاز النفسي وانسداد الشرايين وارتفاع الضغط الدموي وغيرها من الأمراض. وفي النهاية يبقى على أبو هشام أن يجد حلا في غضون بعض الأسابيع: ففي فصل الصيف بإمكانه تقديم الشيشة لزبائنه خارج المقهى بشرط أن يبقى الجو صافيا طيلة هذه الفترة وهو أمر غير أكيد في ألمانيا.

شمس العياري
-----------------------------------------------------

أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

يسعى هذا الموقع إلى نشر مساهمات الكتاب في مختلف المواضيع التي تهم المواطن السوري ويأمل أن يكون جسراً بين الداخل والخارج وأن يساهم في حوار وطني يلتزم باحترام الرأي الآخر ويلتزم القيم الوطنية والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان ونتمنى أن يساهم الرفاق والأصدقاء في إغناء هذا الموقع والتواصل معه وشكراً.


المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها فقط


يرجى المراسلة على العنوان التالي

bayad53@gmail.com



Blog-Archiv

منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا

أهلآ بكم في موقع منظمة حزب الشعب الديمقراطي السوري في ألمانيا